Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 54-65)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَٱلْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } حكاية لما يقال لهم حينئذ تصويراً للموعود وتمكيناً له في النفوس وكذا قوله : { إِنَّ أَصْحَـٰبَ ٱلْجَنَّةِ ٱليَوْمَ فِى شُغُلٍ فَـٰكِهُونَ } متلذذون في النعمة من الفكاهة ، وفي تنكير { شُغُلٍ } وإبهامه تعظيم لما هم فيه من البهجة والتلذذ ، وتنبيه على أنه أعلى ما يحيط به الأفهام ويعرب عن كنهه الكلام ، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو { فِى شُغُلٍ } بالسكون ، ويعقوب في رواية « فكهون » للمبالغة وهما خبران لـ { إِنْ } ، ويجوز أن يكون { فِى شُغُلٍ } صلة { لفاكهون } ، وقرىء « فكهون » بالضم وهو لغة كنطس ونطس « وفاكهين » « وفكهين » على الحال من المستكهن في الظرف ، و { شُغُلٍ } بفتحتين وفتحة وسكون والكل لغات . { هُمْ وَأَزْوٰجُهُمْ فِى ظِلَـٰلٍ } جمع ظل كشعاب أو ظلة كقباب ويؤيده قراءة حمزة والكسائي في « ظلل » . { عَلَىٰ ٱلأَرَائِكِ } على السرر المزينة . { مُتَّكِئُونَ } و { هُمْ } مبتدأ خبره { فِى ظِلَـٰلٍ } ، و { عَلَىٰ ٱلأَرَائِكِ } جملة مستأنفة أو خبر ثان أو { مُتَّكِئُونَ } والجاران صلتان له ، أو تأكيد للضمير في شغل أو في فاكهون ، وعلى الأرائك متكئون خبر آخر لإِن وأزواجهم عطف على { هُمْ } للمشاركة في الأحكام الثلاثة ، و { فِى ظِلَـٰلٍ } حال من المعطوف والمعطوف عليه . { لَهُمْ فِيهَا فَـٰكِهَةٌ وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ } ما يدعون به لأنفسهم يفتعلون من الدعاء كاشتوى واجتمل إذا شوى وجمل لنفسه ، أو ما يتداعونه كقولك ارتموه بمعنى تراموه ، أو يتمنون من قولهم ادع علي ما شئت بمعنى تمنه علي ، أو ما يدعونه في الدنيا من الجنة ودرجاتها و { مَا } موصولة أو موصوفة مرتفعة بالابتداء ، و { لَهُمْ } خبرها وقوله : { سَلَـٰمٌ } بدل منها أو صفة أخرى ، ويجوز أن يكون خبرها أو خبر محذوف أو مبتدأ محذوف الخبر أي ولهم سلام ، وقرىء بالنصب على المصدر أو الحال أي لهم مرادهم خالصاً . { قَوْلاً مّن رَّبّ رَّحِيمٍ } أي يقول الله أو يقال لهم قولاً كائناً من جهته ، والمعنى أن الله يسلم عليهم بواسطة الملائكة أو بغير واسطة تعظيماً لهم وذلك مطلوبهم ومتمناهم ، ويحتمل نصبه على الاختصاص . { وَٱمْتَازُواْ ٱلْيَوْمَ أَيُّهَا ٱلْمُجْرِمُونَ } وانفردوا عن المؤمنين وذلك حين يسار بهم إلى الجنة كقوله : { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } [ الروم : 14 ] وقيل اعتزلوا من كل خير أو تفرقوا في النار فإن لكل كافر بيتاً ينفرد به لا يرى ولا يرى . { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي ءَادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ ٱلشَّيطَـٰنَ } من جملة ما يقال لهم تقريعاً وإلزاماً للحجة ، وعهده إليهم ما نصب لهم من الحجج العقلية والسمعية الآمرة بعبادته الزاجرة عن عبادة غيره وجعلها عبادة الشيطان ، لأنه الآمر بها والمزين لها ، وقرىء { أَعْهَدْ } بكسر حرف المضارعة و « أحهد » و « أحد » على لغة بني تميم . { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } تعليل للمنع عن عبادته بالطاعة فيها يحملهم عليه . { وَأَنِ ٱعْبُدُونِى } عطف على { أَن لاَّ تَعْبُدُواْ } . { هَـٰذَا صِرٰطٌ مُّسْتَقِيمٌ } إشارة إلى ما عهد إليهم أو إلى عبادته ، فالجملة استئناف لبيان المقتضي للعهد بشقيه أو بالشق الآخر ، والتنكير للمبالغة والتعظيم ، أو للتبعيض فإن التوحيد سلوك بعض الطريق المستقيم . { وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُواْ تَعْقِلُونَ } رجوع إلى بيان معاداة الشيطان مع ظهور عداوته ووضوح إضلاله لمن له أدنى عقل ورأي والجبل الخلق ، وقرأ يعقوب بضمتين وابن كثير وحمزة والكسائي بهما مع تخفيف اللام وابن عامر وأبو عمرو بضمة وسكون مع التخفيف والكل لغات ، وقرىء { جِبِلاًّ } جمع جبلة كخلقة وخلق و « جيلاً » واحد الأجيال . { هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ ٱلَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ } . { ٱصْلَوْهَا ٱلْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ } ذوقوا حرها اليوم بكفركم في الدنيا . { ٱلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوٰهِهِمْ } نمنعها عن الكلام . { وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } بظهور آثار المعاصي عليها ودلالتها على أفعالها ، أو إنطاق الله إياها وفي الحديث " إنهم يجحدون ويخاصمون فيختم على أفواههم وتتكلم أيديهم وأرجلهم " .