Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 76-83)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَلاَ يَحْزُنكَ } فلا يهمنك ، وقرىء بضم الياء من أحزن . { قَوْلُهُمْ } في الله بالإِلحاد والشرك ، أو فيك بالتكذيب والتهجين . { إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ } فنجازيهم عليه وكفى ذلك أن تتسلى به ، وهو تعليل للنهي على الاستئناف ولذلك لو قرىء { أَنَاْ } بالفتح على حذف لام التعليل جاز . { أَوَ لَمْ يَرَ ٱلإِنسَـٰنُ أَنَّا خَلَقْنَـٰهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مٌّبِينٌ } تسلية ثانية بتهوين ما يقولونه بالنسبة إلى إنكارهم الحشر ، وفيه تقبيح بليغ لإِنكاره حيث عجب منه وجعله إفراطاً في الخصومة بينا ومنافاة لجحود القدرة على ما هو أهون مما عمله في بدء خلقه ، ومقابلة النعمة التي لا مزيد عليها وهي خلقه من أخس شيء وأمهنه شريفاً مكرماً بالعقوق والتكذيب . روي « أن أبي بن خلف أتى النبي صلى الله عليه وسلم بعظم بال يفتته بيده وقال : أترى الله يحيـي هذا بعد ما رم ، فقال عليه الصلاة والسلام : " نعم ويبعثك ويدخلك النار فنزلت " وقيل معنى { فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ } فإذا هو بعد ما كان ماء مهيناً مميز منطيق قادر على الخصام معرب عما في نفسه . { وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً } أمراً عجيباً وهو نفي القدرة على إحياء الموتى ، أو تشبيهه بخلقه بوصفه بالعجز عما عجزوا عنه . { وَنَسِىَ خَلْقَهُ } خلقنا إياه . { قَالَ مَن يُحيِيِ ٱلْعِظَـٰمَ وَهِىَ رَمِيمٌ } منكراً إياه مستبعداً له ، والرميم ما بلي من العظام ، ولعله فعيل بمعنى فاعل من رم الشيء صار اسماً بالغلبة ولذلك لم يؤنث ، أو بمعنى مفعول من رممته . وفيه دليل على أن العظم ذو حياة فيؤثر فيه الموت كسائر الأعضاء . { قُلْ يُحْيِيهَا ٱلَّذِى أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ } فإن قدرته كما كانت لامتناع التغير فيه والمادة على حالها في القابلية اللازمة لذاتها . { وَهُوَ بِكُلّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } يعلم تفاصيل المخلوقات بعلمه وكيفية خلقها ، فيعلم أجزاء الأشخاص المتفتتة المتبددة أصولها وفصولها ومواقعها وطريق تمييزها ، وضم بعضها إلى بعض على النمط السابق وإعادة الأعراض والقوى التي كانت فيها أو إحداث مثلها . { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُم مّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلأَخْضَرِ } كالمرخ والعفار . { نَارًا } بأن يسحق المرخ على العفار وهما خضراوان يقطر منهما الماء فتنقدح النار . { فَإِذَا أَنتُم مّنْه تُوقِدُونَ } لا تشكون فإنها نار تخرج منه ، ومن قدر على إحداث النار من الشجر الأخضر مع ما فيه من المائية المضادة لها بكيفيتها كان أقدر على إعادة الغضاضة فيما كان غضاً فيبس وبلي ، وقرىء من « الشجر الخضراء » على المعنى كقوله { فَمَالِئُونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ } [ الدخان : 45 ] { أَوَ لَيْسَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } مع كبر جرمهما وعظم شأنهما . { بِقَـٰدِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم } في الصغر والحقارة بالإِضافة إليهما ، أو مثلهم في أصول الذات وصفاتها وهو المعاد ، وعن يعقوب « يقدر » . { بَلَىٰ } جواب من الله تعالى لتقرير ما بعد النفي مشعر بأنه لا جواب سواه . { وَهُوَ ٱلْخَلَّـٰقُ ٱلْعَلِيمُ } كثير المخلوقات والمعلومات . { إِنَّمَا أَمْرُهُ } إِنَّمَا شأنه . { إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن } أي تكون . { فَيَكُونُ } فهو يكون أي يحدث ، وهو تمثيل لتأثير قدرته في مراده بأمر المطاع للمطيع في حصول المأمور من غير امتناع وتوقف وافتقار إلى مزاولة عمل واستعمال آلة قطعاً لمادة الشبهة ، وهو قياس قدرة الله تعالى على قدرة الخلق ، ونصبه ابن عامر والكسائي عطفاً على { يِقُولُ } . { فَسُبْحَـٰنَ ٱلَّذِى بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلّ شَىْءٍ } تنزيه عما ضربوا له ، وتعجيب عما قالوا فيه معللاً بكونه مالكاً للأمر كله قادراً على كل شيء . { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } وعد ووعيد للمقرين والمنكرين ، وقرأ يعقوب بفتح التاء . وعن ابن عباس رضي الله عنه : كنت لا أعلم ما روي في فضل يس كيف خصت به فإذا أنه بهذه الآية . وعنه عليه الصلاة والسلام " إن لكل شيء قلباً وقلب القرآن يس ، وأيما مسلم قرأها يريد بها وجه الله غفر الله له وأعطي من الأجر كأنما قرأ القرآن اثنتين وعشرين مرة ، وأيما مسلم قرىء عنده إذا نزل به ملك الموت سورة يس نزل بكل حرف منها عشرة أملاك يقومون بين يديه صفوفاً يصلون عليه ويستغفرون له ، ويشهدون غسله ويشيعون جنازته ويصلون عليه ويشهدون دفنه ، وأيما مسلم قرأ يس وهو في سكرات الموت لم يقبض ملك الموت روحه حتى يجيئه رضوان بشربة من الجنة فيشربها وهو على فراشه فيقبض روحه وهو ريان ، ويمكث في قبره وهو ريان ، ولا يحتاج إلى حوض من حياض الأنبياء حتى يدخل الجنة وهو ريان " .