Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 61-70)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَمَّن جَعَلَ ٱلأَرْضَ قَرَاراً } بدل من { أَمَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ } وجعلها قراراً بإبداء بعضها من الماء وتسويتها بحيث يتأتى استقرار الإِنسان والدواب عليها . { وَجَعَلَ خِلاَلَهَا } وسطها . { أَنْهَاراً } جارية . { وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ } جبالاً تتكون فيها المعادن وتنبع من حضيضها المنابع . { وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ } العذب والمالح ، أو خليجي فارس والروم . { حَاجِزاً } برزخاً وقد مر بيانه في سورة « الفرقان » . { أََءِلَهٌ مَّعَ ٱللهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } الحق فيشركون به . { أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ } المضطر الذي أحوجه شدة ما به إلى اللجوء إلى الله تعالى من الاضطرار ، وهو إفتعال من الضرورة واللام فيه للجنس لا للاستغراق فلا يلزم منه إجابة كل مضطر . { وَيَكْشِفُ ٱلسُّوء } ويدفع عن الإِنسان ما يسوءه . { وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ٱلأَرْضِ } خلفاء فيها بأن ورثكم سكناها والتصرف فيها ممن قبلكم . { أََءِلَهٌ مَّعَ ٱللهِ } الذي خصكم بهذه النعم العامة والخاصة . { قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } أي تذكرون آلاءه تذكراً قليلاً ، وما مزيدة والمراد بالقلة العدم أو الحقارة المزيحة للفائدة . وقرأ أبو عمرو وهشام وروح بالياء وحمزة والكسائي وحفص بالتاء وتخفيف الذال . { أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَـٰتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ } بالنجوم وعلامات الأرض ، والـ { ظُلُمَـٰتِ } ظلمات الليالي وإضافتها إلى { ٱلْبَرّ وَٱلْبَحْرِ } للملابسة ، أو مشتبهات الطرق يقال طريقة ظلماء وعمياء للتي لا منار بها . { وَمَن يُرْسِلُ ٱلرّيَاحَ بُشْرًاَ بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } يعني المطر ، ولو صح أن السبب الأكثر في تكون الرياح معاودة الأدخنة الصاعدة من الطبقة الباردة لإِنكسار حرها وتمويجها الهواء فلا شك أن الأسباب الفاعلية والقابلية لذلك من خلق الله تعالى ، والفاعل للسبب فعل المسبب . { أَءِلَهٌ مَّعَ ٱللهِ } يقدر على مثل ذلك . { تَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } تعالى الله القادر الخالق عن مشاركة العاجز المخلوق . { أَمَّن يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ } والكفرة وإن أنكروا الإِعادة فهم محجوجون بالحجج الدالة عليها . { وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَاءِ وٱلأَرْضِ } أي بأسباب سماوية وأرضية . { أَءِلَهٌ مَّعَ ٱللهِ } يفعل ذلك . { قُلْ هَاتُواْ بُرْهَـٰنَكُمْ } على أن غيره يقدر على شيء من ذلك . { إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } في إشراككم فإن كمال القدرة من لوازم الألوهية . { قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ ٱلْغَيْبَ إِلاَّ ٱللَّهُ } لما بين اختصاصه تعالى بالقدرة التامة الفائقة العامة أتبعه ما هو كاللازم له ، وهو التفرد بعلم الغيب والاستثناء منقطع ، ورفع المستثنى على اللغة التميمية للدلالة على أنه تعالى إن كان ممن في السموات والأرض ففيها من يعلم الغيب مبالغة