Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 35, Ayat: 26-33)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ثُمَّ أَخَذْتُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } أي إنكار بالعقوبة . { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أنَزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاء مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا } أجناسها وأصنافها على أن كلا منها ذو أصناف مختلفة ، أو هيئاتها من الصفرة والخضرة ونحوهما . { وَمِنَ ٱلْجِبَالِ جُدَدٌ } أي ذو جدد أي خطط وطرائق يقال جدة الحمار للخطة السوداء على ظهره ، وقرىء « جُدَدٌ » بالضم جمع جديدة بمعنى الجدة و « جُدَدٌ » بفتحتين وهو الطريق الواضح . { بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوٰنُهَا } بالشدة والضعف . { وَغَرَابِيبُ سُودٌ } عطف على { بَيْضٌ } أو على { جُدَدٌ } كأنه قيل : ومن الجبال ذو جدد مختلفة اللون ومنها { غرابيب } متحدة اللون ، وهو تأكيد مضمر يفسره ما بعده فإن الغربيب تأكيد للأسود ومن حق التأكيد أن يتبع المؤكد ونظير ذلك في الصفة قول النابغة : @ وَالمُـؤْمِـنُ العَـائِـذَاتُ الطَيْـرُ يَمْسَحُهَـا @@ وفي مثله مزيد تأكيد لما فيه من التكرير باعتبار الإِضمار والإِظهار . { وَمِنَ ٱلنَّاسِ وَٱلدَّوَابّ وَٱلأَنْعَـٰمِ مُخْتَلِفٌ أَلْوٰنُهُ كَذَلِكَ } كاختلاف الثمار والجبال . { إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاءُ } إذ شرط الخشية معرفة المخشي والعلم بصفاته وأفعاله ، فمن كان أعلم به كان أخشى منه ولذلك قال عليه الصلاة والسلام " إني أخشاكم لله وأتقاكم له " ولذلك أتبعه بذكر أفعاله الدالة على كمال قدرته ، وتقديم المفعول لأن المقصود حصر الفاعلية ولو أخر انعكس الأمر . وقرىء برفع اسم الله ونصب العلماء على أن الخشية مستعارة للتعظيم فإن المعظم يكون مهيباً . { إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ } تعليل لوجوب الخشية لدلالته على أنه معاقب للمصر على طغيانه غفور للتائب عن عصيانه . { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَـٰبَ ٱللَّهِ } يداومون على قرائته أو متابعة ما فيه حتى صارت سمة لهم وعنواناً ، والمراد بكتاب الله القرآن أو جنس كتب الله فيكون ثناء على المصدقين من الأمم بعد اقتصاص حال المكذبين . { وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّا وَعَلاَنِيَةً } كيف اتفق من غير قصد إليهما . وقيل السر في المسنونة والعلانية في المفروضة . { يَرْجُونَ تِجَـٰرَةً } تحصيل ثواب الطاعة وهو خبر إن . { لَّن تَبُورَ } لن تكسد ولن تهلك بالخسران صفة للتجارة وقوله : { لِيُوَفّيَهُمْ أُجُورَهُمْ } علة لمدلوله أي ينتفي عنها الكساد وتنفق عند الله ليوفيهم بنفاقها أجور أعمالهم ، أو لمدلول ما عد من امتثالهم نحو فعلوا ذلك { لِيُوَفّيَهُمْ } أو عاقبة لـ { يَرْجُونَ } . { وَيَزِيدَهُم مّن فَضْلِهِ } على ما يقابل أعمالهم . { إِنَّهُ غَفُورٌ } لفرطاتهم . { شَكُورٍ } لطاعاتهم أي مجازيهم عليها ، وهو علة للتوفية والزيادة أو خبر إن ويرجون حال من واو وأنفقوا . { وَٱلَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَـٰبِ } يعني القرآن و { مِنْ } للتبيين أو الجنس و { مِنْ } للتبعيض . { هُوَ ٱلْحَقُّ مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } أحقه مصدقاً لما تقدمه من الكتب السماوية حال مؤكدة لأن حقيته تستلزم موافقته إياه في العقائد وأصول الأحكام . { إِنَّ ٱللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ } عالم بالبواطن والظواهر فلو كان في أحوالك ما ينافي النبوة لم يوح إليك مثل هذا الكتاب المعجز الذي هو عيار على سائر الكتب ، وتقديم الخبير للدلالة على أن العمدة في ذلك الأمور الروحانية . { ثُمَّ أَوْرَثْنَا ٱلْكِتَـٰبَ } حكمنا بتوريثه منك أو نورثه فعبر عنه بالماضي لتحققه ، أو أورثناه من الأمم السالفة ، والعطف على { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتْلُونَ } { وَٱلَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ } اعتراض لبيان كيفية التوريث . { ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا } يعني علماء الأمة من الصحابة ومن بعدهم ، أو الأمة بأسرهم فإن الله اصطفاهم على سائر الأمم { فَمِنْهُمْ ظَـٰلِمٌ لّنَفْسِهِ } بالتقصير في العمل به . { وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ } يعمل به في غالب الأوقات . { وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِٱلْخَيْرٰتِ بِإِذُنِ ٱللَّهِ } بضم التعليم والإِرشاد إلى العمل ، وقيل الظالم الجاهل والمقتصد المتعلم والسابق العالم . وقيل الظالم المجرم والمقتصد الذي خلط الصالح بالسيء والسابق الذي ترجحت حسناته بحيث صارت سيئاته مكفرة ، وهو معنى قوله عليه الصلاة والسلام " أما الذين سبقوا فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب ، وأما الذين اقتصدوا فأولئك يحاسبون حساباً يسيراً ، وأما الذين ظلموا أنفسهم فأولئك يحبسون في طول المحشر ثم يتلقاهم الله برحمته " وقيل الظالم الكافر على أن الضمير للعباد ، وتقدميه لكثرة الظالمين ولأن الظلم بمعنى الجهل والركون إلى الهوى مقتضى الجبلة والاقتصاد والسبق عارضان . { ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ } إشارة إلى التوريث أو الاصطفاء أو السبق . { جَنَّـٰتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا } مبتدأ وخبر والضمير للثلاثة أو لـ { ٱلَّذِينَ } أو للـ { مُّقْتَصِدٌ } والـ { سَابِقُ } ، فإن المراد بهما الجنس وقرىء « جنة عدن » و { جَنَّـٰتِ عَدْنٍ } منصوب بفعل يفسره الظاهر ، وقرأ أبو عمرو « يَدْخُلُونَهَا » على البناء للمفعول . { يُحَلَّوْنَ فِيهَا } خبر ثان أو حال مقدرة ، وقرىء « يُحَلَّوْنَ » من حليت المرأة فهي حالية . { مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ } { مِنْ } الأولى للتبعيض والثانية للتبيين . { وَلُؤْلُؤاً } عطف على { ذَهَبَ } أي { مّن ذَهَبٍ } مرصع باللؤلؤ ، أو { مّن ذَهَبٍ } في صفاء اللؤلؤ ونصبه نافع وعاصم رحمهما الله تعالى عطفاً على محل { مِنْ أَسَاوِرَ } . { وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } .