Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 11-23)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَٱسْتَفْتِهِمْ } فاستخبرهم والضمير لمشركي مكة أو لبني آدم . { أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَا } يعني ما ذكر من الملائكة والسماء والأرض وما بينهما والمشارق والكواكب والشهب الثواقب ، و { مِنْ } لتغليب العقلاء ويدل عليه إطلاقه ومجيئه بعد ذلك ، وقراءة من قرأ « أم من عددنا » ، وقوله : { إِنَّا خَلَقْنَـٰهُم مّن طِينٍ لاَّزِبٍ } فإنه الفارق بينهم وبينها لا بينهم وبين من قبلهم كعاد وثمود ، وإن المراد إثبات المعاد ورد استحالته والأمر فيه بالإِضافة إليهم وإلى من قبلهم سواء ، وتقريره أن استحالة ذلك إما لعدم قابلية المادة ومادتهم الأصلية هي الطين اللازب الحاصل من ضم الجزء المائي إلى الجزء الأرضي وهما باقيان قابلان للانضمام بعد ، وقد علموا أن الإِنسان الأول إنما تولد منه إما لاعترافهم بحدوث العالم أو بقصة آدم وشاهدوا تولد كثير من الحيوانات منه بلا توسط مواقعة ، فلزمهم أن يجوزوا إعادتهم كذلك ، وإما لعدم قدرة الفاعل ومن قدر على خلق هذه الأشياء قدر على ما لا يعتد به بالإِضافة إليها سيما ومن ذلك بدؤهم أولاً وقدرته ذاتية لا تتغير . { بَلْ عَجِبْتَ } من قدرة الله تعالى وإنكارهم للبعث . { وَيَسْخُرُونَ } من تعجبك وتقريرك للبعث ، وقرأ حمزة والكسائي بضم التاء أي بلغ كمال قدرتي وكثرة خلائقي أن تعجبت منها ، وهؤلاء لجهلهم يسخرون منها . أو عجبت من أن ينكر البعث ممن هذه أفعاله وهم يسخرون ممن يجوزه . والعجب من الله تعالى إما على الفرض والتخييل أو على معنى الاستعظام اللازم له فإنه روعة تعتري الإِنسان عند استعظامه الشيء ، وقيل إنه مقدر بالقول أي : قال يا محمد بل عجبت . { وَإِذَا ذُكّرُواْ لاَ يَذْكُرُونَ } وإذا وعظوا بشيء لا يتعظون به ، أو إذا ذكر لهم ما يدل على صحة الحشر لا ينتفعون به لبلادتهم وقلة فكرهم . { وَإِذَا رَأَوْاْ ءايَةً } معجزة تدل على صدق القائل به . { يَسْتَسْخِرُونَ } يبالغون في السخرية ويقولون إنه سحر ، أو يستدعي بعضهم من بعض أن يسخر منها . { وَقَالُواْ إِن هَـٰذَا } يعنون ما يرونه . { إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } ظاهر سحريته . { أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَـٰماً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } أصله انبعث إذا متنا فبدلوا الفعلية بالاسمية وقدموا الظرف وكرروا الهمزة مبالغة في الإِنكار ، وإشعاراً بأن البعث مستنكر في نفسه وفي هذه الحالة أشد استنكاراً ، فهو أبلغ من قراءة ابن عامر بطرح الهمزة الأولى وقراءة نافع والكسائي ويعقوب بطرح الثانية . { أَوَ ءَابَاؤُنَا ٱلأَوَّلُونَ } عطف على محل { إِن } واسمها ، أو على الضمير في « مبعوثون » فإنه مفصول منه بهمزة الاستفهام لزيادة الاستبعاد لبعد زمانهم ، وسكن نافع برواية قالون بن عامر والواو على معنى الترديد . { قُلْ نَعَمْ وَأَنتُمْ دٰخِرُونَ } صاغرون ، وإنما اكتفى به في الجواب لسبق ما يدل على جوازه وقيام المعجز على صدق المخبر عن وقوعه ، وقرىء « قال » أي الله أو الرسول وقرأ الكسائي وحده « نِعْمَ » بالكسر وهو لغة فيه . { فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وٰحِدَةٌ } جواب شرط مقدر أي إذا كان ذلك فإنما البعثة { زَجْرَةٌ } أي صيحة واحدة ، وهي النفخة الثانية من زجر الراعي غنمه إذا صاح عليها وأمرها في الإِعادة كأمر { كُنْ } في الإِبداء ولذلك رتب عليها . { فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ } فإذا هم قيام من مراقدهم أحياء يبصرون ، أو ينتظرون ما يفعل بهم . { وَقَالُواْ يٰوَيْلَنَا هَـٰذَا يَوْمُ ٱلدّينِ } اليوم الذي نجازى بأعمالنا وقد تم به كلامهم وقوله : { هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ ٱلَّذِى كُنتُمْ بِهِ تُكَذّبُونَ } جواب الملائكة ، وقيل هو أيضاً من كلام بعضهم لبعض والفصل القضاء ، أو الفرق بين المحسن والمسيء . { ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } أمر الله للملائكة ، أو أمر بعضهم لبعض بحشر الظلمة من مقامهم إلى الموقف . وقيل منه إلى الجحيم . { وَأَزْوٰجُهُمْ } وأشباههم عابد الصنم مع عبدة الصنم وعابد الكوكب مع عبدته كقوله تعالى : { وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلَـٰثَةً } [ الواقعة : 7 ] أو نساءهم اللاتي على دينهم أو قرناءهم من الشياطين . { وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } من الأصنام وغيرها زيادة في تحسيرهم وتخجيلهم ، وهو عام مخصوص بقوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ } الآية ، وفيه دليل على أن { ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } هم المشركون . { فَٱهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرٰطِ ٱلْجَحِيمِ } فعرفوهم طريقاً ليسلكوها .