Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 21-27)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱذْكُرْ أَخَا عَادٍ } يعني هوداً . { إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِٱلأَحْقَافِ } جمع حقف وهو رمل مستطيل مرتفع فيه انحناء من احقوقف الشيء إذا اعوج ، وكانوا يسكنون بين رمال مشرفة على البحر بالشحر من اليمن . { وَقَدْ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ } الرسل . { مّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ } قبل هود وبعده والجملة حال أو اعتراض . { أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ ٱللَّهَ } أي لا تعبدوا ، أو بأن لا تعبدوا فإن النهي عن الشيء إنذار من مضرته . { إِنّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } هائل بسبب شرككم . { قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا } لتصرفنا . { عَنْ ءالِهَتِنَا } عن عبادتها . { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا } من العذاب على الشرك . { إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ } في وعدك . { قَالَ إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِندَ ٱللَّهِ } لا علم لي بوقت عذابكم ولا مدخل لي فيه فأستعجل به ، وإنما علمه عند الله فيأتيكم به في وقته المقدر له . { وَأُبَلّغُكُمْ مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ } إليكم وما على الرسول إلا البلاغ . { وَلَـٰكِنّى أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ } لا تعلمون أن الرسل بعثوا مبلغين منذرين لا معذبين مقترحين . { فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً } سحاباً عرض في أفق السماء . { مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ } متوجه أوديتهم ، والإضافة فيه لفظية وكذا في قوله : { قَالُواْ هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا } أي يأتينا بالمطر . { بَلْ هُوَ } أي قال هود عليه الصلاة والسلام { بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِ } من العذاب ، وقرىء « قل » « بل » : { رِيحٌ } هي ريح ، ويجوز أن يكون بدل ما . { فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } صفتها وكذا قوله : { تُدَمّرُ } تهلك . { كُلَّ شَىْءٍ } من نفوسهم وأحوالهم . { بِأَمْرِ رَبّهَا } إذ لا توجد نابضة حركة ولا قابضة سكون إلا بمشيئته ، وفي ذكر الأمر والرب وإضافة إلى الريح فوائد سبق ذكرها مراراً ، وقرىء « يدمر كل شيء » من دمر دماراً إذا هلك فيكون العائد محذوفاً أو الهاء في { رَبُّهَا } ، ويحتمل أن يكون استئنافاً للدلالة على أن لكل ممكن فناء مقضياً لا يتقدم ولا يتأخر ، وتكون الهاء لكل شيء فإنه بمعنى الأشياء { فَأْصْبَحُواْ لاَ تُرَى إِلاَّ مَسَـٰكِنُهُِمْ } أي فجاءتهم الريح فدمرتهم فأصبحوا بحيث لو حضرت بلادهم لا ترى إلا مساكنهم ، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي « لاَ يُرَىٰ إِلاَّ مَسَـٰكِنُهُمْ » بالياء المضمومة ورفع المساكن . { كَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ } . روي أن هوداً عليه السلام لما أحس بالريح اعتزل بالمؤمنين في الحظيرة وجاءت الريح فأمالت الأحقاف على الكفرة ، وكانوا تحتها سبع ليال وثمانية أيام ، ثم كشفت عنهم واحتملتهم تقذفتهم في البحر . { وَلَقَدْ مَكَّنَـٰهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّـٰكُمْ فِيهِ } { إن } نافية وهي أحسن من ما ههنا لأنها توجب التكرير لفظاً ولذلك قلبت ألفها هاء في مهما ، أو شرطية محذوفة الجواب والتقدير ، ولقد مكناهم في الذي أوفي شيء إن مكناكم فيه كان بغيكم أكثر ، أو صلة كما في قوله : @ يُرَجِّي المَرْءُ مَا إِنْ لاَ يَرَاه ويعرض دُونَ أدناهُ الخُطُوبُ @@ والأول أظهر وأوفق لقوله : { هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً } [ مريم : 74 ] { كَانُواْ أَكْـثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَءاثَاراً } [ غافر : 82 ] { وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَـٰراً وَأَفْئِدَةً } ليعرفوا تلك النعم ويستدلوا بها على مانحها تعالى ويواظبوا على شكرها . { فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَـٰرُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ مّن شَىْءٍ } من الإِغناء وهو القليل . { إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللهِ } صلة { فَمَا أَغْنَىٰ } وهو ظرف جرى مجرى التعليل من حيث إن الحكم مرتب على ما أضيف إليه وكذلك حيث . { وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } من العذاب { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ } يا أهل مكة . { مّنَ ٱلْقُرَىٰ } كحجر ثمود وقـرى قوم لوط . { وَصَرَّفْنَا ٱلاْيَـٰتِ } بتكريرها . { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } عن كفرهم .