Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 42, Ayat: 41-53)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ } بعد ما ظلم ، وقد قرىء به . { فَأُوْلَـئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مّن سَبِيلٍ } بالمعاتبة والمعاقبة . { إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَظْلِمُونَ ٱلنَّاسَ } يبتدؤنهم بالإِضرار ويطلبون ما لا يستحقونه تجبراً عليهم . { وَيَبْغُونَ فِى ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقّ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } على ظلمهم وبغيهم . { وَلَمَن صَبَرَ } على الأذى . { وَغَفَرَ } ولم ينتصر . { إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } أي إن ذلك منه فحذف كما حذف في قولهم : السمن منوان بدرهم ، للعلم به . { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِىّ مّن بَعْدِهِ } من ناصر يتولاه من بعد خذلان الله إياه . { وَتَرَى ٱلظَّـٰلِمِينَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ } حين يرونه فذكر بلفظ الماضي تحقيقاً . { يَقُولُونَ هَلْ إِلَىٰ مَرَدّ مّن سَبِيلٍ } هل إلى رجعة إلى الدنيا . { وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا } على النار ، ويدل عليه { ٱلْعَذَابَ } . { خَـٰشِعِينَ مِنَ ٱلذُّلّ } متذللين متقاصرين مما يلحقهم من الذل . { يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِىّ } أيبتدىء نظرهم إلى النار مع تحريك لأجفانهم ضعيف كالمصبور ينظر إلى السيف . { وَقَالَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ إِنَّ ٱلْخَـٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ } بالتعريض للعذاب المخلد . { يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } ظرف لـ { خَسِرُواْ } والقول في الدنيا ، أو لقال أي يقولون إذا رأوهم على تلك الحال . { أَلاَ إِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ فِى عَذَابٍ مُّقِيمٍ } تمام كلامهم أو تصديق من الله لهم . { وَمَا كَانَ لَهُم مّنْ أَوْلِيَاءَ يَنصُرُونَهُم مّن دُونِ ٱللَّهِ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ } إلى الهدى أو النجاة . { ٱسْتَجِيبُواْ لِرَبّكُمْ مّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ } لا يرده الله بعدما حكم به و { مِنْ } صلة لـ { مَرَدَّ } . وقيل صلة { يَأْتِىَ } أي من قبل أن يأتي يوم من الله لا يمكن رده . { مَا لَكُمْ مّن مَّلْجَأٍ } مفر . { يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مّن نَّكِيرٍ } إنكار لما اقترفتموه لأنه مدون في صحائف أعمالكم تشهد عليه ألسنتكم وجوارحكم . { فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَمَا أَرْسَلْنَـٰكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً } رقيباً أو محاسباً . { إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ ٱلْبَلَـٰغُ } وقد بلغت . { وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا ٱلإنسَـٰنَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا } أراد بالإِنسان الجنس لقوله : { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ ٱلإنسَـٰنَ كَفُورٌ } بليغ الكفران ينسى النعمة رأساً ويذكر البلية ويعظمها ولا يتأمل سببها ، وهذا وإن اختص بالمجرمين جاز إسناده إلى الجنس لغلبتهم واندراجهم فيه . وتصدير الشرطية الأولى بـ { إِذَا } والثانية بـ { إَنَّ } لأن أذاقة النعمة محققة من حيث أنها عادة مقتضاة بالذات بخلاف إصابة البلية ، وإقامة علة الجزاء مقامه ووضع الظاهر موضع المضمر في الثانية للدلالة على أن هذا الجنس موسوم بكفران النعمة . { للَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ } فله أن يقسم النعمة والبلية كيف يشاء . { يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ } من غير لزوم ومجال اعتراض . { يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَـٰثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ ٱلذُّكُورَ } . { أَوْ يُزَوّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَـٰثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً } بدل من { يَخْلُقُ } بدل البعض ، والمعنى يجعل أحوال العباد في الأولاد مختلفة على مقتضى المشيئة فيهب لبعض إما صنفاً واحداً من ذكر أو أنثى أو الصنفين جميعاً ويعقم آخرين ، ولعل تقديم الإِناث لأنها أكثر لتكثير النسل ، أو لأن مساق الآية للدلالة على أن الواقع ما يتعلق به مشيئة الله لا مشيئة الإِنسان والإِناث كذلك ، أو لأن الكلام في البلاء والعرب تعدهن بلاء ، أو لتطييب قلوب آبائهن أو للمحافظة على الفواصل ولذلك عرف الذكور ، أو لجبر التأخير وتغيير العاطف في الثلث لأنه قسيم المشترك بين القسمين ، ولم يحتج إليه الرابع لا فصاحة بأنه قسيم المشترك بين الأقسام المتقدمة . { إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ } فيفعل ما يفعل بحكمة واختيار . { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ } وما صح له . { أَن يُكَلّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً } كلاماً خفياً يدرك لأنه بسرعة تمثيل ليس في ذاته مركباً من حروف مقطعة تتوقف على تموجات متعاقبة ، وهو ما يعم المشافه به كما روي في حديث المعراج ، وما وعد به في حديث الرؤية والمهتف به كما اتفق لموسى في طوى والطور ، ولكن عطف قوله : { أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ } عليه يخصه بالأول فالآية دليل على جواز الرؤية لا على امتناعها . وقيل المراد به الإِلهام والإِلقاء في الروع أو الوحي المنزل به الملك إلى الرسل فيكون المراد بقوله : { أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِىَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ } أو يرسل إليه نبياً فيبلغ وحيه كما أمره ، وعلى الأول المراد بالرسول الملك الموحي إلى الرسل ، ووحياً بما عطف عليه منتصب بالمصدر لأن { مِن وَرَاء حِجَابٍ } صفة كلام محذوف والإِرسال نوع من الكلام ، ويجوز أن يكون وحياً ويرسل مصدرين و { مِن وَرَاء حِجَابٍ } ظرفاً وقعت أحوالاً ، وقرأ نافع { أَوْ يُرْسِلَ } برفع اللام . { إِنَّهُ عَلِىٌّ } عن صفات المخلوقين . { حَكِيمٌ } يفعل ما تقتضيه حكمته فيكلم تارة بوسط ، وتارة بغير وسط إما عياناً وإما من وراء حجاب . { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مّنْ أَمْرِنَا } يعني ما أوحي إليه ، وسماه روحاً لأن القلوب تحيا به ، وقيل جبريل والمعنى أرسلناه إليك بالوحي . { مَا كُنتَ تَدْرِى مَا ٱلْكِتَـٰبُ وَلاَ ٱلإِيمَـٰنُ } أي قبل الوحي ، وهو دليل على أنه لم يكن متعبداً قبل النبوة بشرع . وقيل المراد هو الإِيمان بما لا طريق إليه إلا السمع . { وَلَـٰكِن جَعَلْنَـٰهُ } أي الروح أو الكتاب أو الإِيمان . { نُوراً نَّهْدِى بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا } بالتوفيق للقبول والنظر فيه . { وَإِنَّكَ لَتَهْدِى إِلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } هو الإِسلام ، وقرىء « لَتَهْدِى » أي ليهديك الله . { صِرٰطِ ٱللَّهِ } بدل من الأول . { ٱلَّذِى لَهُ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } خلقاً وملكاً . { أَلاَ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلأُمُورُ } بارتفاع الوسائط والتعلقات ، وفيه وعد ووعيد للمطيعين والمجرمين . عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ حم عسق كان ممن تصلي عليه الملائكة ويستغفرون له ويسترحمون له " .