Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 1-10)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
مكية وهي ثلاث وخمسون آية وتسمى سورة « الشورى » بسم الله الرحمن الرحيم { حَـمَ } . { عَسَقَ } لعله اسمان للسورة ولذلك فصل بينهما وعدا آيتين ، وإن كانا اسماً واحداً فالفصل ليطابق سائر الحواميم ، وقرىء « حم سق » . { كَذَلِكَ يُوحِى إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } أي مثل ما في هذه السورة من المعاني ، أو إيحاء مثل إيحائها أوحى الله إليك وإلى الرسل من قبلك ، وإنما ذكر بلفظ المضارع على حكاية الحال الماضية للدلالة على استمرار الوحي وأن إيحاء مثله عادته ، وقرأ ابن كثير « يُوحَى » بالفتح على أن كذلك مبتدأ و « يُوحَى » خبره المسند إلى ضميره ، أو مصدر و « يُوحَى » مسند إلى إليك ، و { ٱللَّهُ } مرتفع بما دل عليه « يُوحَى » ، و { ٱلعَزِيزُ ٱلحَكِيمُ } صفتان له مقررتان لعلو شأن الموحى به كما مر في السورة السابقة ، أو بالابتداء كما في قراءة « نوحي » بالنون و { ٱلْعَزِيزُ } وما بعده أخبار أو { ٱلعَزِيزُ ٱلحَكِيمُ } صفتان . وقوله : { لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَلِىُّ ٱلْعَظِيمُ } خبران له وعلى الوجوه الأخر استئناف مقرر لعزته وحكمته . { تَكَادُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ } وقرأ نافع والكسائي بالياء . { يَتَفَطَّرْنَ } يتشققن من عظمة الله ، وقيل من ادعاء الولد له . وقرأ البصريان وأبو بكر « ينفطرن » بالنون والأول أبلغ لأنه مطاوع فطر وهذا مطاوع فطر ، وقرىء « تتفطرن » بالتاء لتأكيد التأنيث وهو نادر . { مِن فَوْقِهِنَّ } أي يبتدىء الانفطار من جهتهن الفوقانية ، وتخصيصها على الأول لأن أعظم الآيات وأدلها على علو شأنه من تلك الجهة ، وعلى الثاني ليدل على الانفطار من تحتهن بالطريق الأولى . وقيل الضمير للأرض فإن المراد بها الجنس . { وَٱلْمَلَـٰئِكَةُ يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِى ٱلأَرْضِ } بالسعي فيما يستدعي مغفرتهم من الشفاعة والإِلهام وإعداد الأسباب المقربة إلى الطاعة ، وذلك في الجملة يعم المؤمن والكافر بل لو فسر الاستغفار بالسعي فيما يدفع الخلل المتوقع عم الحيوان بل الجماد ، وحيث خص بالمؤمنين فالمراد به الشفاعة . { أَلاَ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } إذ ما من مخلوق إلا وهو ذو حظ من رحمته ، والآية على الأول زيادة تقرير لعظمته وعلى الثاني دلالة على تقدسه عما نسب إليه ، وإن عدم معاجلتهم بالعقاب على تلك الكلمة الشنعاء باستغفار الملائكة وفرط غفران الله ورحمته . { وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ } شركاء وأنداداً . { ٱللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ } رقيب على أحوالهم وأعمالهم فيجازيهم بها . { وَمَا أَنتَ } يا محمد . { عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ } بموكل بهم أو بموكول إليك أمرهم . { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْءاناً عَرَبِيّاً } الإِشارة إلى مصدر { يُوحِى } أو إلى معنى الآية المتقدمة ، فإنه مكرر في القرآن في مواضع جمة فتكون الكاف مفعولاً به و { قُرْءاناً عَرَبِيّاً } حال منه . { لّتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ } أهل أم القرى وهي مكة شرفها الله تعالى . { وَمَنْ حَوْلَهَا } من العرب . { وَتُنذِرَ يَوْمَ ٱلْجَمْعِ } يوم القيامة يجمع فيه الخلائق أو الأرواح أو الأشباح ، أو العمال والأعمال وحذف ثاني مفعول الأول وأول مفعولي الثاني للتهويل وإيهام التعميم ، وقرىء « لينذر » بالياء والفعل « للقرآن » . { لاَ رَيْبَ فِيهِ } اعتراض لا محل له من الإعراب . { فَرِيقٌ فِى ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِى ٱلسَّعِيرِ } أي بعد جمعهم في الموقف يجمعون أولاً ثم يفرقون ، والتقدير منهم فريق والضمير للمجموعين لدلالة الجمع عليه ، وقرئا منصوبين على الحال منهم أي وتنذر يوم جمعهم متفرقين بمعنى مشارفين للتفرق ، أو متفرقين في داري الثواب والعقاب . { وَلَوْ شَاءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وٰحِدَةً } مهتدين أو ضالين . { وَلَـٰكِن يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِى رَحْمَتِهِ } بالهداية والحمل على الطاعة . { وَٱلظَّـٰلِمُونَ مَا لَهُمْ مّن وَلِىّ وَلاَ نَصِيرٍ } أي يدعهم بغير ولي ولا نصير في عذابه ، ولعل تغيير المقابلة للمبالغة في الوعيد إذ الكلام في الإِنذار . { أَمِ ٱتَّخَذُواْ } بل اتخذوا . { مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ } كالأصنام . { فَٱللَّهُ هُوَ ٱلْوَلِىُّ } جواب لشرط محذوف مثل إن أرادوا أولياء بحق فالله هو الولي بالحق . { وَهُوَ يُحْيِى ٱلْمَوْتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ } كالتقرير لكونه حقيقاً بالولاية . { وَمَا ٱخْتَلَفْتُمْ } أنتم والكفار . { فِيهِ مِن شَىْءٍ } من أمر من أمور الدنيا أو الدين . { فَحُكْمُهُ إِلَى ٱللَّهِ } مفوض إليه يميز المحق من المبطل بالنصر أو بالإثابة والمعاقبة . وقيل { وَمَا ٱخْتَلَفْتُمْ فِيهِ } من تأويل متشابه فارجعوا فيه إلى المحكم من كتاب الله . { ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبّى عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } في مجامع الأمور . { وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } إليه أرجع في المعضلات .