Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 32, Ayat: 1-10)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

مكية وآيها ثلاثون آية وقيل تسع وعشرون آية بسم الله الرحمن الرحيم { الم } إن جعل اسماً للسورة أو القرآن فمبتدأ خبره : { تَنزِيلُ ٱلْكِتَـٰبِ } على أن التنزيل بمعنى المنزل ، وإن جعل تعديداً للحروف كان { تَنزِيلَ } خبر مبتدأ محذوف أو مبتدأ خبره : { لاَ رَيْبَ فِيهِ } فيكون . { مِن رَّبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } حالاً من الضمير في { فِيهِ } لأن المصدر لا يعمل فيما بعد الخبر ، ويجوز أن يكون خبراً ثانياً ولا { رَيْبَ فِيهِ } حال من { ٱلْكِتَـٰبِ } ، أو اعتراض والضمير فيه لمضمون الجملة ويؤيده قوله : { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ } فإنه إنكار لكونه من رب العالمين وقوله : { بَلْ هُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبّكَ } فإنه تقرير له ، ونظم الكلام على هذا أنه أشار أولاً إلى إعجازه ، ثم رتب عليه أن تنزيله من رب العالمين ، وقرر ذلك بنفي الريب عنه ، ثم أضرب عن ذلك إلى ما يقولون فيه على خلاف ذلك إنكاراً له وتعجيباً منه ، فإن { أَمْ } منقطعة ثم أضرب عنه إلى إثبات أنه الحق المنزل من الله وبين المقصود من تنزيله فقال : { لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أَتَـٰهُم مّن نَذِيرٍ مِن قَبْلِكَ } إذا كانوا أهل الفترة . { لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } بإنذارك إياهم . { ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } مر بيانه في « الأعراف » . { مَا لَكُمْ مّن دُونِهِ مِن وَلِيّ وَلاَ شَفِيعٍ } { مَا لَكُمْ } إذا جاوزتم رضا الله أحد ينصركم ويشفع لكم ، أو { مَا لَكُمْ } سواه ولي ولا شفيع بل هو الذي يتولى مصالحكم وينصركم في مواطن نصركم على أن الشفيع متجوز به للناصر ، فإذا خذلكم لم يبق لكم ولي ولا ناصر . { أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ } بمواعظ الله تعالى . { يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ إِلَى ٱلأَرْضِ } يدبر أمر الدنيا بأسباب سماوية كالملائكة وغيرها نازلة آثارها إلى الأرض . { ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ } ثم يصعد إليه ويثبت في علمه موجوداً . { فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مّمَّا تَعُدُّونَ } في برهة من الزمان متطاولة يعني بذلك استطالة ما بين التدبير والوقوع . وقيل يدبر الأمر بإظهاره في اللوح فينزل به الملك ثم يعرج إليه في زمان هو كألف سنة ، لأن مسافة نزوله وعروجه مسيرة ألف سنة فإن ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة سنة . وقيل يقضي قضاء ألف سنة فينزل به الملك ثم يعرج بعد الألف لألف آخر . وقيل يدبر الأمر إلى قيام الساعة ثم يعرج إليه الأمر كله يوم القيامة . وقيل يدبر المأمور به من الطاعات منزلاً من السماء إلى الأرض بالوحي ، ثم لا يعرج إليه خالصاً كما يرتضيه إلا في مدة متطاولة لقلة المخلصين والأعمال الخلص ، وقرىء « يَعْرُجُ » و « يَعْدُونَ » . { ذٰلِكَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ } فيدبر أمرهما على وفق الحكمة . { ٱلْعَزِيزُ } الغالب على أمره . { ٱلرَّحِيمِ } على العباد في تدبيره ، وفيه إيماء بأنه سبحانه يراعي المصالح تفضلاً وإحساناً . { ٱلَّذِى أَحْسَنَ كُلَّ شَىْءٍ خَلَقَهُ } خلقة موفراً عليه ما يستعد له ويليق به على وفق الحكمة والمصلحة ، وخلقه بدل من كل بدل الاشتمال وقل علم كيف يخلقه من قولهم قيمة المرء ما يحسنه أي يحسن معرفته ، و { خَلَقَهُ } مفعول ثان . وقرأ نافع والكوفيون بفتح اللام على الوصف فالشيء على الأول مخصوص بمنفصل وعلى الثاني بمتصل . { وَبَدَأَ خَلْقَ ٱلإِنْسَـٰنِ } يعني آدم . { مِن طِينٍ } . { ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ } ذريته سميت بذلك لأنها تنسل منه أي تنفصل . { مِن سُلاَلَةٍ مّن مَّاءٍ مَّهِينٍ } ممتهن . { ثُمَّ سَوَّاهُ } قَوَّمَّهُ بتصوير أعضائه على ما ينبغي . { وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ } إضافة إلى نفسه تشريفاً له وإشعاراً بأنه خلق عجيب ، وأن له شأناً له مناسبة ما إلى الحضرة الربوبية ولأجله قيل من عرف نفسه فقد عرف ربه . { وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلأَبْصَـٰرَ وَٱلأَفْئِدَةَ } خصوصاً لتسمعوا وتبصروا وتعقلوا . { قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } تشكرون شكراً قليلاً . { وَقَالُواْ أَءِذَا ضَلَلْنَا فِى ٱلأَرْضِ } أي صرنا تراباً مخلوط بتراب الأرض لا نتميز منه ، أو غبنا فيها . وقرأ « ضَلَلْنَا » بالكسر من ضل يضل « وصللَنا من صل اللحم إذا أنتن ، وقرأ ابن عامر « إذا » على الخبر والعامل فيه ما دل عليه . { أَئِنَّا لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ } وهو : نبعث أو يجدد خلقنا . وقرأ نافع والكسائي ويعقوب « أنا » على الخبر ، والقائل أبي بن خلف وإسناده إلى جميعهم لرضاهم به . { بَلْ هُم بِلَقَاء رَبّهِمْ } بالبعث أو بتلقي ملك الموت وما بعده . { كَـٰفِرُونَ } جاحدون .