Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 106-115)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱسْتَغْفِرِ ٱللَّهِ } مما همت به . { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } لمن يستغفر . { وَلاَ تُجَـٰدِلْ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ } يخونونها فإن وبال خيانتهم يعود عليها ، أو جعل المعصية خيانة لها كما جعلت ظلماً عليها ، والضمير لطعمة وأمثاله أو له ولقومه فإنهم شاركوه في الإِثم حيث شهدوا على براءته وخاصموا عنه . { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً } مبالغاً في الخيانة مصراً عليها . { أَثِيماً } منهمكاً فيها . روي : أن طعمة هرب إلى مكة وارتد ونقب حائطاً بها ليسرق أهله فسقط الحائط عليه فقتله . { يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ } يستترون منهم حياء وخوفاً . { وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱللَّهِ } ولا يستحيون منه وهو أحق بأن يستحيا ويخاف منه . { وَهُوَ مَعَهُمْ } لا يخفي عليه سرهم فلا طريق معه إلا ترك ما يستقبحه ويؤاخذ عليه . { إِذْ يُبَيّتُونَ } يدبرون ويزورون . { مَا لاَ يَرْضَىٰ مِنَ ٱلْقَوْلِ } من رمي البريء والحلف الكاذب وشهادة الزور . { وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً } . لا يفوت عنه شيء . { هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلاء } مبتدأ وخبر . { جَـٰدَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } جملة مبينة لوقوع أولاء خبراً أو صلة عند من يجعله موصولاً . { فَمَن يُجَـٰدِلُ ٱللَّهَ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ أَمْ مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } محامياً يحميهم من عذاب الله . { وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً } قبيحاً يسوء به غيره . { أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ } بما يختص به ولا يتعداه . وقيل المراد بالسوء ما دون الشرك ، وبالظلم الشرك . وقيل : الصغيرة والكبيرة . { ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ } بالتوبة . { يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُوراً } لذنوبه . { رَّحِيماً } متفضلاً عليه ، وفيه حث لطعمة وقومه على التوبة والاستغفار . { وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىٰ نَفْسِهِ } فلا يتعداه وباله كقوله تعالى : { وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } . { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } فهو عالم بفعله حكيم في مجازاته . { وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً } صغيرة أو ما لا عمد فيه . { أَوْ إِثْماً } كبيرة أو ما كان عن عمد . { ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً } كما رمى طعمة زيداً ، ووحد الضمير لمكان أو . { فَقَدِ ٱحْتَمَلَ بُهْتَـٰناً وَإِثْماً مُّبِيناً } بسبب رمي البريء وتبرئة النفس الخاطئة ، ولذلك سوى بينهما وإن كان مقترف أحدهما دون مقترف الآخر . { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ } بإعلام ما هم عليه بالوحي ، والضمير لرسول الله صلى الله عليه وسلم . { لَهَمَّتْ طَّائِفَةٌ مّنْهُمْ } أي من بني ظفر . { أَن يُضِلُّوكَ } عن القضاء بالحق مع علمهم بالحال ، والجملة جواب لولا وليس القصد فيه إلى نفي همهم بل إلى نفي تأثيره فيه . { وَمَا يُضِلُّونَ إِلا أَنفُسَهُمْ } لأنه ما أزلك عن الحق وعاد وباله عليهم . { وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ } فإن الله سبحانه وتعالى عصمك وما خطر ببالك كان اعتماداً منك على ظاهر الأمر لا ميلاً في الحكم ، ومن شيء في موضع النصب على المصدر أي شيء من الضرر { وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ } من خفيات الأمور ، أو من أمور الدين والأَحكام . { وَكَانَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً } إذ لا فضل أعظم من النبوة . { لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مّن نَّجْوَاهُمْ } من متناجيهم كقوله تعالى : { وَإِذْ هُمْ نَجْوَىٰ } أو من تناجيهم فقوله : { إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ } على حذف مضاف أي إلا نجوى من أمر أو على الانقطاع بمعنى ولكن من أمر بصدقة ففي نجواه الخير ، والمعروف كل ما يستحسنه الشرع ولا ينكره العقل . وفسرها هنا بالقرض وإغاثة الملهوف وصدقة التطوع وسائر ما فسر به . { أَوْ إِصْلَـٰحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ } أو إصلاح ذات البين . { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ ٱبْتَغَاء مَرْضَاتَ ٱللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً } بني الكلام على الأمر ورتب الجزاء على الفعل ليدل على أنه لما دخل الآمر في زمرة الخيرين كان الفاعل أدخل فيهم ، وأن العمدة والغرض هو الفعل واعتبار الأمر من حيث إنه وصلة إليه ، وقيد الفعل بأن يقول لطلب مرضاة الله سبحانه وتعالى ، لأن الأعمال بالنيات وأن كل من فعل خيراً رياء وسمعة لم يستحق به من الله أجراً . ووصف الأجر بالعظم تنبيهاً على حقارة ما فات في جنبه من أعراض الدنيا . وقرأ حمزة وأبو عمرو « يؤتيه » بالياء . { وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ } يخالفه ، من الشق فإن كلا من المتخالفين في شق غير شق الآخر . { مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَىٰ } ظهر له الحق بالوقوف على المعجزات . { وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } غير ما هم عليه من اعتقاد أو عمل . { نُوَلّهِ مَا تَوَلَّىٰ } نجعله والياً لما تولى من الضلال ، ونخل بينه وبين ما اختاره . { وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ } وندخله فيها . وقرىء بفتح النون من صلاة . { وَسَاءتْ مَصِيراً } جهنم ، والآية تدل على حرمة مخالفة الإِجماع ، لأنه سبحانه وتعالى رتب الوعيد الشديد على المشاقة واتباع غير سبيل المؤمنين ، وذلك إما لحرمة كل واحد منهما أو أحدهما أو الجمع بينهما ، والثاني باطل إذ يقبح أن يقال من شرب الخمر وأكل الخبز استوجب الحد ، وكذا الثالث لأن المشاقة محرمة ضم إليها غيرها أو لم يضم ، وإذا كان اتباع غير سبيلهم محرماً كان اتباع سبيلهم واجباً ، لأن ترك اتباع سبيلهم ممن عرف سبيلهم اتباع غير سبيلهم ، وقد استقصيت الكلام فيه في مرصاد الأفهام إلى مبادىء الأحكام .