Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 48-54)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قُلْ إِنَّ رَبّى يَقْذِفُ بِٱلْحَقّ } يلقيه وينزله على من يجتبيه من عباده ، أو يرمي به الباطل فيدمغه أو يرمي به إلى أقطار الآفاق ، فيكون وعداً بإظهار الإِسلام وإفشائه . وقرأ نافع وأبو عمرو بفتح الياء . { عَلَّـٰمُ ٱلْغُيُوبِ } صفة محمولة على محل { إِن } واسمها ، أو بدل من المستكن في { يَقْذِفُ } أو خبر ثان أو خبر محذوف . وقرىء بالنصب صفة لـ { رَبّي } أو مقدراً بأعني . وقرأ حمزة وأبو بكر « الغيوب » بالكسر كالبيوت وبالضم كالعشور ، وقرىء بالفتح كالصبور على أنه مبالغة غائب . { قُلْ جَاءَ ٱلْحَقُّ } أي الإِسلام . { وَمَا يُبْدِىء ٱلْبَـٰطِلُ وَمَا يُعِيدُ } وزهق الباطل أي الشرك بحيث لم يبق له أثر مأخوذ من هلاك الحي ، فإنه إذا هلك لم يبق له إبداء ولا إعادة قال : @ أَقْفَر مِنْ أَهْلِهِ عبيد فَالْيَوْمَ لاَ يُبْدِي وَلاَ يُعِيد @@ وقيل الباطل إبليس أو الصنم ، والمعنى لا ينشىء خلقاً ولا يعيده ، أو لا يبدىء خيراً لأهله ولا يعيده . وقيل { مَا } استفهامية منتصبة بما بعدها . { قُلْ إِن ضَلَلْتُ } عن الحق . { فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِى } فإن وبال ضلالي عليها لأنه بسببها إذ هي الجاهلة بالذات والأمارة بالسوء ، وبهذا الاعتبار قابل الشرطية بقوله : { وَإِنِ ٱهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَىَّ رَبّي } فإن الاهتداء بهدايته وتوفيقه . { إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ } يدرك قول كل ضال ومهتد وفعله وإن أخفاه . { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ فَزِعُواْ } عند الموت أو البعث أو يوم بدر ، وجواب { لَوْ } محذوف تقديره لرأيت أمراً فظيعاً . { فَلاَ فَوْتَ } فلا يفوتون الله بهرب أو تحصن . { وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } من ظهر الأرض إلى باطنها ، أو من الموقف إلى النار أو من صحراء بدر إلى القليب ، والعطف على { فَزِعُواْ } أو لا فوت ويؤيده أنه قرىء « وأخذ » عطفاً على محله أي : فلا فوت هناك وهناك أخذ . { وَقَالُواْ ءَامَنَّا بِهِ } بمحمد عليه الصلاة والسلام ، وقد مر ذكره في قوله : { مَا بِصَـٰحِبِكُمْ } [ سبأ : 46 ] { وَأَنَّىٰ لَهُمُ ٱلتَّنَاوُشُ } ومن أين لهم أن يتناولوا الإِيمان تناولاً سهلاً . { مِن مَّكَانِ بَعِيدٍ } فإنه في حيز التكليف وقد بعد عنهم ، وهو تمثيل لحالهم في الاستخلاص بالإِيمان بعدما فات عنهم أوانه وبعد عنهم ، بحال من يريد أن يتناول الشيء من غلوة تناوله من ذراع في الاستحالة ، وقرأ أبو عمرو والكوفيون غير حفص بالهمز على قلب الواو لضمتها . أو أنه من نأشت الشيء إذا طلبته قال رؤبة : @ أَقْحَمَنِي جَارُ أَبِي الجَامُوش إِلَيْكَ نَأْشَ القَدَرِ التّؤوشَ @@ أو من نأشت إذا تأخرت ومنه قوله : @ تَمَنَّى نَشِيْشاً أَن يَكُونَ أَطَاعَنِي وَقَدْ حَدَثَتْ بَعْدَ الأُمُورِ أُمُورُ @@ فيكون بمعنى التناول من بعد . { وَقَدْ كَـفَرُواْ بِهِ } بمحمد عليه الصلاة والسلام أو بالعذاب . { مِن قَبْلُ } من قبل ذلك أوان التكليف . { وَيَقْذِفُونَ بِٱلْغَيْبِ } ويرجمون بالظن ويتكلمون بما لم يظهر لهم الرسول عليه الصلاة والسلام من المطاعن ، أو في العذاب من البث على نفيه . { مِن مَّكَانِ بَعِيدٍ } من جانب بعيد من أمره ، وهو الشبه التي تمحلوها في أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، أو حال الآخرة كما حكاه من قبل . ولعله تمثيل لحالهم في ذلك بحال من يرمي شيئاً لا يراه من مكان بعيد لا مجال للظن في لحوقه ، وقرىء « وَيَقْذِفُونَ » على أن الشيطان يلقي إليهم ويلقنهم ذلك ، والعطف على { وَقَدْ كَفَرُواْ } على حكاية الحال الماضية أو على قالوا فيكون تمثيلاً لحالهم بحال القاذف في تحصيل ما ضيعوه من الإِيمان في الدنيا . { وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ } من نفع الإِيمان والنجاة به من النار ، وقرأ ابن عمر والكسائي بإشمام الضم للحاء . { كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَـٰعِهِم مّن قَبْلُ } بأشباههم من كفرة الأمم الدارجة . { إِنَّهُمْ كَانُواْ فِى شَكّ مُّرِيبِ } موقع في الريبة ، أو ذي ريبة منقول من المشكك ، أو الشك نعت به الشك للمبالغة . عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة سبأ لم يبق رسول ولا نبي إلا كان له يوم القيامة رفيقاً ومصافحاً " .