Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 75-85)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ذٰلِكُمْ } الإِضلال . { بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِى ٱلأَرْضِ } تبطرون وتتكبرون . { بِغَيْرِ ٱلْحَقّ } وهو الشرك والطغيان . { وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ } تتوسعون في الفرح ، والعدول إلى الخطاب للمبالغة في التوبيخ . { ٱدْخُلُواْ أَبْوٰبَ جَهَنَّمَ } الأبواب السبعة المقسومة لكم . { خَـٰلِدِينَ فِيهَا } مقدرين الخلود . { فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَـبّرِينَ } عن الحق جهنم ، وكان مقتضى النظم فبئس مدخل المتكبرين ولكن لما كان الدخول المقيد بالخلود بسبب الثواء عبر بالمثوى . { فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ } بهلاك الكافرين . { حَقّ } كائن لا محالة . { فَـإِمَّا نُرِيَنَّكَ } فإن نرك ، وما مزيدة لتأكيد الشرطية ولذلك لحقت النون الفعل ولا تلحق مع أن وحدها . { بَعْضَ ٱلَّذِى نَعِدُهُمْ } وهو القتل والأسر . { أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ } قبل أن تراه . { فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } يوم القيامة فنجازيهم بأعمالهم ، وهو جواب { نَتَوَفَّيَنَّكَ } ، وجواب { نُرِيَنَّكَ } محذوف مثل فذاك ، ويجوز أن يكون جواباً لهما بمعنى إن نعذبهم في حياتك أو لم نعذبهم فإنا نعذبهم في الآخرة أشد العذاب ، ويدل على شدته الاقتصار بذكر الرجوع في هذا المعرض . { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ } إذ قيل عدد الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً ، والمذكور قصصهم أشخاص معدودة . { وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِىَ بِـئَايَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } فإن المعجزات عطايا قسمها بينهم على ما اقتضته حكمته كسائر القسم ، ليس لهم اختيار في إيثار بعضها والاستبداد بإتيان المقترح بها . { فَإِذَا جَـاءَ أَمْرُ ٱللَّهِ } بالعذاب في الدنيا أو الآخرة . { قُضِىَ بِٱلْحَقّ } بإنجاء المحق وتعذيب المبطل . { وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلْمُبْطِلُونَ } المعاندون باقتراح الآيات بعد ظهور ما يغنيهم عنها . { ٱللَّهُ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَنْعَـٰمَ لِتَرْكَـبُواْ مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } فإن من جنسها ما يؤكل كالغنم ومنها ما يؤكل ويركب كالإِبل والبقر . { وَلَكُمْ فيِهَا مَنَـٰفِعُ } كالألبان والجلود والأوبار . { وَلِتَـبْلُغُواْ عَلَيْهَا حَاجَةً فِى صُدُورِكُمْ } بالمسافرة عليها . { وَعَلَيْهَا } في البر . { وَعَلَى ٱلْفُلْكِ } في البحر . { تُحْمَلُونَ } وإنما قال { وَعَلَى ٱلْفُلْكِ } ولم يقل في الفلك للمزاوجة ، وتغيير النظم في الأكل لأنه في حيز الضرورة . وقيل لأنه يقصد به التعيش وهو من الضروريات والتلذذ والركوب والمسافرة عليها قد تكون لأغراض دينية واجبة أو مندوبة ، أو للفرق بين العين والمنفعة . { وَيُرِيكُمْ ءايَـٰتِهِ } دلائله الدالة على كمال قدرته وفرط رحمته . { فَأَىَّ آيَاتِ اللهِ } أي فأي آية من تلك الآيات . { تُنكِرُونَ } فإنها لظهورها لا تقبل الإِنكار ، وهو ناصب « أي » إذا لو قدرته متعلقاً بضميره كان الأولى رفعه والتفرقة بالتاء في أي أغرب منها في الأسماء غير الصفات لإبهامه . { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِى ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُواْ أَكْـثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَءاثَاراً فِى ٱلأَرْضِ } ما بقي منهم من القصور والمصانع ونحوهما ، وقيل آثار أقدامهم في الأرض لعظم أجرامهم . { فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } « ما » الأولى نافية أو استفهامية منصوبة بأغنى ، والثانية موصولة أو مصدرية مرفوعة به . { فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيّنَـٰتِ } بالمعجزات أو الآيات الواضحات . { فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُمْ مِّنَ ٱلْعِلْمِ } واستحقروا علم الرسل ، والمراد بالعلم عقائدهم الزائغة وشبههم الداحضة كقوله : { بَلِ ٱدرَكَ عِلْمُهُمْ فِى ٱلاْخِرَةِ } [ النمل : 66 ] وهو قولهم : لا نبعث ولا نعذب ، وما أظن الساعة قائمة ونحوها ، وسماها علماً على زعمهم تهكماً بهم ، أو علم الطبائع والتنجيم والصنائع ونحو ذلك ، أو علم الأنبياء ، وفرحهم به ضحكهم منه واستهزاؤهم به ويؤيده : { وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } وقيل الفرح أيضاً للرسل فإنهم لما رأوا تمادي جهل الكفار وسوء عاقبتهم فرحوا بما أوتوا من العلم وشكروا الله عليه وحاق بالكافرين جزاء جهلهم واستهزائهم . { فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا } شدة عذابنا . { قَالُواْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَحْدَهُ وَكَـفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ } يعنون الأصنام . { فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَـٰنُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا } لامتناع قبوله حينئذ ولذلك قال : { لَمْ يَكُ } بمعنى لم يصح ولم يستقم ، والفاء الأولى لأن قوله : { فَمَا أَغْنَىٰ } كالنتيجة لقوله : { كَانُواْ أَكْـثَرَ مِنْهُمْ } ، والثانية لأن قوله : { فَلَمَّا جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم } كالتفسير لقوله : { فَمَا أَغْنَىٰ } والباقيتان لأن رؤية البأس مسببة عن مجيء الرسل وامتناع نفي الإِيمان مسبب عن الرؤية . { سُنَّتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِى قَدْ خَلَتْ فِى عِبَادِهِ } أي سن الله ذلك سنة ماضية في العباد وهي من المصادر المؤكدة . { وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلْكَـٰفِرُونَ } أي وقت رؤيتهم البأس ، اسم مكان استعير للزمان . عن النبي صلى الله عليه وسلم : " من قرأ سورة المؤمن لم يبق روح نبي ولا صديق ولا شهيد ولا مؤمن إلا صلى عليه واستغفر له " .