Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 70-75)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَوُفّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ } جزاءه . { وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ } فلا يفوته شيء من أفعالهم ، ثم فصل التوفية فقال : { وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَـفَرُواْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَراً } أفواجاً متفرقة بعضها في أثر بعض على تفاوت أقدامهم في الضلالة والشرارة ، جمع زمرة واشتقاقها من الزمر وهو الصوت إذ الجماعة لا تخلو عنه ، أو من قولهم شاة زمرة قليلة الشعر ورجل زمر قليل المروءة وهي الجمع القليل . { حَتَّىٰ إِذَا جَاءوهَا فُتِحَتْ أَبْوٰبُهَا } ليدخلوها و { حَتَّىٰ } وهي التي تحكي بعدها الجملة ، وقرأ الكوفين « فُتِحَتْ » بتخفيف التاء . { وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا } تقريعاً وتوبيخاً . { أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مّنكُمْ } من جنسكم . { يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ ءايَـٰتِ رَبّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَـاء يَوْمِكُمْ هَـٰذَا } وقتكم هذا وهو وقت دخولهم النار ، وفيه دليل على أنه لا تكليف قبل الشرع من حيث إنهم عللوا توبيخهم بإتيان الرسل وتبليغ الكتب . { قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ } كلمة الله بالعذاب علينا وهو الحكم عليهم بالشقاوة ، وأنهم من أهل النار ووضع الظاهر فيه موضع الضمير للدلالة على اختصاص ذلك بالكفرة ، وقيل هو قوله { لأَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [ هود : 119 ] { قِيلَ ٱدْخُلُواْ أَبْوٰبَ جَهَنَّمَ خَـٰلِدِينَ فِيهَا } أبهم القائل لتهويل ما يقال لهم . { فَبِئْسَ مَثْوَى } مكان . { ٱلْمُتَكَبّرِينَ } اللام فيه للجنس والمخصوص بالذم سبق ذكره ، ولا ينافي إشعاره بأن مثواهم في النار لتكبرهم عن الحق أن يكون دخولهم فيها لأن كلمة العذاب حقت عليهم ، فإن تكبرهم وسائر مقابحهم مسببة عنه كما قال عليه الصلاة والسلام " إِن الله تعالى إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة ، حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخل الجنة . وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخل به النار " { وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى ٱلّجَنَّةِ } إِسراعاً بهم إلى دار الكرامة ، وقيل سيق مراكبهم إذ لا يذهب بهم إلا راكبين . { زُمَراً } على تفاوت مراتبهم في الشرف وعلو الطبقة . { حَتَّىٰ إِذَا جَاءوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوٰبُهَا } حذف جواب إذا للدلالة على أن لهم حينئذ من الكرامة والتعظيم ما لا يحيط به الوصف ، وأن أبواب الجنة تفتح لهم قبل مجيئهم غير منتظرين ، وقرأ الكوفيون « فُتِحَتْ » بالتخفيف . { وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَـٰمٌ عَلَيْكُـمْ } لا يعتريكم بعد مكروه . { طِبْتُمْ } طهرتم من دنس المعاصي . { فَٱدْخُلُوهَا خَـٰلِدِينَ } مقدرين الخلود فيها ، والفاء للدلالة على أن طيبهم سبب لدخولهم وخلودهم ، وهو لا يمنع دخول العاصي بعفوه لأنه مطهره . { وَقَـالُواْ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ ٱلَّذِى صَدَقَنَا وَعْدَهُ } بالبعث والثواب . { وَأَوْرَثَنَا ٱلأَرْضَ } يريدون المكان الذي استقروا فيه على الاستعارة ، وإيراثها تمليكها مخلفة عليهم من أعمالهم أو تمكينهم من التصرف فيها تمكين الوارث فيما يرثه . { نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ } أي يتبوأ كل منا في أي مقام أراده من جنته الواسعة ، مع أن في الجنة مقامات معنوية لا يتمانع واردوها . { فَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَـٰمِلِينَ } الجنة . { وَتَرَى ٱلْمَلَـٰئِكَةَ حَافّينَ } محدقين . { مِنْ حَوْلِ ٱلْعَرْشِ } أي حوله و { مِنْ } مزيدة أو لابتداء الحفوف . { يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ } ملتبسين بحمده . والجملة حال ثانية أو مقيدة للأولى ، والمعنى ذاكرين له بوصفي جلاله وإكرامه تلذذاً به ، وفيه إشعار بأن منتهى درجات العليين وأعلى لذائذهم هو الاستغراق في صفات الحق . { وَقُضِىَ بَيْنَهُمْ بِٱلْحَقّ } أي بين الخلق بإدخال بعضهم النار وبعضهم الجنة ، أو بين الملائكة بإقامتهم في منازلهم على حسب تفاضلهم . { وَقِيلَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } أي على ما قضي بيننا بالحق . والقائلون هم المؤمنون من المقضي بينهم أو الملائكة وطي ذكرهم لتعينهم وتعظيمهم . عن النبي صلى الله عليه وسلم : " من قرأ سورة الزمر لم يقطع رجاءه يوم القيامة وأعطاه الله ثواب الخائفين " عن عائشة رضي الله عنها : " أنه عليه الصلاة والسلام كان يقرأ كل ليلة بني إسرائيل والزمر " والله أعلم .