في نفيه عنهم ، أو متصل على أن المراد ممن في السموات والأرض من تعلق علمه بها واطلع عليها اطلاع الحاضر فيها ، فإنه يعم الله تعالى وأولي العلم من خلقه وهو موصول أو موصوف . { وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } متى ينشرون مركبة من « أي » « وآن » ، وقرئت بكسر الهمزة والضمير لمن وقيل للكفرة . { بَلِ ٱدَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ } لما نفى عنهم علم الغيب وأكد ذلك ينفي شعورهم بما هو مآلهم لا محالة بالغة فيه ، بأن أضرب عنه وبين أن ما انتهى وتكامل فيه أسباب علمهم من الحجج والآيات وهو أن القيامة كائنة لا محالة لا يعلمونه كما ينبغي . { بَلْ هُمْ فِي شَكّ مّنْهَا } كمن تحير في الأمر لا يجد عليه دليلاً . { بَلْ هُم مّنْهَا عَمُونَ } لا يدركون دلائلها لاختلال بصيرتهم ، وهذا وإن اختص بالمشركين ممن في السموات والأرض نسب إلى جميعهم كما يسند فعل البعض إلى الكل ، والإِضرابات الثلاث تنزيل لأحوالهم ، وقيل الأول إضراب عن نفي الشعور بوقت القيامة عنهم إلى وصفهم باستحكام علمهم في أمر الآخرة تهكماً بهم ، وقيل أدرك بمعنى انتهى واضمحل من قولهم أدركت الثمرة لأن تلك غايتها التي عندها تعدم . وقرأ نافع وابن عامر وحمزة والكسائي وحفص » بَلِ أَدْرَاكَ « بمعنى تتابع حتى استحكم ، أو تتابع حتى انقطع من تدارك بنو فلان إذا تتابعوا في الهلاك ، وأبو بكر « أدرك » وأصلهما تفاعل وافتعل . وقرىء « أأدرك » بهمزتين « وآأدرك » بألف بينهما و « بل أدرك » و « بل تدارك » و « بلى أأدرك » و « بلى أأدرك » و « أم إدراك » أو « تدارك » ، وما فيه استفهام صريح أو مضمن من ذلك فإنكار وما فيه بلى فإثبات لشعورهم وتفسير له بالإِدراك على التهكم ، وما بعده إضراب عن التفسير مبالغة في نفيه ودلالة على أن شعورهم بها أنهم شاكون فيها { بَلِ } إنهم { مّنْهَا عَمُونَ } أوْ رَدَّ وإنكار لشعورهم . { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَءِذَا كُنَّا تُرَاباً وَءَابَاؤُنَا أَءِنَّا لَمُخْرَجُونَ } كالبيان لعمههم والعامل في إذا ما دل عليه { أَءنَّا لَمُخْرَجُونَ } ، وهو نخرج لا مخرجون لأن كلاً من الهمزة وإن واللام مانعة من عمله فيما قبلها ، وتكرير الهمزة للمبالغة في الإِنكار ، والمراد بالإِخراج الإِخراج من الأجداث أو من حال الفناء إلى الحياة ، وقرأ نافع « إذا كنا » بهمزة واحدة مكسورة ، وقرأ ابن عامر والكسائي « إننا لمخرجون » بنونين على الخبر . { لَقَدْ وُعِدْنَا هَـٰذَا نَحْنُ وَءَابَآؤُنَاَ مِن قَبْلُ } من قبل وعد محمد صلى الله عليه وسلم ، وتقديم هذا على نحن لأن المقصود بالذكر هو البعث وحيث أخر فالمقصود به المبعوث . { إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ أَسَـٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } التي هي كالأسمار . { قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَاْنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ } تهديد لهم على التكذيب وتخويف بأن ينزل بهم مثل ما نزل بالمكذبين قبلهم ، والتعبير عنهم بـ { ٱلْمُجْرِمِينَ } ليكون لطفاً بالمؤمنين في ترك الجرائم . { وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ } على تكذبيهم وإعراضهم . { وَلاَ تَكُن فِي ضَيْقٍ } في حرج صدر ، وقرأ ابن كثير بكسر الضاد وهما لغتان ، وقرىء ضيق أي أمر ضيق . { مّمَّا يَمْكُرُونَ } من مكرهم فإن الله يعصمك من الناس .