Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 32-40)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ علَى ٱللَّهِ } بإضافة الولد والشريك إليه . { وَكَذَّبَ بِٱلصّدْقِ } وهو ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم . { إِذْ جَاءهُ } من غير توقف وتفكر في أمره . { أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى لّلْكَـٰفِرِينَ } وذلك يكفيهم مجازاة لأعمالهم ، واللام تحتمل العهد والجنس ، واستدل به على تكفير المبتدعة فإنهم يكذبون بما علم صدقه وهو ضعيف لأنه مخصوص بمن فاجأ ما علم مجيء الرسول به بالتكذيب . { وَٱلَّذِى جَاء بِٱلصّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ } اللام للجنس ليتناول الرسل والمؤمنين لقوله : { أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ } وقيل هو النبي صلى الله عليه وسلم والمراد هو ومن تبعه كما في قوله تعالى : { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَـٰبَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } [ المؤمنون : 49 ] وقيل الجائي هو الرسول والمصدق أبو بكر رضي الله تعالى عنه ، وذلك يقتضي إضمار « ٱلَّذِى » وهو غير جائز . وقرىء « وَصَدَّقَ بِهِ » بالتخفيف أي صدق به الناس فأداه إليهم كما نزل من غير تحريف ، أو صار صادقاً بسببه لأنه معجز يدل على صدقه « وَصَدَّقَ بِهِ » على البناء للمفعول . { لَهُمْ مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبّهِمْ } في الجنة . { ذَلِكَ جَزَاء ٱلْمُحْسِنِينَ } على إحسانهم . { لِيُكَـفّرَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ ٱلَّذِى عَمِلُواْ } خص الأسوأ للمبالغة فإنه إذا كفر كان غيره أولى بذلك ، أو للإشعار بأنهم لاستعظامهم الذنوب يحسبون أنهم مقصرون مذنبون وأن ما يفرط منهم من الصغائر أسوأ ذنوبهم ، ويجوز أن يكون بمعنى السيء كقولهم : الناقص والأشج أعدلا بني مروان ، وقرىء « أسوأ » جمع سوء . { وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ } ويعطيهم ثوابهم . { بِأَحْسَنِ ٱلَّذِى كَـانُواْ يَعْمَلُونَ } فتعد لهم محاسن أعمالهم بأحسنها في زيادة الأجر وعظمه لفرط إخلاصهم فيها . { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } استفهام إنكار للنفي مبالغة في الإِثبات ، والعبد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحتمل الجنس ويؤيده قراءة حمزة والكسائي « عباده » ، وفسر بالأنبياء صلوات الله عليهم . { وَيُخَوّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ } يعني قريشاً فإنهم قالوا له إنا نخاف أن تخبلك آلهتنا بعيبك إياها . وقيل إنه بعث خالداً ليكسر العزى فقال له سادنها أُحَذِّرْكَهَا فإن لها شدة ، فعمد إليها خالد فهشم أنفها فنزل تخويف خالد منزلة تخويفه لأنه الآمر له بما خوف عليه . { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ } حتى غفل عن كفاية الله له وخوفه بما لا ينفع ولا يضر . { فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } يهديه إلى الرشاد . { وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلّ } إذ لا راد لفعله كما قال : { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِعَزِيزٍ } غالب منيع . { ذِى ٱنتِقَامٍ } ينتقم من أعدائه . { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ } لوضوح البرهان على تفرده بالخلقية . { قُلْ أَفَرَءَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنْ أَرَادَنِىَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَـٰشِفَـٰتُ ضُرّهِ } أي أرأيتم بعد ما تحققتم أن خالق العالم هو الله تعالى وأن آلهتكم إن أراد الله أن يصيبني بضر هل يكشفنه . { أَوْ أَرَادَنِى بِرَحْمَةٍ } بنفع . { هَلْ هُنَّ مُمْسِكَـٰتُ رَحْمَتِهِ } فيمسكنها عني ، وقرأ أبو عمرو « كَـٰشِفَـٰتُ ضُرّهِ » « مُمْسِكَـٰتُ رَحْمَتِهِ » بالتنوين فيهما ونصب ضره ورحمته . { قُلْ حَسْبِىَ ٱللَّهُ } كافياً في إصابة الخير ودفع الضر إذ تقرر بهذا التقرير أنه القادر الذي لا مانع لما يريده من خير أو شر . روي أن النبي عليه الصلاة والسلام سألهم فسكتوا فنزل ذلك ، وإنما قال { كَـٰشِفَـٰتُ } و { مُمْسِكَـٰتُ } على ما يصفونها به من الأنوثة تنبيهاً على كمال ضعفها . { عَلَيْهِ يَتَوَكَّـلُ ٱلْمُتَوَكّلُونَ } لعلمهم بأن الكل منه تعالى . { قُلْ يٰ قَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ } على حالكم ، اسم للمكان استعير للحال كما استعير هنا وحيث من المكان للزمان ، وقرىء « مكاناتكم » . { إِنّى عَـٰمِلٌ } أي على مكانتي فحذف للاختصار والمبالغة في الوعيد ، والإشعار بأن حاله لا يقف فإنه تعالى يزيده على مر الأيام قوة ونصرة ولذلك توعدهم بكونه منصوراً عليهم في الدارين فقال : { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } . { مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ } فإن خزي أعدائه دليل غلبته ، وقد أخزاهم الله يوم بدر . { وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } دائم وهو عذاب النار .