Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 35, Ayat: 34-41)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِى أَذْهَبَ عَنَّا ٱلْحَزَنَ } همهم من خوف العاقبة ، أو همهم من أجل المعاش وآفاته أو من وسوسة إبليس وغيرها ، وقرىء { ٱلْحَزَنَ } . { وَإِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ } للمذنبين . { شَكُورٍ } للمطيعين . { ٱلَّذِى أَحَلَّنَا دَارَ ٱلْمُقَامَةِ } دار الإِقامة . { مِن فَضْلِهِ } من إنعامه وتفضله إذ لا واجب عليه . { لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ } تعب . { وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ } كلا إذ لا تكليف فيها ولا كد ، أتبع نفي النصب نفي ما يتبعه مبالغة . { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ } لا يحكم عليهم بموت ثان . { فَيَمُوتُواْ } فيتسريحوا ، ونصبه بإضمار أن ، وقرىء « فيموتون » عطفاً على { يُقْضَىٰ } فقوله تعالى : { وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } [ المرسلات : 36 ] { وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مّنْ عَذَابِهَا } بل كلما خبت زيد إسعارها . { كَذٰلِكَ } مثل ذلك الجزاء . { نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ } مبالغ في الكفر أو الكفران ، وقرأ أبو عمرو « يجزى » على بناء المفعول وإسناده إلى { كُلٌّ } ، وقرى « يجازي » . { وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا } يستغيثون يفتعلون من الصراخ وهو الصياح استعمل في الاستغاثة لجهر المستغيث صوته . { رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَـٰلِحاً غَيْرَ ٱلَّذِى كُـنَّا نَعْمَلُ } بإضمار القول وتقييد العمل الصالح بالوصف المذكور للتحسر على ما عملوه من غير الصالح والاعتراف به ، والإشعار بأن استخراجهم لتلافيه وأنهم كانوا يحسبون أنه صالح والآن تحقق لهم خلافه . { أَوَ لَمْ نُعَمّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ ٱلنَّذِيرُ } جواب من الله وتوبيخ لهم و { مَّا يَتَذَكَّرُ } فيه متناول كل عمر يمكن المكلف فيه من التفكر والتذكر ، وقيل ما بين العشرين إلى الستين . وعنه عليه الصلاة والسلام " العمر الذي أعذر الله فيه إلى ابن آدم ستون سنة " والعطف على معنى { أَوَ لَمْ نُعَمّرْكُمْ } فإنه للتقرير كأنه قال : عمرناكم وجاءكم النذير وهو النبي صلى الله عليه وسلم أو الكتاب ، وقيل العقل أو الشيب أو موت الأقارب . { فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٍ } يدفع العذاب عنهم . { إِنَّ ٱللَّهَ عَـٰلِمُ غَيْبِ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ } لا يخفى عليه خافية فلا يخفى عليه أحوالهم . { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } تعليل له لأنه إذا علم مضمرات الصدور وهي أخفى ما يكون كان أعلم بغيرها . { هُوَ ٱلَّذِى جَعَلَكُمْ خَلَـٰئِفَ فِى ٱلأَرْضِ } ملقى إليكم مقاليد التصرف فيها ، وقيل خلفاً بعد خلف جمع خليفة والخلفاء جمع خليف . { فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ } جزاء كفره . { وَلاَ يَزِيدُ ٱلْكَـٰفِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً وَلاَ يَزِيدُ ٱلْكَـٰفِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَسَاراً } بيان له ، والتكرير للدلالة على عن اقتضاء الكفر لكل واحد من الأمرين مستقل باقتضاء قبحه ووجوب التجنب عنه ، والمراد بالمقت وهو أشد البغض مقت الله وبالخسار خسار الآخرة . { قُلْ أَرَءَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } يعني آلهتهم والإِضافة إليهم لأنهم جعلوهم شركاء الله أو لأنفسهم فيما يملكونه . { أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ } بدل من { أَرَءَيْتُمْ } بدل الاشتمال لأنه بمعنى أخبروني كأنه قال : أخبروني عن هؤلاء الشركاء أروني أي جزء من الأرض استبدوا بخلقه . { أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ } أم لهم شركة مع الله في خلق السموات فاستحقوا بذلك شركة في الألوهية ذاتية . { أَمْ ءَاتَيْنَاهُم كِتَاباً } ينطق على أنا اتخذناهم شركاء . { فَهُمْ عَلَىٰ بَيّنَةٍ مّنْهُ } على حجة من ذلك الكتاب بأن لهم شركة جعلية ، ويجوز أن يكون هم للمشركين كقوله تعالى : { أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَـٰناً } [ الروم : 35 ] وقرأ نافع وابن عامر ويعقوب وأبو بكر والكسائي « عَلَىٰ بَيّنَـٰتٍ » فيكون إيماء إلى أن الشرك خطير لا بد فيه من تعاضد الدلائل . { بَلْ إِن يَعِدُ ٱلظَّـٰلِمُونَ بَعْضُهُم إِلاَّ غُرُوراً } لما نفى أنواع الحجج في ذلك أضرب عنه بذكر ما حملهم عليه وهو تغرير الأسلاف الأخلاف ، أو الرؤساء الأتباع بأنهم شفعاء عند الله يشفعون لهم بالتقرب إليه . { إِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ أَن تَزُولاَ } كراهة أن تزولا فإن الممكن حال بقائه لا بد له من حافظ ، أو يمنعهما أن تزولا لأن الإِمساك منع . { وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ } ما أمسكهما . { مِن بَعْدِهِ } من بعد الله أو من بعد الزوال ، والجملة سادة مسد الجوابين ومن الأولى زائدة والثانية للابتداء . { إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا } حيث أمسكهما وكانتا جديرتين بأن تهدا هداً كما قال تعالى : { تَكَادُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ ٱلأَرْضُ } [ مريم : 90 ]