Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 19-23)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِى ٱلنَّارِ } جملة شرطية معطوفة على محذوف دل عليه الكلام تقديره أأنت مالك أمرهم فمن حق عليه العذاب فأنت تنقذه ، فكررت الهمزة في الجزاء لتأكيد الإِنكار والاستبعاد ، ووضع { مَن فِى ٱلنَّارِ } موضع الضمير لذلك وللدلالة على أن من حكم عليه بالعذاب كالواقع فيه لامتناع الخلف فيه ، وأن اجتهاد الرسل في دعائهم إلى الإيمان سعي في إنقاذهم من النار ، ويجوز أن يكون { أَفَأَنتَ } تنقذ جملة مستأنفة للدلالة على ذلك والإِشعار بالجزاء المحذوف . { لَـكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مّن فَوْقِهَا غُرَفٌ } علالي بعضها فوق بعض . { مَّبْنِيَّةٌ } بنيت بناء النازل على الأرض . { تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ } أي من تحت تلك الغرف . { وَعَدَ ٱللَّهُ } مصدر مؤكد لأن قوله { لَهُمْ غُرَفٌ } في معنى الوعد . { لاَ يُخْلِفُ ٱللَّهُ ٱلْمِيعَادَ } ولأن الخلف نقص وهو على الله محال . { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاء مَاءً } هو المطر . { فَسَلَكَهُ } فأدخله . { يَنَابِيعَ فِى ٱلأَرْضِ } هي عيون ومجاري كائنة فيها ، أو مياه نابعات فيها إذ الينبوع جاء للمنبع وللنابع فنصبها على الظرف أو الحال . { ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ } أصنافه من بر وشعير وغيرهما ، أو كيفياته من خضرة وحمرة وغيرهما . { ثُمَّ يَهِـيجُ } يتم جفافه لأنه إذا تم جفافه حان له أن يثور عن منبته . { فَـتَرَاهُ مُصْفَـرّاً } من يبسه . { ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَـٰماً } فتاتاً . { إِنَّ فِى ذَلِكَ لَذِكْرَىٰ } لتذاكيراً بأنه لا بد من صانع حكيم دبره وسواه ، أو بأنه مثل الحياة الدنيا فلا تغتر بها . { لأُوْلِى ٱلأَلْبَـٰبِ } إِذْ لاَ يَتَذكر به غيرهم . { أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلَـٰمِ } حتى تمكن فيه بيسر عبر به عمن خلق نفسه شديدة الاستعداد لقبوله غير متأبية عنه من حيث أن الصدر محل القلب المنبع للروح المتعلق للنفس القابلة للإِسلام . { فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مّن رَّبّهِ } يعني المعرفة والاهتداء إلى الحق . وعنه عليه الصلاة والسلام " إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح ، فقيل فما علامة ذلك قال : الإِنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والتأهب للموت قبل نزوله " وخبر { مِنْ } محذوف دل عليه { فَوَيْلٌ لّلْقَـٰسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مّن ذِكْرِ ٱللَّهِ } من أجل ذكره وهو أبلغ من أن يكون عن مكان من ، لأن القاسي من أجل الشيء أشد تأبياً عن قبوله من القاسي عنه لسبب آخر ، وللمبالغة في وصف أولئك بالقبول وهؤلاء بامتناع ذكر شرح الصدر وأسنده إلى الله وقابله بقساوة القلب وأسنده إليه . { أُوْلَـئِكَ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } يظهر للناظر بأدنى نظر ، والآية نزلت في حمزة وعلي وأبي لهب وولده . { ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ } يعني القرآن ، روي أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ملوا ملة فقالوا له حدثنا فنزلت . وفي الابتداء باسم الله وبناء نزل عليه تأكيد للإسناد إليه وتفخيم للمنزل واستشهاد على حسنه . { كِتَـٰباً مُّتَشَـٰبِهاً } بدل من { أَحْسَنُ } أو حال منه ، وتشابهه تشابه أبعاضه في الإِعجاز وتجاوب النظم وصحة المعنى والدلالة على المنافع العامة . { مَّثَانِيَ } جمع مثنى أو مثنى أو مثن على ما مر في « الحجر » ، وصف به كتاباً باعتبار تفاصيله كقولك : القرآن سور وآيات ، والإِنسان : عظام وعروق وأعصاب ، أو جعل تمييزاً من { مُّتَشَـٰبِهاً } كقولك : رأيت رجلاً حسناً شمائله . { تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ } تشمئز خوفاً مما فيه من الوعيد ، وهو مثل في شدة الخوف واقشعرار الجلد تقبضه وتركيبه من حروف القشع وهو الأديم اليابس بزيادة الراء ليصير رباعياً كتركيب أقمطر من القمط وهو الشد . { ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ } بالرحمة وعموم المغفرة ، والإِطلاق للإشعار بأن أصل أمره الرحمة وأن رحمته سبقت غضبه ، والتعدية بـ { إِلَىٰ } لتضمين معنى السكون والاطمئنان ، وذكر القلوب لتقدم الخشية التي هي من عوارضها . { ذٰلِكَ } أي الكتاب أو الكائن من الخشية والرجاء . { هُدَى ٱللَّهِ يَهْدِى بِهِ مَن يَشَاء } هدايته . { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ } ومن يخذله . { فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } يخرجهم من الضلال .