Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 30, Ayat: 14-25)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } أي المؤمنون والكافرون لقوله تعالى : { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ فَهُمْ فِى رَوْضَةٍ } أرض ذات أزهار وأنهار . { يُحْبَرُونَ } يسرون سروراً تهلك له وجوههم . { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِـئَايَـٰتِنَا وَلِقَاء ٱلآخِرَةِ فَأُوْلَـئِكَ فِى ٱلْعَذَابِ مُحْضَرُونَ } مدخلون لا يغيبون عنه . { فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ ٱلْحَمْدُ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ } إخبار في معنى الأمر بتنزيه الله تعالى والثناء عليه في هذه الأوقات التي تظهر فيها قدرته وتتجدد فيها نعمته ، أو دلالة على أن ما يحدث فيها من الشواهد الناطقة بتنزهه واستحقاقه الحمد ممن له تمييز من أهل السموات والأرض ، وتخصيص التسبيح بالمساء والصباح لأن آثار القدرة والعظمة فيهما أظهر ، وتخصيص الحمد بالعشي الذي هو آخر النهار من عشى العين إذا نقص نورها والظهيرة التي هي وسطه لأن تجدد النعم فيهما أكثر ، ويجوز أن يكون { عشياً } معطوفاً على { ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ } وقوله { وَلَهُ ٱلْحَمْدُ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ } اعتراضاً . وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : أن الآية جامعة للصلوات الخمس { تُمْسُونَ } صلاتا المغرب والعشاء ، و { تُصْبِحُونَ } صلاة الفجر ، و { عشيا } صلاة العصر ، و { تُظْهِرُونَ } صلاة الظهر . ولذلك زعم الحسن أنها مدنية لأنه كان يقول كان الواجب بمكة ركعتين في أي وقت اتفقتا وإنما فرضه الخمس بالمدينة ، والأكثر على أنها فرضت بمكة . وعنه عليه الصلاة والسلام " من سره أن يكال له بالقفيز الأوفى فليقل فسبحان الله حين تمسون الآية " وعنه عليه الصلاة والسلام " من قال حين يصبح فسبحان الله حين تمسون إلى قوله وكذلك تخرجون أدرك ما فاته في ليلته ، ومن قاله حين يمسي أدرك ما فاته في يومه " وقرىء « حيناً تمسون » و « حيناً تصبحون » أي تمسون فيه وتصبحون فيه . { يُخْرِجُ ٱلْحَىَّ مِنَ ٱلْمَيّتِ } كالإِنسان من النطفة والطائر من البيضة . { وَيُخْرِجُ ٱلْمَيّتَ مِنَ ٱلْحَىّ } كالنطفة والبيضة ، أو يعقب الحياة الموت وبالعكس . { وَيُحيِي الأَرْضَ } بالنبات . { بَعْدَ مَوْتِهَا } يبسها . { وَكَذٰلِكَ } ومثل ذلك الإخراج . { تُخْرَجُونَ } من قبوركم فإنه أيضاً تعقيب الحياة الموت ، وقرأ حمزة والكسائي بفتح التاء . { وَمِنْ ءَايَـٰتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مّن تُرَابٍ } أي في أصل الإِنشاء لأنه خلق أصلهم منه . { ثُمَّ إِذَا أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ } ثم فاجأتم وقت كونكم بشراً منتشرين في الأرض . { وَمِنْ ءَايَـٰتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوٰجاً } لأن حواء خلقت من ضلع آدم وسائر النساء خلقن من نطف الرجال ، أو لأنهن من جنسهم لا من جنس آخر . { لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا } لتميلوا إليها وتألفوا بها فإن الجنسية علة للضم والاختلاف سبب للتنافر . { وَجَعَلَ بَيْنَكُم } أي بين الرجال والنساء ، أو بين أفراد الجنس . { مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً } بواسطة الزواج حال الشبق وغيرها بخلاف سائر الحيوانات نظماً لأمر المعاش ، أو بأن تعيش الإِنسان متوقف على التعارف والتعاون المحوج إلى التواد والتراحم ، وقيل المودة كناية عن الجماع والرحمة عن الولد كقوله تعالى : { وَرَحْمَةً مّنَّا } [ مريم : 21 ] { إِنَّ فِى ذٰلِكَ لآيَـٰتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } فيعلمون ما في ذلك من الحكم . { وَمِنْ ءَايَـٰتِهِ خَلْقُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلَـٰفُ أَلْسِنَتِكُمْ } لغاتكم بأن علم كل صنف لغته أو ألهمه وضعها وأقدره عليها ، أو أجناس نطفكم وأشكاله فإنك لا تكاد تسمع منطقين متساويين في الكيفية . { وَأَلْوٰنِكُمْ } بياض الجلد وسواده ، أو تخطيطات الأعضاء وهيئاتها وألوانها ، وحلاها بحيث وقع التمايز والتعارف حتى أن التوأمين مع توافق موادهما وأسبابهما والأمور الملاقية لهما في التخليق يختلفان في شيء من ذلك لا محالة . { إِنَّ فِى ذٰلِكَ لآيَـٰتٍ لّلْعَـٰلَمِينَ } لا تكاد تخفى على عاقل من ملك أو إنس أو جن ، وقرأ حفص بكسر اللام ويؤيد قوله : { وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ ٱلْعَـٰلِمُونَ } [ العنكبوت : 43 ] { وَمِنْ ءَايَـٰتِهِ مَنَامُكُم بِٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱبْتِغَاؤُكُمْ مّن فَضْلِهِ } منامكم في الزمانين لاستراحة القوى النفسانية وتقوي القوى الطبيعية وطلب معاشكم فيهما ، أو منامكم بالليل وابتغاؤكم بالنهار فلف وضم بين الزمانين والفعلين بعاطفين إشعاراً بأن كلاً من الزمانين وإن اختص بأحدهما فهو صالح للآخر عند الحاجة ، ويؤيده سائر الآيات الواردة فيه . { إِنَّ فِى ذٰلِكَ لآيَـٰتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } سماع تفهم واستبصار فإن الحكمة فيه ظاهرة . { وَمِنْ ءَايَـٰتِهِ يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ } مقدر بأن المصدرية كقوله : @ أَلاَ أَيُّهَذَا الزَّاجِرِي أَحْضَر الوَغَى وَأَن أشْهَد اللَّذَّاتِ هَلْ أَنْتَ مُخْلدِي @@ أو الفعل فيه منزلة المصدر كقولهم : تسمع بالمعيدي خير من أن تراه ، أو صفة لمحذوف تقديره آية يريكم بها البرق كقوله : @ فَمَا الدَّهْرُ إِلاَّ تَارَتَانِ فَمِنْهُمَا أَمُوتُ وَأُخْرَى أَبْتَغِي العَيْشَ أَكْدَحُ @@ { خَوْفًا } من الصاعقة للمسافر . { وَطَمَعًا } في الغيث للمقيم ، ونصبهما على العلة لفعل يلزم المذكور فإن إراءتهم تستلزم رؤيتهم أوله على تقدير مضاف نحو إرادة خوف وطمع ، أو تأويل الخوف والطمع بالإِخافة والإِطماع كقولك فعلته رغماً للشيطان ، أو على الحال مثل كَلَّمْتُهُ شِفَاهاً . { وَيُنَزّلُ مِنَ ٱلسَّمَاء مَاءً } وقرىء بالتشديد . { فَيُحيِي بِهِ الأَرْضَ } بالنبات . { بَعْدَ مَوْتِهَا } يبسها . { إِنَّ فِى ذٰلِكَ لآيَـٰتٍ لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } يستعملون عقولهم في استنباط أسبابها وكيفية تكونها ليظهر لهم كمال قدرة الصانع وحكمته . { وَمِنْ ءَايَـٰتِهِ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَاءُ وَٱلأَرْضُ بِأَمْرِهِ } قيامهما بإقامته لهما وإرادته لقيامهما في حيزيها المعينين من غير مقيم محسوس ، والتعبير بالأمر للمبالغة في كمال القدرة والغنى عن الآلة . { ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مّنَ ٱلأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ } عطف على { أَن تَقُومَ } على تأويل مفرد كأنه قيل : ومن آياته قيام السموات والأرض بأمره ثم خروجكم من القبور { إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً } واحدة فيقول أيها الموتى اخرجوا ، والمراد تشبيه سرعة ترتب حصول ذلك على تعلق إرادته بلا توقف واحتياج إلى تجشم عمل بسرعة ترتب إجابة الداعي المطاع على دعائه ، وثم إما لتراخي زمانه أو لعظم ما فيه ومن الأرض متعلق بدعا كقولك : دعوته من أسفل الوادي فطلع إلي لا بتخرجون لأن ما بعد إذا لا يعمل فيما قبلها ، و { إِذَا } الثانية للمفاجأة ولذلك نابت مناب الفاء في جواب الأولى .