Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 139-149)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } وقرىء بكسر النون . { إِذْ أَبَقَ } هرب ، وأصله الهرب من السيد لكن لما كان هربه من قومه بغير إذن ربه حسن إطلاقه عليه . { إِلَى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } المملوء . { فَسَـٰهَمَ } فقارع أهله . { فَكَانَ مِنَ ٱلْمُدْحَضِينَ } فصار من المغلوبين بالقرعة ، وأصله المزلق عن مقام الظفر . روي أنه لما وعد قومه بالعذاب خرج من بينهم قبل أن يأمره الله ، فركب السفينة فوقفت فقالوا : ها هنا عبد آبق فاقترعوا فخرجت القرعة عليه ، فقال أنا الآبق ورمى بنفسه في الماء . { فَٱلْتَقَمَهُ ٱلْحُوتُ } فابتلعه من اللقمة . { وَهُوَ مُلِيمٌ } داخل في الملامة ، أو آت بما يلام عليها أو مليم نفسه ، وقرىء بالفتح مبنياً من ليم كمشيب في مشوب . { فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبّحِينَ } الذاكرين الله كثيراً بالتسبيح مدة عمره ، أو في بطن الحوت وهو قوله { لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَـٰنَكَ إِنّى كُنتُ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } [ الأنبياء : 87 ] وقيل من المصلين . { لَلَبِثَ فِى بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } حياً وقيل ميتاً ، وفيه حث على إكثار الذكر وتعظيم لشأنه ، ومن أقبل عليه في السراء أخذ بيده عند الضراء . { فَنَبَذْنَـٰهُ } بأن حملنا الحوت على لفظه . { بِٱلْعَرَاء } بالمكان الخالي غما يغطيه من شجر أو نبت . روي أن الحوت سار مع السفينة رافعاً رأسه يتنفس فيه يونس ويسبح حتى انتهوا إلى البر فلفظه ، واختلف في مدة لبثه فقيل بعض يوم وقيل ثلاثة أيام وقيل سبعة ، وقيل عشرون وقيل أربعون . { وَهُوَ سَقِيمٌ } مما ناله قيل صار بدنه كبدن الطفل حين يولد . { وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ } أي فوقه مظلة عليه . { شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ } من شجر ينبسط على وجه الأرض ولا يقوم على ساقه ، يفعيل من قطن بالمكان إذا أقام به ، والأكثر على أنها كانت الدباء غطته بأوراقها عن الذباب فإنه لا يقع عليه ، ويدل عليه أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك لتحب القرع ، قال : " أجل هي شجرة أخي يونس " وقيل التين وقيل الموز تغطى بورقه واستظل بأغصانه وأفطر على ثماره . { وَأَرْسَلْنَـٰهُ إِلَىٰ مِاْئَةِ أَلْفٍ } هم قومه الذين هرب عنهم وهم أهل نينوى ، والمراد به ما سبق من إرساله أو إرسال ثان إليهم أو إلى غيرهم . { أَوْ يَزِيدُونَ } في مرأى الناظر أي إذا نظر إليهم ، قال هم مائة ألف أو يزيدون والمراد الوصف بالكثرة وقرىء بالواو . { فَـئَامِنُواْ } فصدقوه أو فجددوا الإِيمان به بمحضره . { فَمَتَّعْنَـٰهُمْ إِلَىٰ حِينٍ } إلى أجلهم المسمى ، ولعله إنما لم يختم قصته وقصة لوط بما ختم به سائر القصص تفرقة بينهما وبين أرباب الشرائع الكبر وأولى العزم من الرسل ، أو اكتفاء بالتسليم الشامل لكل الرسل المذكورين في آخر السورة . { فَٱسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبّكَ ٱلْبَنَاتُ وَلَهُمُ ٱلْبَنُونَ } معطوف على مثله ، في أول السورة أمر رسوله أولاً باستفتاء قريش عن وجه إنكارهم البعث ، وساق الكلام في تقريره جاراً لما يلائمه من القصص موصولاً بعضها ببعض ، ثم أمر باستفتائهم عن وجه القسمة حيث جعلوا لله البنات ولأنفسهم البنين في قولهم : الملائكة بنات الله ، وهؤلاء زادوا على الشرك ضلالات أخر ، التجسيم وتجويز الفناء على الله تعالى ، فإن الولادة مخصوصة بالأجسام الكائنة الفاسدة ، وتفضيل أنفسهم عليه حيث جعلوا أوضع الجنسين له وأرفعهما لهم ، واستهانتهم بالملائكة حيث أنثوهم ولذلك كرر الله تعالى إنكار ذلك وإبطاله في كتابه مراراً ، وجعله مما { تَكَادُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ ٱلأرْضُ وَتَخِرُّ ٱلْجِبَالُ هَدّاً } [ مريم : 90 ] والإِنكار ها هنا مقصور على الأخيرين لاختصاص هذه الطائفة بهما ، أو لأن فسادهما مما تدركه العامة بمقتضى طباعهم حيث جعل المعادل للاستفهام عن التقسيم .