Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 66-75)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَىٰ أَعْيُنِهِمْ } لمسحنا أعينهم حتى تصير ممسوحة . { فَٱسْتَبَقُواْ ٱلصّرٰطَ } فاستبقوا إلى الطريق الذي اعتادوا سلوكه ، وانتصابه بنزع الخافض أو بتضمين الاستباق معنى الابتدار ، أو جعل المسبوق إليه مسبوقاً على الاتساع أو بالظرف . { فَأَنَّىٰ يُبْصِرُونَ } الطريق وجهة السلوك فضلاً عن غيره . { وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَـٰهُمْ } بتغيير صورهم وإبطال قواهم . { عَلَىٰ مَكَـٰنَتِهِمْ } مكانهم بحيث يجمدون فيه ، وقرأ أبو بكر « مكاناتهم » . { فَمَا ٱسْتَطَـٰعُواْ مُضِيّاً } ذهاباً . { وَلاَ يَرْجِعُونَ } ولا رجوعاً فوضع الفعل موضعه للفواصل ، وقيل { لاَ يَرْجِعُونَ } عن تكذيبهم ، وقرىء { مُضِياً } بإتباع الميم الضاد المكسورة لقلب الواو ياء كالمعتى والمعتي ومضياً كصبي ، والمعنى أنهم بكفرهم ونقضهم ما عهد إليهم أحقاء بأن يفعل بهم ذلك لكنا لم نفعل لشمول الرحمة لهم واقتضاء الحكمة إمهالهم . { وَمَن نّعَمّرْهُ } ومن نطل عمره . { نُنَكِّـسْهُ فِى ٱلْخَلْقِ } نقلبه فيه فلا يزال يتزايد ضعفه وانتقاض بنيته وقواه عكس ما كان عليه بدء أمره ، وابن كثير على هذه يشبع ضمة الهاء على أصله ، وقرأ عاصم وحمزة « نُنَكّـسْهُ » من التنكيس وهو أبلغ والنكس أشهر . { أَفَلاَ يَعْقِلُونَ } أن من قدر على ذلك قدر على الطمس والمسخ فإنه مشتمل عليهما ويزاد غير أنه على تدرج ، وقرأ نافع برواية ابن عامر وابن ذكوان ويعقوب بالتاء لجري الخطاب قبله . { وَمَا عَلَّمْنَـٰهُ ٱلشّعْرَ } رد لقولهم إن محمداً شاعر أي ما علمناه الشعر بتعليم القرآن ، فإنه لا يماثله لفظاً ولا معنى لأنه غير مقفى ولا موزون ، وليس معناه ما يتوخاه الشعراء من التخيلات المرغبة والمنفرة ونحوها . { وَمَا يَنبَغِي لَهُ } وما يصح له الشعر ولا يتأتى له إن أراد قرضه على ما خبرتم طبعه نحواً من أربعين سنة ، وقوله عليه الصلاة والسلام : " أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب " وقوله : @ هَلٌ أَنَتَ إلا إِصبعٌ دَميت وفي سَبِيلِ الله مَا لقيتِ @@ اتفاقيٌ من غير تكلف وقصد منه إلى ذلك ، وقد يقع مثله كثيراً في تضاعيف المنثورات على أن الخليل ما عد المشطور من الرجز شعراً ، هذا وقد روي أنه حرك الباءين وكسر التاء الأولى بلا إشباع وسكن الثانية ، وقيل الضمير للـ { قُرْءانَ } أي وما يصح للقرآن أن يكون شعراً . { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ } عظة وإرشاد من الله تعالى . { وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ } وكتاب سماوي يتلى في المعابد ، ظاهر أنه ليس من كلام البشر لما فيه من الإِعجاز . { لّيُنذِرَ } القرآن أو الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويؤيده قراءة نافع وابن عامر ويعقوب بالتاء . { مَن كَانَ حَيّاً } عاقلاً فهما فإن الغافل كالميت ، أو مؤمناً في علم الله تعالى فإن الحياة الأبدية بالإِيمان ، وتخصيص الإِنذار به لأنه المنتفع به . { وَيَحِقَّ ٱلْقَوْلُ } وتجب كلمة العذاب . { عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ } المصرين على الكفر ، وجعلهم في مقابلة من كان حياً إشعاراً بأنهم لكفرهم وسقوط حجتهم وعدم تأملهم أموات في الحقيقة . { أَوَ لَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا } مما تولينا إحداثه ولم يقدر على إحداثه غيرنا ، وذكر الأيدي وإسناد العمل إليها استعارة تفيد مبالغة في الاختصاص ، والتفرد بالإِحداث . { أَنْعـٰماً } خصها بالذكر لما فيها من بدائع الفطرة وكثرة المنافع . { فَهُمْ لَهَا مَـٰلِكُونَ } متملكون لها بتمليكنا إياها ، أو متمكنون من ضبطها والتصرف فيها بتسخيرنا إياها لهم قال : @ أَصْبَحْتُ لاَ أَحْمِلُ السِّلاَحَ وَلا أَمْلِكُ رَأْسَ البَعِيرِ إِنْ نَفَرَا @@ { وَذَلَّلْنَـٰهَا لَهُمْ } وصيرناها منقادة لهم . { فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ } مركوبهم ، وقرىء « ركوبتهم » ، وهي بمعناه كالحلوب والحلوبة ، وقيل جمعه وركوبهم أي ذو ركوبهم أو فمن منافعها { رَكُوبُهُمْ } . { وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ } أي ما يأكلون لحمه . { وَلَهُمْ فِيهَا مَنَـٰفِعُ } من الجلود والأصواف والأوبار . { وَمَشَـٰرِبُ } من اللبن جمع مشرب بمعنى الموضع ، أو المصدر وأمال الشين ابن عامر وحده برواية هشام . { أَفَلاَ يَشْكُرُونَ } نعم الله في ذلك إذ لولا خلقه لها وتذليله إياها كيف أمكن التوسل إلى تحصيل هذه المنافع المهمة . { وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ ءَالِهَةً } أشركوها به في العبادة بعد ما رأوا منه تلك القدرة الباهرة والنعم المتظاهرة ، وعلموا أنه المتفرد بها . { لَّعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ } رجاء أن ينصروهم فيما حزبهم من الأمور والأمر بالعكس لأنهم . { لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ } لآلهتهم . { جُندٌ مٌّحْضَرُونَ } معدون لحفظهم والذب عنهم ، أو { مُحْضَرُونَ } أثرهم في النار .