Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 52-61)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَمْ أَنَا خَيْرٌ } مَع هذه المملكة والبسطة . { مّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِى هُوَ مَهِينٌ } ضعيف حقير لا يستعد للرئاسة ، من المهانة وهي القلة . { وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ } الكلام لما به من الرتة فكيف يصلح للرسالة ، و { أَمْ } إما منقطعة والهمزة فيها للتقرير إذ قدم من أسباب فضله ، أو متصلة على إقامة المسبب مقام السبب . والمعنى أفلا تبصرون أم تبصرون فتعلمون أني خير منه . { فَلَوْلاَ أُلْقِىَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مّن ذَهَبٍ } أي فهلا ألقي عليه مقاليد الملك إن كان صادقاً ، إذ كانوا إذا سودوا رجلاً سوروه وطوقوه بسوار وطوق من ذهب ، وأساورة جمع أسوار بمعنى السوار على تعويض التاء من ياء أساوير . وقد قرىء به وقرأ يعقوب وحفص « أَسْوِرَةٌ » وهي جمع سوار . وقرىء « أساور » جمع « أَسْوِرَةٌ » و « أُلْقِىَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ » و « أساور » على البناء للفاعل وهو الله تعالى . { أَوْ جَاءَ مَعَهُ ٱلْمَلَـئِكَةُ مُقْتَرِنِينَ } مقرونين يعينونه أو يصدقونه من قرنته به فاقترن ، أو متقارنين من اقترن بمعنى تقارن . { فَٱسْتَخَفَّ قَوْمَهُ } فطلب منهم الخفة في مطاوعته أو فاستخف أحلامهم . { فَأَطَاعُوهُ } فيما أمرهم به { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَـٰسِقِينَ } فلذلك أطاعوا ذلك الفاسق . { فَلَمَّا ءاسَفُونَا } أغَضبونا بالإِفراط في العناد والعصيان منقول من أسف إذا اشتد غضبه . { ٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَـٰهُمْ أَجْمَعِينَ } في اليم . { فَجَعَلْنَـٰهُمْ سَلَفاً } قدوة لمن بعدهم من الكفار يقتدون به في استحقاق مثل عقابهم ، مصدر نعت به أو جمع سالف كخدم وخادم ، وقرأ حمزة والكسائي بضم السين واللام جمع سليف كرغف ورغيف ، أو سالف كصبر جمع صابر أو سلف كخشب . وقرىء « سَلَفاً » بإبدال ضمة اللام فتحة أو على أنه جمع سلفة أي ثلة قد سلفت . { وَمَثَلاً لّلأَخِرِينَ } وعظة لهم أو قصة عجيبة تسير مسير الأمثال لهم فيقال : مثلكم مثل قوم فرعون . { وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً } أي ضربه ابن الزبعرى لما جادل رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } [ الأنبياء : 98 ] أو غيره بأن قال النصارى أهل كتاب وهم يعبدون عيسى عليه السلام ويزعمون أنه ابن الله والملائكة أولى بذلك ، أو على قوله تعالى : { وَاسْئلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا } [ الزخرف : 45 ] أو أن محمداً يريد أن نعبده كما عبد المسيح . { إِذَا قَوْمُكَ } في قريش { مِنْهُ } من هذا المثل . { يَصِدُّونَ } يضجون فرحاً لظنهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم صار ملزماً به . وقرأ نافع وابن عامر والكسائي بالضم من الصدود أي يصدون عن الحق ويعرضون عنه . وقيل هما لغتان نحو يعكف ويعكف . { وَقَالُواْ ءَأَٰلِهَتُنَا أَمْ هُوَ } أي آلهتنا خير عندك أم عيسى عليه السلام فإن يكن في النار فلتكن آلهتنا معه ، أو آلهتنا الملائكة خير أم عيسى عليه السلام فإذا أجاز أن يعبد ويكون ابن الله آلهتنا أولى بذلك ، أو آلهتنا خير أم محمد صلى الله عليه وسلم فنعبده وندع آلهتنا . وقرأ الكوفيون « أآلهتنا » بتحقيق الهمزتين وألف بعدهما . { مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاَ } ما ضربوا هذا المثل إلا لأجل الجدل والخصومة لا لتمييز الحق من الباطل . { بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ } شداد الخصومة حراص على اللجاج . { إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ } بالنبوة . { وَجَعَلْنَـٰهُ مَثَلاً لّبَنِى إِسْرٰءيلَ } أمراً عجيباً كالمثل السائر لبني إسرائيل ، وهو كالجواب المزيح لتلك الشبهة . { وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنكُمْ } لولدنا منكم يا رجال كما ولدنا عيسى من غير أب ، أو لجعلنا بدلكم . { مَّلَٰـئِكَةً فِى ٱلأَرْضِ يَخْلُفُونَ } ملائكة يخلفونكم في الأرض ، والمعنى أن حال عيسى عليه السلام وإن كانت عجيبة فإنه تعالى قادر على ما هو أعجب من ذلك ، وأن الملائكة مثلكم من حيث أنها ذوات ممكنة يحتمل خلقها توليداً كما جاز خلقها إبداعاً ، فمن أين لهم استحقاق الألوهية والانتساب إلى الله سبحانه وتعالى . { وَإِنَّهُ } وإن عيسى عليه السلام . { لَعِلْمٌ لّلسَّاعَةِ } لأن حدوثه أو نزوله من أشراط الساعة يعلم به دنوها ، أو لأن احياء الموتى يدل على قدرة الله تعالى عليه . وقرىء { لَعِلْمٌ } أي لعلامة ولذكر على تسمية ما يذكر به ذكراً ، وفي الحديث ينزل عيسى عليه السلام على ثنية بالأرض المقدسة يقال لها أفيق وبيده حربة يقتل بها الدجال ، فيأتي بيت المقدس والناس في صلاة الصبح فيتأخر الإِمام فيقدمه عيسى عليه الصلاة والسلام ويصلي خلفه على شريعة محمد عليه الصلاة والسلام ، ثم يقتل الخنازير ويكسر الصليب ، ويخرب البيع والكنائس ، ويقتل النصارى إلا من آمن به . وقيل الضمير للقرآن فإن فيه الإعلام بالساعة والدلالة عليها . { فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا } فَلا تشكن فيها . { وَٱتَّبِعُونِ } واتبعوا هداي أو شرعي أو رسولي . وقيل هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم أمر أن يقوله . { هَـٰذَا } الذي أدعوكم إليه . { صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } لا يضل سالكه .