Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 39-47)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱلْقَمَرَ قَدَّرْنَـٰهُ } قدرنا مسيره . { مَنَازِلَ } أو سيره في منازل وهي ثمانية وعشرون : السرطان ، البطين ، الثريا ، الدبران ، الهقعة ، الهنعة ، الذراع ، النثرة ، الطرف ، الجبهة ، الزبرة ، الصرفة ، العواء ، السماك ، الغفر ، الزبانا ، الإِكليل ، القلب ، الشولة ، النعائم ، البلدة ، سعد الذابح ، سعد بلع ، سعدالسعود ، سعد الأخبية ، فرغ الدلو المقدم ، فرغ الدلو المؤخر ، الرشا ، وهو بطن الحوت ينزل كل ليلة في واحد منها لا يتخطاه ولا يتقاصر عنه ، فإذا كان في آخر منازله وهو الذي يكون فيه قبيل الإِجتماع دق واستقوس ، وقرأ الكوفيون وابن عامر { وَٱلْقَمَرَ } بنصب الراء . { حَتَّىٰ عَادَ كَٱلعُرجُونِ } كالشمراخ المعوج ، فعلون من الانعراج وهو الاعوجاج ، وقرىء { كَٱلعُرجُونِ } وهما لغتان كالبزيون والبزيون . { ٱلْقَدِيمِ } العتيق وقيل ما مر عليه حول فصاعداً . { لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا } يصح لها ويتسهل . { أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ } في سرعة سيره فإن ذلك يخل بتكون النبات وتعيش الحيوان ، أو في آثاره ومنافعه أو مكانه بالنزول إلى محله ، أو سلطانه فتطمس نوره ، وإيلاء حرف النفي { ٱلشَّمْسَ } للدلالة على أنها مسخرة لا يتيسر لها إلا ما أريد بها . { وَلاَ ٱلَّيْلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ } يسبقه فيفوته ولكن يعاقبه ، وقيل المراد بهما آيتاهما وهما النيران ، وبالسبق سبق القمر إلى سلطان الشمس فيكون عكساً للأول وتبديل الإِدراك بالسبق لأنه الملائم لسرعة سيره . { وَكُلٌّ } وكلهم والتنوين عوض عن المضاف إليه ، والضمير للشموس والأقمار فإن اختلاف الأحوال يوجب تعدداً ما في الذات ، أو للكواكب فإن ذكرهما مشعر بهما . { فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } يسيرون فيه بانبساط . { وَءَايَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرّيَّتَهُمْ } أولادهم الذين يبعثونهم إلى تجاراتهم ، أو صبيانهم ونساءهم الذين يستصحبونهم ، فإن الذرية تقع عليهن لأنهن مزارعها . وتخصيصهم لأن استقرارهم في السفن أشق وتماسكهم فيها أعجب ، وقرأ نافع وابن عامر { ذرياتهم } . { فِى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } المملوء ، وقيل المراد فلك نوح عليه الصلاة والسلام ، وحمل الله ذرياتهم فيها أنه حمل فيها آباءهم الأقدمين وفي أصلابهم هم وذرياتهم ، وتخصيص الذرية لأنه أبلغ في الامتنان وأدخل في التعجب مع الإِيجاز . { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مّن مّثْلِهِ } من مثل الفلك . { مَا يَرْكَبُونَ } من الإِبل فإنها سفائن البر أو من السفن والزوارق . { وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلاَ صَرِيخَ لَهُمْ } فلا مغيث لهم يحرسهم عن الغرق ، أو فلا إغاثة كقولهم أتاهم الصريخ . { وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ } ينجون من الموت به . { إِلاَّ رَحْمَةً مّنَّا وَمَتَاعاً } إلا لرحمة ولتمتيع بالحياة . { إِلَىٰ حِينٍ } زمان قدر لآجالهم . { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ } الوقائع التي خلت أو العذاب المعد في الآخرة ، أو نوازل السماء ونوائب الأَرض كقوله : { أَفَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } [ سبأ : 9 ] أو عذاب الدنيا وعذاب الآخرة أو عكسه ، أو ما تقدم من الذنوب وما تأخر . { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } لتكونوا راجين رحمة الله ، وجواب إذا محذوف دل عليه قوله : { وَمَا تَأْتِيهِم مّنْ ءَايَةٍ مّنْ ءَايَـٰتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } كأنه قال وإذا قيل لهم اتقوا العذاب أعرضوا لأنهم اعتادوه وتمرنوا عليه . { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُواْ مِمَّا رِزَقَكُمُ ٱلله } على محاويجكم . { قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بالصانع يعني معطلة كانوا بمكة . { لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ } تهكماً بهم من إقرارهم به وتعليقهم الأمور بمشيئته . { أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاءُ ٱللَّهُ أَطْعَمَهُ } على زعمكم ، وقيل قاله مشركو قريش حين استطعمهم فقراء المؤمنين إيهاماً بأن الله تعالى لما كان قادراً أن يطعمهم ولم يطعمهم فنحن أحق بذلك ، وهذا من فرط جهالتهم فإن الله يطعم بأسباب منها حث الأغنياء على إطعام الفقراء وتوفيقهم له . { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } حيث أمرتمونا ما يخالف مشيئة الله ، ويجوز أن يكون جواباً من الله لهم أو حكاية لجواب المؤمنين لهم .