Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 41-47)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَالُواْ سُبْحَـٰنَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ } أنت الذي نواليه من دونهم لا موالاة بيننا وبينهم ، كأنهم بينوا بذلك براءتهم من الرضا بعبادتهم ثم أضربوا عن ذلك ونفوا أنهم عبدوهم على الحقيقة بقولهم : { بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ } أي الشياطين حيث أطاعوهم في عبادة غير الله . وقيل كانوا يتمثلون لهم ويخيلون إليهم أنهم الملائكة فيعبدونهم . { أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } الضمير الأول للإِنس أو للمشركين ، والأكثر بمعنى الكل والثاني لـ { ٱلْجِنَّ } . { فَٱلْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلاَ ضَرّاً } إذ الأمر فيه كله له لأن الدار دار جزاء وهو المجازي وحده . { وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِى كُنتُم بِهَا تُكَذّبُونَ } عطف على { لاَ يَمْلِكُ } مبين للمقصود من تمهيده . { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءَايَـٰتُنَا بَيّنَاتٍ قَالُواْ مَا هَـٰذَا } يعنون محمداً عليه الصلاة والسلام . { إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُكُمْ } فيستتبعكم بما يستبدعه . { وَقَالُواْ مَا هَـٰذَا } يعنون القرآن . { إِلاَّ إِفْكٌ } لعدم مطابقة ما فيه الواقع . { مُّفْتَرًى } بإضافته إلى الله سبحانه وتعالى . { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقّ لَمَّا جَاءهُمْ } لأمر النبوة أو للإسلام أو للقرآن ، والأول باعتبار معناه وهذا باعتبار لفظه وإعجازه . { إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } ظاهر سحريته ، وفي تكرير الفعل والتصريح بذكر الكفرة وما في اللامين من الإِشارة إلى القائلين والمقول فيه ، وما في { لَّمّاً } من المبادهة إلى البت بهذا القول إنكار عظيم له وتعجيب بليغ منه . { وَمَا ءاتَيْنَـٰهُمْ مّنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا } فيها دليل على صحة الإِشراك . { وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مّن نَّذِيرٍ } يدعوهم إليه وينذرهم على تركه ، وقد بان من قبل أن لا وجه له فمن أين وقع لهم هذه الشبهة ، وهذا في غاية التجهيل لهم والتسفيه لرأيهم ثم هددهم فقال : { وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ } كما كذبوا . { وَمَا بَلَغُواْ مِعْشَارَ مَا ءاتَيْنَـٰهُمْ } وما بلغ هؤلاء عشر ما آتينا أولئك من القوة وطول العمر وكثرة المال ، أو ما بلغ أولئك عشر ما آتينا هؤلاء من البينات والهدى . { فَكَذَّبُواْ رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } فحين كذبوا رسلي جاءهم إنكاري بالتدمير فكيف كان نكيري لهم فليحذر هؤلاء من مثله ، ولا تكرير في كذب لأن الأول للتكثير والثاني للتكذيب ، أو الأول مطلق والثاني مقيد ولذلك عطف عليه بالفاء . { قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوٰحِدَةٍ } أرشدكم وأنصح لكم بخصلة واحدة هي ما دل عليه : { أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ } وهو القيام من مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو الانتصاب في الأمر خالصاً لوجه الله معرضاً عن المراء والتقليد . { مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ } متفرقين اثنين اثنين وواحداً واحداً ، فإن الازدحام يشوش الخاطر ويخلط القول . { ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ } في أمر محمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به لتعلموا حقيقته ، ومحله الجر على البدل أو البيان أو الرفع أو النصب بإضمار هو أعني . { مَا بِصَـٰحِبِكُمْ مّن جِنَّةٍ } فتعلموا ما به من جنون يحمله على ذلك ، أو استئناف منبه لهم على أن ما عرفوا من رجاحة عقله كاف في ترجيح صدقه ، فإنه لا يدعه أن يتصدى لادعاء أمر خطير وخطب عظيم من غير تحقق ووثوق ببرهان ، فيفتضح على رؤوس الأشهاد ويلقي نفسه إلى الهلاك ، فكيف وقد انضم إليه معجزات كثيرة . وقيل { مَا } استفهامية والمعنى : ثم تتفكروا أي شيء به من آثار الجنون : { إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ } قدامه لأنه مبعوث في نسيم الساعة . { قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مّن أَجْرٍ } أي شيء سألتكم من أجر على الرسالة . { فَهُوَ لَكُمْ } والمراد نفي السؤال عنه ، كأن جعل التنبي مستلزماً لأحد الأمرين إما الجنون وإما توقع نفع دنيوي عليه ، لأنه إما أن يكون لغرض أو لغيره وأياً ما كان يلزم أحدهما ثم نفى كلاً منهما . وقيل { مَا } موصولة مراد بها ما سألهم بقوله : { مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبّهِ سَبِيلاً } وقوله : { لاَّ أَسْـئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِى ٱلْقُرْبَىٰ } [ الشورى : 23 ] واتخاذ السبيل ينفعهم وقرباه قرباهم . { إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ وَهُوَ عَلَىٰ كُلّ شَىْء شَهِيدٍ } مطلع يعلم صدقي وخلوص نيتي ، وقرأ ابن كثير وأبو بكر وحمزة والكسائي بإسكان الياء .