Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 41-50)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ لِلنَّـاسِ } لأجلهم فإنه مناط مصالحهم في معاشهم ومعادهم . { بِٱلْحَقِّ } متلبساً به . { فَـمَنِ ٱهْتَـدَىٰ فَلِنَفْسِهِ } إذ نفع به نفسه . { وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا } فإن وباله لا يتخطاها . { وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ } وما وكلت عليهم لتجبرهم على الهدى وإنما أمرت بالبلاغ وقد بلغت . { ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ حِينَ مِوْتِـهَا وَٱلَّتِى لَمْ تَمُتْ فِى مَنَامِـهَا } أي يقبضها عن الأبدان بأن يقطع تعلقها عنها وتصرفها فيها إما ظاهراً وباطناً وذلك عند الموت ، أو ظاهراً لا باطناً وهو في النوم . { فَيُمْسِكُ ٱلَّتِى قَضَىٰ عَلَيْهَا ٱلْمَوْتَ } ولا يردها إلى البدن ، وقرأ حمزة والكسائي قُضِيَ بِضَم القاف وكسر الضاد والموت بالرفع . { وَيُرْسِلُ ٱلأُخْرَىٰ } أي النائمة إلى بدنها عند اليقظة . { إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } هو الوقت المضروب لموته وهو غاية جنس الإرسال . وما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : أن في ابن آدم نفساً وروحاً بينهما مثل شعاع الشمس ، فالنفس التي بها العقل والتمييز ، والروح التي بها النفس والحياة ، فيتوفيان عند الموت وتتوفى النفس وحدها عند النوم قريب مما ذكرناه . { إِنَّ فِى ذَلِكَ } من التوفي والإِمساك والإِرسال . { لاَيَاتٍ } دالة على كمال قدرته وحكمته وشمول رحمته . { لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } في كيفية تعلقها بالأبدان وتوفيها عنها بالكلية حين الموت ، وإمساكها باقية لا تفنى بفنائها ، وما يعتريها من السعادة والشقاوة والحكمة في توفيها عن ظواهرها وإرسالها حيناً بعد حين إلى توفي آجالها . { أَمِ ٱتَّخَذُواْ } بل اتخذت قريش . { مِن دُونِ ٱللَّهِ شُفَعَاءَ } تشفع لهم عند الله . { قُلْ أَوَ لَّوْ كَانُواْ لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلاَ يَعْقِلُونَ } ولو كانوا على هذه الصفة كما تشاهدونهم جمادات لا تقدر ولا تعلم . { قُل لِلَّهِ ٱلشَّفَـٰعَةُ جَمِيعاً } لعله رد لما عسى يجيبون به وهو أن الشفعاء أشخاص مقربون هي تماثيلهم ، والمعنى أنه مالك الشفاعة كلها لا يستطيع أحد شفاعة إلا بإذنه ورضاه ، ولا يستقل بها ثم قرر ذلك فقال : { لَّهُ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } فإنه مالك الملك كله لا يملك أحد أن يتكلم في أمره دون إذنه ورضاه . { ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } يوم القيامة فيكون الملك له أيضاً حينئذ . { وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ } دون آلهتهم . { ٱشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ } انقبضت ونفرت . { وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ } يعني الأوثان . { إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } لفرط افتتانهم بها ونسيانهم حق الله ، ولقد بالغ في الأمرين حتى بلغ الغاية فيهما ، فإن الاستبشار أن يمتلىء قلبه سروراً حتى تنبسط له بشرة وجهه ، والاشمئزاز أن يمتلىء غماً حتى ينقبض أديم وجهه ، والعامل في { إِذَا ذُكِرَ } العامل في إذا المفاجأة . { قُلِ ٱللَّهُمَّ فَاطِرَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ عَـٰلِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ } التجىء إلى الله بالدعاء لما تحيرت في أمرهم وضجرت من عنادهم وشدة شكيمتهم ، فإنه القادر على الأشياء والعالم بالأحوال كلها . { أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } فأنت وحدك تقدر أن تحكم بيني وبينهم . { وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا فِى ٱلأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ مِن سُوء ٱلْعَذَابِ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } وعيد شديد وإقناط كلي لهم من الخلاص . { وَبَدَا لَهُمْ مّنَ ٱللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ } زيادة مبالغة فيه وهو نظير قوله تعالى : { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِىَ لَهُم } [ السجده : 17 ] في الوعد . { وَبَدَا لَهُمْ سَيّئَاتُ مَا كَـسَبُواْ } سيئات أعمالهم أو كسبهم حين تعرض صحائفهم . { وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ } وأحاط بهم جزاؤه . { فَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَـٰنَ ضُرٌّ دَعَانَا } إخبار عن الجنس بما يغلب فيه ، والعطف على قوله { وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ } بالفاء لبيان مناقضتهم وتعكيسهم في التسبب بمعنى أنهم يشمئزون عن ذكر الله وحده ويستبشرون بذكر الآلهة ، فإذا مسهم ضر دعوا من اشمأزوا من ذكره دون من استبشروا بذكره ، وما بينهما اعتراض مؤكد لإنكار ذلك عليهم . { ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَـٰهُ نِعْمَةً مّنَّا } أعطيناه إياه تفضلاً فإن التخويل مختص به . { قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ } مني بوجوه كسبه ، أو بأني سأعطاه لما لي من استحقاقه ، أو من الله بي واستحقاقي ، والهاء فيه لما إن جعلت موصولة وإلا فللنعمة والتذكير لأن المراد شيء منها . { بَلْ هِىَ فِتْنَةٌ } امتحان له أيشكر أم يكفر ، وهو رد لما قاله وتأنيث الضمير باعتبار الخير أو لفظ الـ { نعمة } ، وقرىء بالتذكير . { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } ذلك ، وهو دليل على أن الإِنسان للجنس . { قَدْ قَالَهَا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } الهاء لقوله { إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ } لأنها كلمة أو جملة ، وقرىء بالتذكير { وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } قارون وقومه فإنه قال ورضي به قومه { فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } من متاع الدنيا .