Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 28-35)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَلَوْلاَ نَصَرَهُمُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ قُرْبَاناً ءالِهَةَ } فهلا منعتهم من الهلاك آلهتهم الذين يتقربون بهم إلى الله تعالى حيث قالوا : هؤلاء شفعاؤنا عند الله ، وأول مفعولي { ٱتَّخَذُواْ } الراجع إلى الموصول محذوف ، وثانيهما { قُرْبَاناً } و { ءالِهَةً } بدل أو عطف بيان ، أو { ءالِهَةً } و { قُرْبَاناً } حال أو مفعول له على أنه بمعنى التقرب . وقرىء « قُربَاناً » بضم الراء . { بَلْ ضَلُّواْ عَنْهُمْ } غابوا عن نصرهم وامتنع أن يستمدوا بهم امتناع الاستمداد بالضال . { وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ } وذلك الاتخاذ الذي هذا أثره صرفهم عن الحق ، وقرىء « إِفْكِهِمْ » بالتشديد للمبالغة ، و « آفكهم » أي جعلهم آفكين و « آفكهم » أي قولهم الآفك أي ذو الإِفك . { وَمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } . { وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مّنَ ٱلْجِنّ } أملناهم إليك والنفر دون العشرة وجمعه أنفار . { يَسْتَمِعُونَ ٱلْقُرْءانَ } حَال محمولة على المعنى . { فَلَمَّا حَضَرُوهُ } أي القرآن أو الرسول . { قَالُواْ أَنصِتُواْ } قالُوا بعضهم لبعض اسكتوا لنسمعه . { فَلَمَّا قُضِىَ } أتم وفرغ من قراءته ، وقرىء على بناء الفاعل وهو ضمير الرسول عليه الصلاة والسلام . { وَلَّوْاْ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ } أي منذرين إياهم بما سمعوا . روي أنهم وافوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوادي النخلة عند منصرفه من الطائف يقرأ في تهجده . { قَالُواْ يَا قَوْمُنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَـٰباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ } قيل إنما قالوا ذلك لأنهم كانوا يهودا أو ما سمعوا بأمر عيسى عليه الصلاة والسلام . { مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِلَى ٱلْحَقّ } من العقائد . { وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ } من الشرائع . { يٰقَوْمَنَا أَجِيبُواْ دَاعِىَ ٱللَّهِ وَءامِنُواْ بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مّنْ ذُنُوبِكُمْ } بعض ذنوبكم ، وهو ما يكون في خالص حق الله فإن المظالم لا تغفر بالإِيمان . { وَيُجِرْكُمْ مّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } هو معد للكفار ، واحتج أبو حنيفة رضي الله عنه باقتصارهم على المغفرة والإِجارة على أن لا ثواب لهم ، والأظهر أنهم في توابع التكليف كبني آدم . { وَمَن لاَّ يُجِبْ دَاعِىَ ٱللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِى ٱلأَرْضَ } إذ لا ينجي منه مهرب . { وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ } يمنعونه منه . { أُوْلَـئِكَ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } حيث أعرضوا عن إجابة من هذا شأنه . { أَوَ لَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَلَمْ يَعْىَ بِخَلْقِهِنَّ } ولم يتعب ولم يعجز ، والمعنى أن قدرته واجبة لا تنقص ولا تنقطع بالإِيجاد أبد الأباد . { بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِىِ ٱلْمَوْتَىٰ } أي قادر ، ويدل عليه قراءة يعقوب « يقدر » ، والباء مزيدة لتأكيد النفي فإنه مشتمل على { أن } وما في حيزها ولذلك أجاب عنه بقوله : { بَلَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْءٍ قَدِيرٍ } تقرير للقدرة على وجه عام يكون كالبرهان على المقصود ، كأنه صَدَّرَ السورة بتحقيق المبدأ أراد ختمها بإثبات المعاد . { وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ } منصوب بقول مضمر مقوله : { أَلَيْسَ هَـٰذَا بِٱلْحَقّ } والإِشارة إلى العذاب . { قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبّنَا قَالَ فَذُوقُواْ ٱلعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ } بكفركم في الدنيا ، ومعنى الأمر هو الإِهانة بهم والتوبيخ لهم . { فَٱصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُو ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ } أولو الثبات والجد منهم فإنك من جملتهم ، و { مِنْ } للتبيين ، وقيل للتبعيض ، و { أُوْلُو ٱلْعَزْمِ } منهم أصحاب الشرائع اجتهدوا في تأسيسها وتقريرها وصبروا على تحمل مشاقها ومعاداة الطاعنين فيها ، ومشاهيرهم : نوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى عليهم السلام . وقيل الصابرون على بلاء الله كنوح صبر على أذى قومه كانوا يضربونه حتى يغشى عليه ، وإبراهيم على النار وذبح ولده والذبيح على الذبح ، ويعقوب على فقد الولد والبصر ، ويوسف على الجب والسجن ، وأيوب على الضر ، وموسى قال له قومه { إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِىَ رَبّى سَيَهْدِينِ } [ الشعراء : 61 - 62 ] وداود بكى على خطيئته أربعين سنة ، وعيسى لم يضع لبنة على لبنة . { وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ } لكفار قريش بالعذاب فإنه نازل بهم في وقته لا محالة . { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مّن نَّهَارٍ } استقصروا من هوله مدة لبثهم في الدنيا حتى يحسبونها ساعة . { بَلاَغٌ } هذا الذي وعظتم به أو هذه السورة بلاغ أي كفاية ، أو تبليغ من الرسول عليه الصلاة والسلام ويؤيده أنه قرىء « بلغ » ، وقيل { بَلاَغٌ } مبتدأ خبره { لَهُمْ } و { مَا } بينهما اعتراض أي لهم وقت يبلغون إليه كأنهم إذا بلغوه ورأوا ما فيه استقصروا مدة عمرهم ، وقرىء بالنصب أي بلغوا بلاغاً . { فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْفَـٰسِقُونَ } الخارجون عن الاتعاظ أو الطاعة ، وقرىء يهلك بفتح اللام وكسرها من هلك وهلك ، ونهلك بالنون ونصب القوم . عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة الأحقاف كتب له عشر حسنات بعدد كل رملة في الدنيا " .