Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 19-27)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَوَ لَمْ يَرَوْاْ كَيْفَ يُبْدِىءُ ٱللَّهُ ٱلْخَلْقَ } من مادة ومن غيرها ، وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر بالتاء على تقدير القول وقرىء « يبدأ » . { ثُمَّ يُعِيدُهُ } إخبار بالإِعادة بعد الموت معطوف على { أَوَ لَمْ يَرَوْاْ } لا على { يُبْدِىء } ، فإن الرؤية غير واقعة عليه ويجوز أن تؤول الإِعادة بأن ينشىء في كل سنة مثل ما كان في السنة السابقة من النبات والثمار ونحوهما وتعطف على { يُبْدِىء } . { إِنَّ ذٰلِكَ } الإِشارة إلى الإِعادة أو إلى ما ذكر من الأمرين . { عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } إذ لا يفتقر في فعله إلى شيء . { قُلْ سِيرُواْ فِى ٱلأَرْضِ } حكاية كلام الله لإِبراهيم أو محمد عليهما الصلاة والسلام . { فَٱنظُرُواْ كَيْفَ بَدَأَ ٱلْخَلْقَ } على اختلاف الأجناس والأحوال . { ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِىء ٱلنَّشْأَةَ ٱلآخِرَةَ } بعد النشأة الأولى التي هي الإِداء ، فإنه والإِعادة نشأتان من حيث أن كلاً اختراع وإخراج من العدم ، والإِفصاح باسم الله مع إيقاعه مبتدأ بعد إضماره في بدأ والقياس الاقتصار عليه للدلالة على أن المقصود بيان الإِعادة ، وأن من عرف بالقدرة على الإِبداء ينبغي أن يحكم له بالقدرة على الإِعادة لأنها أهون والكلام في العطف ما مر ، وقرىء « النشاءة » كالرآفة . { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } لأن قدرته لذاته ونسبة ذاته إلى كل الممكنات على سواء فيقدر على النشأة الأخرى كما قدر على النشأة الأولى . { يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ } تعذيبه . { وَيَرْحَمُ مَن يَشَاءُ } رحمته . { وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ } تردون . { وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ } ربكم عن إدراككم . { فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَاء } إن فررتم من قضائه بالتواري في الأرض أو الهبوط في مهاويها ، والتحصن { فِى ٱلسَّمَاء } أو القلاع الذاهبة فيها وقيل ولا من في السماء كقول حسان : @ أَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ الله مِنْكُم وَيَمْدَحهُ وَيَنْصُرهُ سَوَاء @@ { وَمَا لَكُم مّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِيرٍ } يحرسكم عن بلاء يظهر من الأرض أو ينزل من السماء ويدفعه عنكم . { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـئَايَـٰتِ ٱللَّهِ } بدلائل وحدانيته أو بكتبه . { وَلِقَائِهِ } بالبعث . { أُوْلَـئِكَ يَئِسُواْ مِن رَّحْمَتِى } أي ييأسون منها يوم القيامة ، فعبر عنه بالماضي للتحقق والمبالغة ، أو أيسوا في الدنيا لإنكار البعث والجزاء . { وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } بكفرهم . { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ } قوم إبراهيم له . وقرىء بالرفع على أنه الاسم والخبر . { إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱقْتُلُوهُ أَوْ حَرّقُوهُ } وكان ذلك قول بعضهم لكن لما قيل فيهم ورضي به الباقون أسند إلى كلهم . { فَأَنْجَاهُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلنَّارِ } أي فقذفوه في النار فأنجاه الله منها بأن جعلها عليه برداً وسلاماً . { إِنَّ فِى ذَلِكَ } في إنجائه منها . { لآيَاتٍ } هي حفظه من أذى النار وإخمادها مع عظمها في زمان يسر وإنشاء روض مكانها . { لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } لأنهم المنتفعون بالتفحص عنها والتأمل فيها . { وَقَالَ إِنَّمَا ٱتَّخَذْتُمْ مّن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَـٰناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } أي لتتوادوا بينكم وتتواصلوا لاجتماعكم على عبادتها ، وثاني مفعولي { ٱتَّخَذْتُمْ } محذوف ويجوز أن تكون مودة المفعول الثاني بتقدير مضاف أي اتخذتم أوثان سبب المودة بينكم أو بتأويلها بالمودودة ، وقرأها نافع وابن عامر وأبو بكر منونة ناصبة بينكم والوجه ما سبق ، وابن كثير وأبو عمرو والكسائي ورويس مرفوعة مضافة على أنها خبر مبتدأ محذوف أي هي مودودة أو سبب مودة بينكم ، والجملة صفة { أَوْثَـٰناً } أو خبر إن على { إِنَّمَا } مصدرية أو موصولة والعائد محذوف وهو المفعول الأول ، وقرئت مرفوعة منونة ومضافة بفتح { بَيْنِكُمْ } كما قرىء { لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ } [ الأنعام : 94 ] وقرىء « إنما مودة بينكم » . { ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً } أي يقوم التناكر والتلاعن بينكم ، أو بينكم وبين الأوثان على تغليب المخاطبين كقوله تعالى : { وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً } [ مريم : 82 ] { وَمَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مّن نَّـٰصِرِينَ } يخلصونكم منها . { فَـئَامَنَ لَهُ لُوطٌ } هو ابن أخيه وأول من آمن به ، وقيل إنه آمن به حين رأى النار لم تحرقه . { وَقَالَ إِنّى مُهَاجِرٌ } من قومي . { إِلَىٰ رَبّى } إلى حيث أمرني . { إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَزِيزُ } الذي يمنعني من أعدائي . { ٱلْحَكِيمُ } الذي لا يأمرني إلا بما فيه صلاحي . روي أنه هاجر من كوثى من سواد الكوفة مع لوط وامرأته سارة ابنة عمه إلى حران ، ثم منها إلى الشام فنزل فلسطين ونزل لوط سدوم . { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَـٰقَ وَيَعْقُوبَ } ولداً ونافلة حين أيس من الولادة من عجوز عاقر ولذلك لم يذكر إسماعيل . { وَجَعَلْنَا فِى ذُرّيَّتِهِ ٱلنُّبُوَّةَ } فكثر منهم الأنبياء . { وَٱلْكِتَـٰبَ } يريد به الجنس ليتناول الكتب الأربعة . { وَءَاتَيْنَاهُ أَجْرَهُ } على هجرته إلينا . { فِى ٱلدُّنْيَا } بإعطاء الولد في غير أوانه ، والذرية الطيبة واستمرار النبوة فيهم وإنماء أهل الملل إليه والثناء والصلاة عليه إلى آخر الدهر . { وَإِنَّهُ فِى ٱلآخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ } لفي عداد الكاملين في الصلاح .