Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 26-37)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَهُمْ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَـٰنِتُونَ } منقادون لفعله فيهم لا يمتنعون عنه . { وَهُوَ ٱلَّذِى يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } بعد هلاكهم . { وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } والإِعادة أسهل عليه من الأصل بالإِضافة إلى قدركم والقياس على أصولكم وإلا فهما عليه سواء ولذلك قيل الهاء لـ { ٱلْخَلْقِ } ، وقيل { أَهْوَنُ } بمعنى هين وتذكير هو لأهون أو لأن الإِعادة بمعنى أن يعيد . { وَلَهُ ٱلْمَثَلُ } الوصف العجيب الشأن كالقدرة العامة والحكمة التامة ومن فسره بقول لا إله إلا الله أراد به الوصف بالوحدانية . { ٱلأَعْلَىٰ } الذي ليس لغيره ما يساويه أو يدانيه . { فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وٱلأَرْضِ } يصفه به ما فيها دلالة ونطقاً . { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } القادر الذي لا يعجز عن إبداء ممكن وإعادته . { ٱلْحَكِيمُ } الذي يجري الأفعال على مقتضى حكمته . { ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مّنْ أَنفُسِكُمْ } منتزعاً من أحوالها التي هي أقرب الأمور إليكم . { هَلْ لَّكُمْ مّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ } من مماليككم . { مّن شُرَكَاء فِيمَا رَزَقْنَـٰكُمْ } من الأموال وغيرها . { فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ } فتكونون أنتم وهم فيه شرعاً يتصرفون فيه كتصرفكم مع أنهم بشر مثلكم وأنها معارة لكم ، و { مِنْ } الأولى للابتداء والثانية للتبعيض والثالثة مزيدة لتأكيد الاستفهام الجاري مجرى النفي . { تَخَافُونَهُمْ } أن يستبدوا بتصرف فيه . { كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ } كما يخاف الأحرار بعضهم من بعض . { كَذٰلِكَ } مثل ذلك التفصيل . { نُفَصّلُ ٱلآيَـٰتِ } نبينها فإن التفصيل مما يكشف المعاني ويوضحها . { لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } يستعملون عقولهم في تدبر الأمثال . { بَلِ ٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } بالإِشراك . { أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ } جاهلين لا يكفهم شيء فإن العالم إذا اتبع هواه ربما ردعه علمه . { فَمَن يَهْدِى مَنْ أَضَلَّ ٱللَّهُ } فمن يقدر على هدايته . { وَمَا لَهُم مّن نَّـٰصِرِينَ } يخلصونهم من الضلالة ويحفظونهم عن آفاتها . { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدّينِ حَنِيفاً } فقومه له غير ملتفت أو ملتفت عنه ، وهو تمثيل للإقبال والاستقامة عليه والاهتمام به . { فِطْرَتَ ٱللَّهِ } خلقته نصب على الإِغراء أو المصدر لما دل عليه ما بعدها . { ٱلَّتِى فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا } خلقهم عليها وهي قبولهم للحق وتمكنهم من إدراكه ، أو ملة الإِسلام فإنهم لو خلوا وما خلقوا عليه أدى بهم إليها ، وقيل العهد المأخوذ من آدم وذريته . { لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ } لا يقدر أحد يغيره أو ما ينبغي أن يغير . { ذٰلِكَ } إشارة إلى الدين المأمور بإقامة الوجه له أو الفطرة إن فسرت بالملة . { ٱلدّينُ ٱلْقَيّمُ } المستقيم الذي لا عوج فيه . { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } استقامته لعدم تدبرهم . { مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ } راجعين إليه من أناب إذا رجع مرة بعد أخرى ، وقيل منقطعين إليه من الناب وهو حال من الضمير في الناصب المقدر لفطرة الله أو في أقم لأن الآية خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم والأمة لقوله : { وَٱتَّقُوهُ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلوٰةَ وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } غير أنها صدرت بخطاب الرسول صلى الله عليه وسلم تعظيماً له . { مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ } بدل من المشركين وتفريقهم اختلافهم فيما يعبدونه على اختلاف أهوائهم ، وقرأ حمزة والكسائي « فارقوا » بمعنى تركوا دينهم الذي أمروا به . { وَكَانُواْ شِيَعاً } فرقاً تشايع كل إمامها الذي أضل دينها . { كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } مسرورون ظناً بأنه الحق ، ويجوز أن يجعل فرحون صفة كل على أن الخبر { مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ } . { وَإِذَا مَسَّ ٱلنَّاسَ ضُرٌّ } شدة . { دَعَوْاْ رَبَّهُمْ مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ } راجعين من دعاء غيره . { ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مّنْهُ رَحْمَةً } خلاصاً من تلك الشدة . { إِذَا فَرِيقٌ مّنْهُمْ بِرَبّهِمْ يُشْرِكُونَ } فاجأ فريق منهم بالإِشراك بربهم الذي عافاهم . { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ ءَاتَيْنَـٰهُمْ } اللام فيه للعاقبة وقيل للأمر بمعنى التهديد لقوله : { فَتَمَتَّعُواْ } غير أنه التفت فيه مبالغة وقرىء و « ليتمتعوا » . { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } عاقبة تمتعكم ، وقرىء بالياء التحتية على أن تمتعوا ماض . { أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَـٰناً } حجة وقيل ذا سلطان أي ملكاً معه برهان . { فَهُوَ يَتَكَلَّمُ } تكلم دلالة كقوله { كِتَـٰبُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِٱلْحَقّ } [ الجاثية : 29 ] أو نطق . { بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ } بإشراكهم وصحته ، أو بالأمر الذي بسببه يشركون به في ألوهيته . { وَإِذَا أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ رَحْمَةً } نعمة من صحة وسعة . { فَرِحُواْ بِهَا } بطروا بسببها . { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ } شدة . { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } بشؤم معاصيهم . { إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ } فاجؤوا القنوط من رحمته وقرأ الكسائي وأبو عمرو بكسر النون . { أَوَ لَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ } فما لهم يشكروا ولم يحتسبوا في السراء والضراء كالمؤمنين . { إِنَّ فِى ذٰلِكَ لآيَـٰتٍ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } فيستدلون بها على كمال القدرة والحكمة .