Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 11-18)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } بقلوبهم . { وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ } فيجازي الفريقين . { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّبِعُواْ سَبِيلَنَا } الَّذِي نسلكه في ديننا . { وَلْنَحْمِلْ خَطَـٰيَـٰكُمْ } إن كان ذلك خطيئة أو إن كان بعث ومؤاخذة ، وإنما أمروا أنفسهم بالحمل عاطفين على أمرهم بالاتباع مبالغة في تعليق الحمل بالاتباع والوعد بتخفيف الأوزار عنهم إن كانت تشجيعاً لهم عليه ، وبهذا الاعتبار رد عليهم وكذبهم بقوله : { وَمَا هُمْ بِحَـٰمِلِينَ مِنْ خَطَـٰيَـٰهُمْ مّن شَىْءٍ إِنَّهُمْ لَكَـٰذِبُونَ } من الأولى للتبيين والثانية مزيدة والتقدير : وما هم بحاملين شيئاً من خطاياهم . { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ } أثقال ما اقترفته أنفسهم . { وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ } وأثقالاً أخر معها لما تسببوا له بالإِضلال والحمل على المعاصي من غير أن ينقص من أثقال من تبعهم شيء . { وَلَيُسْـئَلُنَّ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } سؤال تقريع وتبكيت . { عَمَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } من الأباطيل التي أضلوا بها . { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً } بعد المبعث ، إذ روي أنه بعث على رأس الأربعين ودعا قوماً تسعمائة وخمسين وعاش بعد الطوفان ستين ، ولعل اختيار هذه العبارة للدلالة على كمال العدد فإن تسعمائة وخمسين قد يطلق على ما يقرب منه ولما في ذكر الألف من تخييل طول المدة إلى السامع ، فإن المقصود من القصة تسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم وتثبيته على ما يكابده من الكفرة واختلاف المميزين لما في التكرير من البشاعة . { فَأَخَذَهُمُ ٱلطُّوفَانُ } طوفان الماء وهو لما طاف بكثرة من سيل أو ظلام أو نحوهما . { وَهُمْ ظَـٰلِمُونَ } بالكفر . { فأَنْجَيْنـٰهُ } أي نوحاً عليه الصلاة والسلام . { وأَصْحَـٰبَ ٱلسَّفِينَةِ } ومن أركب معه من أولاده وأتباعه وكانوا ثمانين . وقيل ثمانية وسبعين وقيل عشرة نصفهم ذكور ونصفهم إناث . { وَجَعَلْنَـٰهَا } أي السفينة أو الحادثة . { ءَايَةً لّلْعَـٰلَمِينَ إِنَّ } يتعظون ويستدلون بها . { وَإِبْرٰهِيمَ } عطف على { نُوحاً } أو نصب بإضمار اذكر ، وقرىء بالرفع على تقدير ومن المرسلين إبراهيم . { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } ظرف لأرسلنا أي أرسلناه حين كمل عقله وتم نظره بحيث عرف الحق وأمر الناس به ، أو بدل منه بدل اشتمال إن قدر باذكر . { وَٱتَّقُوهُ ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ } مما أنتم عليه . { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } الخير والشر وتميزون ما هو خير مما هو شر ، أو كنتم تنظرون في الأمور بنظر العلم دون نظر الجهل . { إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَـٰناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً } وتكذبون كذباً في تسميتها آلهة وادعاء شفاعتها عند الله تعالى ، أو تعملونها وتنحتونها للإِفك وهو استدلال على شرارة ما هم عليه من حيث إنه زور وباطل ، وقرىء » تخلقون « من خلق للتكثير » وَتَخْلُقُونَ « من تخلق للتكلف ، و { إِفْكاً } على أنه مصدر كالكذب أو نعت بمعنى خلقاً ذا إفك . { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً } دليل ثان على شرارة ذلك من حيث إنه لا يجدي بطائل ، و { رِزْقاً } يحتمل المصدر بمعنى لا يستطيعون أن يرزقوكم وأن يراد المرزوق وتنكيره للتعميم . { فَٱبْتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرّزْقَ } كله فإنه المالك له . { وَٱعْبُدُوهُ وَٱشْكُرُواْ لَهُ } متوسلين إلى مطالبكم بعبادته مقيدين لما حفكم من النعم بشكره ، أو مستعدين للقائه بهما ، فإنه : { إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } وقرىء بفتح التاء . { وَإِن تُكَذِّبُواْ } وإن تكذبوني . { فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مّن قَبْلِكُمْ } من قبلي من الرسل فلم يضرهم تكذيبهم وإنما ضر أنفسهم حيث تسبب لما حل بهم من العذاب فكذا تكذيبكم . { وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ } الذي يزال معه الشك وما عليه أن يصدق ولا يكذب ، فالآية وما بعدها من جملة قصة { إِبْرَاهِيمَ } إلى قوله { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ } ويحتمل أن تكون اعتراضاً بذكر شأن النبي صلى الله عليه وسلم وقريش وهدم مذهبهم والوعيد على سوء صنيعهم ، توسط بين طرفي قصته من حيث إن مساقها لتسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم والتنفيس عنه ، بأن أباه خليل الله صلوات الله عليهما كان ممنواً بنحو ما مني به من شرك القوم وتكذيبهم وتشبيه حاله فيهم بحال إبراهيم في قومه