Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 12-19)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي ٱلْمَوْتَىٰ } الأموات بالبعث أو الجهال بالهداية . { وَنَكْتُبُ مَاَ قَدَّمُواْ } ما أسلفوا من الأعمال الصالحة والطالحة . { وَءَاثَارَهُمْ } الحسنة كعلم علموه وحبيس وقفوه ، والسيئة كإشاعة باطل وتأسيس ظلم . { وَكُلَّ شىْءٍ أَحْصَيْنَـٰهُ فِى إِمَامٍ مُّبِينٍ } يعني اللوح المحفوظ . { وَٱضْرِبْ لَهُم } ومثل لهم من قولهم هذه الأشياء على ضرب واحد أي مثال واحد ، وهو يتعدى إلى مفعولين لتضمنه معنى الجعل وهما : { مَّثَلاً أَصْحَـٰبَ ٱلقَرْيَةِ } على حذف مضاف أي اجعل لهم مثل أصحاب القرية مثلاً ، ويجوز أن يقتصر على واحد ويجعل المقدر بدلاً من الملفوظ أو بياناً له ، والقرية انطاكية . { إِذْ جَاءَهَا ٱلْمُرْسَلُونَ } بدل من أصحاب القرية ، و { ٱلْمُرْسَلُونَ } رسل عيسى عليه الصلاة والسلام إلى أهلها وإضافته إلى نفسه في قوله : { إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ ٱثْنَيْنِ } لأنه فعل رسوله وخليفته وهما يحيـى ويونس ، وقيل غيرهما . { فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا } فقوينا ، وقرأ أبو بكر مخففاً من عزه إذا غلبه وحذف المفعول لدلالة ما قبله عليه ولأن المقصود ذكر المعزز به . { بِثَالِثٍ } وهو شمعون . { فَقَالُواْ إِنَّا إِلَيْكُمْ مُّرْسَلُونَ } وذَلِكَ أنهم كانوا عبدة أصنام فأرسل إليهم عيسى عليه السلام اثنين ، فلما قربا من المدينة رأيا حبيباً النجار يرعى غنماً فسألهما فأخبراه فقال : أمعكما آية فقالا : نشفي المريض ونبرىء الأكمه والأبرص ، وكان له ولد مريض فمسحاه فبرأ فآمن حبيب وفشا الخبر ، فشفي على أيديهما خلق كثير وبلغ حديثهما إلى الملك وقال لهما : ألنا إله سوى آلهتنا ؟ قالا : نعم من أوجدك وآلهتك ، قال حتى أنظر في أمركما فحبسهما ، ثم بعث عيسى شمعون فدخل متنكراً وعاشر أصحاب الملك حتى استأنسوا به وأوصلوه إلى الملك فأنس به ، فقال له يوماً : سمعت أنك حبست رجلين فهل سمعت ما يقولانه ، قال فدعاهما فقال شمعون من أرسلكما قالا : الله الذي خلق كل شيء وليس له شريك ، فقال صفاه وأوجزا ، قالا : يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، قال وما آيتكما ، قالا : ما يتمنى الملك ، فدعا بغلام مطموس العينين فدعوا الله حتى انشق له بصره ، وأخذا بندقتين فوضعاهما في حدقتيه فصارتا مقلتين ينظر بهما ، فقال شمعون أرأيت لو سألت آلهتك حتى تصنع مثل هذا حتى يكون لك ولها الشرف ، قال ليس لي عنك سر آلهتنا لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع ، ثم قال إن قدر إلهكما على إحياء ميت آمنا به ، فأتوا بغلام مات منذ سبعة أيام فدعوا الله فقام وقال : إني أدخلت في سبعة أودية من النار وأنا أحذركم ما أنتم فيه فآمنوا ، وقال فتحت أبواب السماء فرأيت شاباً حسناً يشفع لهؤلاء الثلاثة فقال الملك من هم قال شمعون وهذان فلما رأى شمعون أن قوله قد أثر فيه نصحه فآمن في جمع ، ومن لم يؤمن صاح عليهم جبريل عليه الصلاة والسلام فهلكوا . { قَالُواْ مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُنَا } لا مزية لكم علينا تقتضي اختصاصكم بما تدعون ، ورفع بشر لانتقاض النفي المقتضي إعمال ما بإلا . { وَمَا أَنَزلَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مِن شَىْءٍ } وحي ورسالة . { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ } في دعوى الرسالة . { قَالُواْ رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ } استشهدوا بعلم الله وهو يجري مجرى القسم ، وزادوا اللام المؤكدة لأنه جواب عن إنكارهم . { وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ } الظاهر البين بالآيات الشاهدة لصحته ، وهو المحسن للاستشهاد فإنه لا يحسن إلا ببينة . { قَالُواْ إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ } تشاءمنا بكم ، وذلك لاستغرابهم ما ادعوه واستقباحهم له وتنفرهم عنه . { لَئِن لَّمْ تَنتَهُواْ } عن مقالتكم هذه . { لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ } . { قَالُواْ طَـٰئِرُكُم مَّعَكُمْ } سبب شؤمكم معكم وهو سوء عقيدتكم وأعمالكم ، وقرىء « طيركم معكم » . { أَئِن ذُكّرْتُم } وعظتم ، وجواب الشرط محذوف مثل تطيرتم أو توعدتم بالرجم والتعذيب ، وقد قرىء بألف بين الهمزتين وبفتح أن بمعنى أتطيرتم لأن ذكرتم وأن بغير الاستفهام و « أين ذكرتم » بمعنى طائركم معكم حيث جرى ذكركم وهو أبلغ . { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ } قوم عادتكم الإِسراف في العصيان فمن ثم جاءكم الشؤم ، أو في الضلال ولذلك توعدتم وتشاءمتم بمن يجب أن يكرم ويتبرك به .