Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 23-35)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَذَلِكُمْ } إشارة إلى ظنهم هذا ، وهو مبتدأ وقوله : { ظَنُّكُمْ ٱلَّذِى ظَنَنتُمْ بِرَبّكُمْ أَرْدَاكُمْ } خبران له ويجوز أن يكون { ظَنُّكُمُ } بدلاً و { أَرْدَاكُمْ } خبراً . { فَأَصْبَحْتُمْ مّنَ ٱلُخَـٰسِرِينَ } إذ صار ما منحوا للاستسعاد به في الدارين سبباً لشقاء المنزلين . { فَإِن يَصْبِرُواْ فَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ } لا خلاص لهم عنها . { وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ } يسألوا العتبى وهي الرجوع إلى ما يحبون . { فَمَا هُم مّنَ ٱلْمُعْتَبِينَ } المجابين إليها ونظيره قوله تعالى حكاية { أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ } وقرىء { وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَا هُم مّنَ ٱلْمُعْتَبِينَ } ، أي إن يسألوا أن يرضوا ربهم فما هم فاعلون لفوات المكنة . { وَقَيَّضْنَا } وقدرنا . { لَهُمْ } للكفرة . { قُرَنَاءَ } أخدانا من الشياطين يستولون عليهم استيلاء القبض على البيض وهو القشر . وقيل أصل القيض البدل ومنه المقايضة لمعاوضة . { فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } من أمر الدنيا واتباع الشهوات . { وَمَا خَلْفَهُمْ } مِنْ أمر الآخرة وإنكاره . { وَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } أي كلمة العذاب . { فِى أُمَمٍ } في جملة أمم كقول الشاعر : @ إِنْ تَكُ عَنْ أَحْسَنِ الصَّنِيعَةِ مَأ فُوكاً فِفِي آخَرِينَ قَدْ أُفِكُوا @@ وهو حال من الضمير المجرور . { وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مّنَ ٱلْجِنّ وَٱلإِنْسِ } وقد عملوا مثل أعمالهم . { إِنَّهُمْ كَانُواْ خَـٰسِرِينَ } تعليل لاستحقاقهم العذاب ، والضمير { لَهُمْ } وللـ { أُمَمٌ } . { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْءانِ وَٱلْغَوْاْ فِيهِ } وعارضوه بالخرافات أو ارفعوا أصواتكم بها لتشوشوه على القارىء ، وقرىء بضم الغين والمعنى واحد يقال لغى يلغي ولغا يلغو إذا هذى . { لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } أي تغلبونه على قراءته . { فَلَنُذِيقَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَذَاباً شَدِيداً } المراد بهم هؤلاء القائلون ، أو عامة الكفار . { وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ ٱلَّذِى كَانُواْ يَعْمَلُونَ } سيئات أعمالهم وقد سبق مثله . { ذٰلِكَ } : إشارة إلى الأسوأ . { جَزَاءُ أَعْدَاءِ ٱللَّهِ } خبره . { ٱلنَّارُ } عطف بيان للـ { جَزَاء } أو خبر محذوف . { لَّهُمْ فِيهَا } في النار . { دَارُ الخُلْدِ } فإنها دار إقامتهم ، وهو كقولك : في هذه الدار دار سرور ، وتعني بالدار عينها على أن المقصود هو الصفة . { جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِئَايَٰتِنَا يَجْحَدُونَ } ينكرون الحق أو يلغون ، وذكر الجحود الذي هو سبب اللغو . { وَقَال الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَا أَرِنَا ٱللَّذَيْنَ أَضَلَّـٰنَا مِنَ ٱلْجِنّ وَٱلإِنسِ } يعني شيطاني النوعين الحاملين على الضلالة والعصيان . وقيل هما إبليس وقابيل فإنهما سنا الكفر والقتل ، وقرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب وأبو بكر والسوسي { أَرِنَا } بالتخفيف كفخذ في فخذ ، وقرأ الدوري باختلاس كسرة الراء . { نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا } ندوسهما انتقاماً منهما ، وقيل نجعلهما في الدرك الأسفل . { لِيَكُونَا مِنَ ٱلأَسْفَلِينَ } مكاناً أو ذلاً . { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ } اعترافاً بربوبيته وإقراراً بوحدانيته . { ثُمَّ ٱسْتَقَـٰمُواْ } في العمل و { ثُمَّ } لتراخيه عن الإِقرار في الرتبة من حيث أنه مبدأ الاستقامة ، أو لأنها عسر قلما تتبع الإِقرار ، وما روي عن الخلفاء الراشدين في معنى الاستقامة من الثبات على الإِيمان وإخلاص العمل وأداء الفرائض فجزئياتها . { تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلَـئِكَةُ } فيما يعن لهم بما يشرح صدورهم ويدفع عنهم الخوف والحزن ، أو عند الموت أو الخروج من القبر . { أَلاَّ تَخَافُواْ } ما تقدمون عليه . { وَلاَ تَحْزَنُواْ } على ما خلفتم وأن مصدرية أو مخففة مقدرة بالباء أو مفسرة . { وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ } في الدنيا على لسان الرسل . { نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا } نلهمكم الحق ونحملكم على الخير بدل ما كانت الشياطين تفعل بالكفرة . { وَفِي ٱلأَخِرَةِ } بالشفاعة والكرامة حيثما يتعادى الكفرة وقرناؤهم . { وَلَكُمْ فِيهَا } في الآخرة { مَا تَشْتَهِى أَنفُسُكُمْ } من اللذائذ { وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ } ما تتمنون من الدعاء بمعنى الطلب وهو أعم من الأول . { نُزُلاً مّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ } حال من ما تدعون للإشعار بأن ما يتمنون بالنسبة إلى ما يعطون مما لا يخطر ببالهم كالنزل للضيف . { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مّمَّن دَعَا إِلَى ٱللَّهِ } إلى عبادته . { وَعَمِلَ صَـٰلِحَاً } فيما بينه وبين ربه . { وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } تفاخراً به واتخاذاً للإسلام ديناً ومذهباً من قولهم : هذا قول فلان لمذهبه . والآية عامة لمن استجمع تلك الصفات . وقيل نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم وقيل في المؤذنين . { وَلاَ تَسْتَوِى ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيّئَةُ } في الجزاء وحسن العاقبة و { لا } الثانية مزيدة لتأكيد النفي . { ٱدْفَعْ بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ } ادفع السيئة حيث اعترضتك بالتي هي أحسن منها وهي الحسنة على أن المراد بالأحسن الزائد مطلقاً ، أو بأحسن ما يمكن دفعها به من الحسنات ، وإنما أخرجه مخرج الاستئناف على أنه جواب من قال ؛ كيف أصنع ؟ للمبالغة ولذلك وضع { أَحْسَنُ } موضع الحسنة . { فَإِذَا ٱلَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ } أي إذا فعلت ذلك صار عدوك المشاق مثل الولي الشفيق . { وَمَا يُلَقَّاهَا } وما يلقى هذه السجية وهي مقابلته الإِساءة بالإحسان . { إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ } فَإِنها تحبس النفس عن الانتقام . { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظّ عَظِيمٍ } من الخير وكمال النفس وقيل الحظ الجنة .