Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 32, Ayat: 11-20)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قُلْ يَتَوَفَّـٰكُم } يستوفي نفوسكم لا يترك منها شيئاً ولا يبقي منكم أحداً ، والتفعل والإِستفعال يلتقيان كثيراً كتقصيته واستقصيته وتعجلته واستعجلته . { مَّلَكُ ٱلْمَوْتِ ٱلَّذِى وُكّلَ بِكُمْ } بقبض أرواحكم وإحصاء آجالكم . { ثُمَّ إِلَىٰ رَبّكُمْ تُرْجَعُونَ } للحساب والجزاء . { وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلْمُجْرِمُونَ نَاكِسُواْ رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبّهِمْ } من الحياء والخزي . { رَبَّنَا } قائلين ربنا . { أَبْصَـٰرُنَا } ما وعدتنا . { وَسَمِعْنَا } منك تصديق رسلك . { فَٱرْجِعْنَا } إلى الدنيا . { نَعْمَلْ صَـٰلِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ } إذ لم يبق لنا شك بما شاهدنا ، وجواب { لَوْ } محذوف تقديره لرأيت أمراً فظيعاً ، ويجوز أن تكون للتمني والمضي فيها وفي { إِذْ } لأن الثابت في علم الله بمنزلة الواقع ، ولا يقدر لـ { تَرَى } مفعول لأن المعنى لو يكون منك رؤية في هذا الوقت ، أو يقدر ما دل عليه صلة إذا والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم أو لكل أحد . { وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا } ما تهتدي به إلى الإيمان والعمل الصالح بالتوفيق له . { وَلَـٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنِّي } ثبت قضائي وسبق وعيدي وهو { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } وذلك تصريح بعدم إيمانهم لعدم المشيئة المسبب عن سبق الحكم بأنهم من أهل النار ، ولا يدفعه جعل ذوق العذاب مسبباً عن نسيانهم العاقبة وعدم تفكرهم فيها بقوله : { فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا } فإنه من الوسائط والأسباب المقتضية له . { إِنَّا نَسِينَـٰكُمْ } تركناكم من الرحمة ، أو في العذاب ترك المنسي وفي استئنافه وبناء الفعل على أن واسمها تشديد في الانتقام منهم . { وَذُوقُـواْ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } كرر الأمر للتأكيد ولما نيط به من التصريح بمفعوله وتعليله بأفعالهم السيئة من التكذيب والمعاصي كما علله بتركهم تدبر أمر العاقبة والتفكير فيها دلالة على أن كلاً منهما يقتضي ذلك . { إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِـئَايَـٰتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكّرُواْ بِهَا } وعظوا بها . { خَرُّواْ سُجَّداً } خوفاً من عذاب الله . { وَسَبَّحُواْ } نزهوه عما لا يليق به كالعجز عن البعث . { بِحَمْدِ رَبّهِمْ } حامدين له شكراً على ما وفقهم للإسلام وآتاهم الهدى . { وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } عن الإِيمان والطاعة كما يفعل من يصر مستكبراً . { تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ } ترتفع وتتنحى . { عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ } الفرش ومواضع النوم . { يَدْعُونَ رَبَّهُمْ } داعين إياه . { خَوْفًا } من سخطه . { وَطَمَعًا } في رحمته . وعن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسيرها " قيام العبد من الليل " وعنه عليه الصلاة والسلام " إذا جمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد جاء منادٍ ينادي بصوت يسمع الخلائق كلهم : سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى بالكرم ، ثم يرجع فينادي : ليقم الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع فيقومون وهم قليل ، ثم يرجع فينادي : ليقم الذين كانوا يحمدون الله في السراء والضراء فيقومون وهم قليل ، فيسرحون جميعاً إلى الجنة ثم يحاسب سائر الناس " وقيل كان أناس من الصحابة يصلون من المغرب إلى العشاء فنزلت فيهم . { وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ } في وجوه الخير . { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِىَ لَهُم } لا ملك مقرب ولا نبي مرسل . { مّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ } مما تقربه عيونهم . وعنه عليه الصلاة والسلام " يقول الله تعالى : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، بَلْهَ ما أطلعتهم عليه ، أقرؤوا فلا تعلم نفس ما أخفي لهم " وقرأ حمزة ويعقوب { أُخْفِىَ لَهُم } على أنه مضارع أخفيت ، وقروء نخفي وأخفي الفاعل للكل هو الله ، وقرأت { أَعْيُنِ } لاختلاف أنواعها والعلم بمعنى المعرفة و { مَا } موصوله أو استفهامية معلق عنها الفعل . { جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } أي جزوا جزاء أو أخفي للجزاء فإن إخفاءه لعلو شأنه . وقيل هذا القوم أخفوا أعمالهم فأخفى الله ثوابهم . { أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً } خارجاً عن الإِيمان { لاَّ يَسْتَوُونَ } في الشرف والمثوبة تأكيد وتصريح والجمع للحمل على المعنى . { أَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ فَلَهُمْ جَنَّـٰتُ ٱلْمَأْوَىٰ } فإنها المأوى الحقيقي والدنيا منزل مرتحل عنها لا محالة . وقيل المأوى جنة من الجنان . { نُزُلاً } سبق تفسيره في سورة « آل عمران » . { بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } بسبب أعمالهم أو على أعمالهم . { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ فَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ } مكان جنة المأوى للمؤمنين . { كُلَّمَا أَرَادُواْ أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَا أُعِيدُواْ فِيهَا } عبارة عن خلودهم فيها . { وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذّبُونَ } إهانة لهم وزيادة في غيظهم .