Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 12-22)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَـٰوَاتٍ } فخلقهن خلقاً إبداعياً وأتقن أمرهن ، والضمير لـ { ٱلسَّمَاء } على المعنى أو مبهم ، و { سَبْعَ سَمَـٰوَاتٍ } حال على الأول وتمييز على الثاني . { فِى يَوْمَيْنِ } قيل خلق السموات يوم الخميس والشمس والقمر والنجوم يوم الجمعة . { وَأَوْحَىٰ فِى كُلّ سَمَاء أَمْرَهَا } شأنها وما يتأتى منها بأن حملها عليه اختياراً أو طبعاً . وقيل أوحى إلى أهلها بأوامره ونواهيه . { وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَاءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَـٰبِيحَ } فإن الكواكب كلها ترى كأنها تتلألأ عليها . { وَحِفْظاً } أي وحفظناها من الآفات ، أو من المسترقة حفظاً . وقيل مفعول له على المعنى كأنه قال : وخصصنا السماء الدنيا بمصابيح زينة وحفظاً . { ذٰلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ } البالغ في القدرة والعلم . { فَإِنْ أَعْرَضُواْ } عن الإِيمان بعد هذا البيان . { فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَـٰعِقَةً } فحذرهم أن يصيبهم عذاب شديد الوقع كأنه صاعقة . { مِّثْلَ صَـٰعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } وقرىء « صعقة مثل صعقة عاد وثمود » وهي المرة من الصعق أو الصعق يقال صعقته الصاعقة صعقاً فصعق صعقاً . { إِذْ جَاءَتْهُمُ ٱلرُّسُلُ } حال من { صَـٰعِقَةِ عَادٍ } ، ولا يجوز جعله صفة لـ { صَـٰعِقَةُ } أو ظرفاً لـ { أَنذَرْتُكُمْ } لفساد المعنى . { مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ } أتوهم من جميع جوانبهم واجتهدوا بهم من كل جهة ، أو من جهة الزمن الماضي بالإنذار عما جرى فيه على الكفار ، ومن جهة المستقبل بالتحذير عما أعد لهم في الآخرة ، وكل من اللفظين يحتملهما ، أو من قبلهم ومن بعدهم إذ قد بلغتهم خبر المتقدمين وأخبرهم هود وصالح عن المتأخرين داعين إلى الإِيمان بهم أجمعين ، ويحتمل أن يكون عبارة عن الكثرة كقوله تعالى : { يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مّن كُلّ مَكَانٍ } [ النحل : 112 ] { أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ ٱللَّهَ } بأن لا تعبدوا أو أي لا تعبدوا . { قَالُواْ لَوْ شَاء رَبُّنَا } إرسال الرسل . { لأَنزَلَ مَلَـٰئِكَةً } برسالته . { فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ } على زعمكم . { كَـٰفِرُونَ } إذ أنتم بشر مثلنا لا فضل لَكُمْ علينا . { فَأَمَّا عَادٌ فَٱسْتَكْبَرُواْ فِى ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقّ } فتعظموا فيها على أهلها من غير استحقاق . { وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } اغتراراً بقوتهم وشوكتهم . قيل كان من قوتهم أن الرجل منهم ينزع الصخرة فيقتلعها بيده . { أَوَ لَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِى خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً } قدرة فإنه قادر بالذات مقتدر على ما لا يتناهى ، قوي على ما لا يقدر عليه أحد غيره . { وَكَانُواْ بِـئَايَـٰتِنَا يَجْحَدُونَ } يعرفون أنها حق وينكرونها وهو عطف على { فَٱسْتَكْبَرُواْ } . { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً } باردة تهلك بشدة بردها من الصر وهو البرد الذي يصر أي يجمع ، أو شديدة الصوت في هبوبها من الصرير . { فِى أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ } جمع نحسة من نحس نحساً نقيص سعد سعداً ، وقرأ الحجازيان والبصريان بالسكون على التخفيف أو النعت على فعل ، أو الوصف بالمصدر قيل كان آخر شوال من الأربعاء إلى الأربعاء وما عذب قوم إلا في يوم الأربعاء . { لّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ ٱلْخِزْىِ فِى ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا } أضاف الـ { عَذَابِ } إلى { ٱلْخِزْىُ } وهو الذل على قصد وصفة به لقوله : { وَلَعَذَابُ ٱلأَخِرَةِ أَخْزَىٰ } وهو في الأصل صفة المعذب وإنما وصف به العذاب على الإِسناد المجازي للمبالغة . { وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ } بدفع العذاب عنهم . { وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَـٰهُمْ } فدللناهم على الحق بنصب الحجج وإرسال الرسل ، وقرىء { ثَمُودَ } بالنصب بفعل مضمر يفسره ما بعده ومنوناً في الحالين وبضم الثاء . { فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ } فاختاروا الضلالة على الهدى . { فَأَخَذَتْهُمْ صَـٰعِقَةُ ٱلْعَذَابِ ٱلْهُونِ } صاعقة من السماء فأهلكتهم ، وإضافتها إلى { ٱلْعَذَابَ } ووصفه بـ { ٱلْهُونِ } للمبالغة . { بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } من اختيار الضلالة . { وَنَجَّيْنَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يتَّقُونَ } من تلك الصاعقة . { وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ ٱللَّهِ إِلَى ٱلنَّارِ } وقرىء « يَحْشُرُ » على البناء للفاعل وهو الله عز وجل . وقرأ نافع « نَحْشُرُ » بالنون مفتوحة وضم الشين ونصب { أَعْدَاء } . { فَهُمْ يُوزَعُونَ } يحبس أولهم على آخرهم لئلا يتفرقوا وهو عبارة عن كثرة أهل النار . { حَتَّىٰ إِذَا مَا جَاؤُوهَا } إذا حضروها و { مَا } مزيدة لتأكيد اتصال الشهادة بالحضور . { شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَـٰرُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } بأن ينطقها الله تعالى ، أو يظهر عليها آثاراً تدل على ما اقترف بها فتنطق بلسان الحال . { وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا } سؤال توبيخ أو تعجب ، ولعل المراد به نفس التعجب . { قَالُواْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِى أَنطَقَ كُلَّ شَىْءٍ } أي ما نطقنا باختيارنا بل أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء ، أو ليس نطقنا بعجب من قدرة الله الذي أنطق كل حي ، ولو أول الجواب والنطق بدلالة الحال بقي الشيء عاماً في الموجودات الممكنة . { وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } يحتمل أن يكون تمام كلام الجلود وأن يكون استئنافاً . { وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَـٰرُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ } أي كنتم تستترون عن الناس عند ارتكاب الفواحش مخافة الفضاحة ، وما ظننتم أن أعضاءكم تشهد عليكم بها فما استترتم عنها . وفيه تنبيه على أن المؤمن ينبغي أن يتحقق أنه لا يمر عليه حال إلا وهو عليه رقيب . { وَلَـٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مّمَّا تَعْمَلُونَ } فلذلك اجترأتم على ما فعلتم .