Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 48, Ayat: 1-10)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
مدنية نزلت في مرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية وآيها تسع وعشرون آية بسم الله الرحمن الرحيم { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً } وعد بفتح مكة ، والتعبير عنه بالماضي لتحققه أو بما اتفق له في تلك السنة كفتح خيبر وفدك ، أو إخبار عن صلح الحديبية وإنما سماه فتحاً لأنه كان بعد ظهوره على المشركين حتى سألوا الصلح وتسبب لفتح مكة ، وفرغ به رسول الله صلى الله عليه وسلم لسائر العرب فغزاهم وفتح مواضع وأدخل في الإِسلام خلقاً عظيماً ، وظهر له في الحديبية آية عظيمة وهي أنه نزح ماؤها بالكلية فتمضمض ثم مجه فيها فدرت بالماء حتى شرب جميع من كان معه ، أو فتح الروم فإنهم غلبوا الفرس في تلك السنة . وقد عرفت كونه فتحاً للرسول عليه الصلاة والسلام في سورة « الروم » . وقيل الفتح بمعنى القضاء أي قضينا لك أن تدخل مكة من قابل . { لّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ } علة للفتح من حيث إنه مسبب عن جهاد الكفار والسعي في إزاحة الشرك وإعلاء الدين وتكميل النفوس الناقصة قهراً ليصير ذلك بالتدريج اختياراً ، وتخليص الضعفة عن أيدي الظلمة . { مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } جميع ما فرط منك مما يصح أن تعاتب عليه . { وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ } بإعلاء الدين وضم الملك إلى النبوة . { وَيَهْدِيَكَ صِرٰطاً مُّسْتَقِيماً } في تبليغ الرسالة وإقامة مراسم الرئاسة . { وَيَنصُرَكَ ٱللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً } نصراً فيه عز ومنعة ، أو يعز به المنصور فوصف بوصفه مبالغة . { هُوَ ٱلَّذِى أَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ } الثبات والطمأنينة . { فِى قُلُوبِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } حتى ثبتوا حيث تقلق النفوس وتدحض الأقدام . { لِيَزْدَادُواْ إِيمَـٰناً مَّعَ إِيمَـٰنِهِمْ } يقيناً مع يقينهم برسوخ العقيدة واطمئنان النفس عليها ، أو نزل فيها السكون إلى ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ليزدادوا إيماناً بالشرائع مع إيمانهم بالله واليوم الآخر . { لِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } يدبر أمرها فيسلط بعضها على بعض تارة ويوقع فيما بينهم السلم أخرى كما تقتضيه حكمته . { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً } بالمصالح . { حَكِيماً } فيما يقدر ويدبر . { لّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا } علة بما بعده لما دل عليه قوله تعالى : { وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } من معنى التدبير ، أي دبر ما دبر من تسليط المؤمنين ليعرفوا نعمة الله فيه ويشكروها فيدخلهم الجنة ويعذب الكفار والمنافقين لما غاظهم من ذلك ، أو { فَتَحْنَا } أو { أَنَزلَ } أو جميع ما ذكر أو { لِيَزْدَادُواْ } ، وقيل إنه بدل منه بدل الاشتمال . { وَيُكَفّرَ عَنْهُمْ سَيّئَاتِهِمْ } يغطيها ولا يظهرها . { وَكَانَ ذٰلِكَ } أي الإِدخال والتكفير . { عِندَ ٱللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً } لأنه منتهى ما يطلب من جلب نفع أو دفع ضر ، وعند حال من الفوز . { وَيُعَذّبَ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ وَٱلْمُنَـٰفِقَـٰتِ وَٱلْمُشْرِكِينَ وَٱلْمُشْرِكَـٰتِ } عطف على { يَدْخُلِ } إلا إذا جعلته بدلاً فيكون عطفاً على المبدل منه . { ٱلظَّانّينَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوْءِ } ظن الأمر السوء وهو أن لا ينصر رسوله والمؤمنين . { عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ ٱلسَّوْء } دائرة ما يظنونه ويتربصونه بالمؤمنين لا يتخطاهم ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو { دَائِرَةُ ٱلسَّوْء } بالضم وهما لغتان ، غير أن المفتوح غلب في أن يضاف إليه ما يراد ذمه والمضموم جرى مجرى الشر وكلاهما في الأصل مصدر { وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ } عطف لما استحقوه في الآخرة على ما استوجبوه في الدنيا ، والواو في الأخيرين والموضع موضع الفاء إذ اللعن سبب للاعداد ، والغضب سبب له لاستقلال الكل في الوعيد بلا اعتبار النسبية . { وَسَاءتْ مَصِيراً } جهنم . { وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً } . { إِنَّا أَرْسَلْنَـٰكَ شَاهِداً } على أمتك . { وَمُبَشّراً وَنَذِيراً } على الطاعة والمعصية . { لّتُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والأمة ، أو لهم على أن خطابه منزل منزلة خطابهم . { وَتُعَزّرُوهُ } وتقووه بتقوية دينه ورسوله { وَتُوَقّرُوهُ } وتعظموه . { وَتُسَبّحُوهُ } وتنزهوه أو تصلوا له . { بُكْرَةً وَأَصِيلاً } غدوة وعشياً أو دائماً . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو الأفعال الأربعة بالياء ، وقرىء « تعزروه » بسكون العين و « تعزروه » بفتح التاء وضم الزاي وكسرها و « تعززوه » بالزاءين « وَتُوَقّرُوهُ » من أوقره بمعنى وقره . { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ } لأنه المقصود ببيعته . { يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } حال أو استئناف مؤكد له على سبيل التخييل . { فَمَن نَّكَثَ } نقض العهد . { فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ } فلا يعود ضرر نكثه إلا عليه . { وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَـٰهَدَ عَلَيْهِ ٱللَّهَ } في مبايعته { فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً } هو الجنة ، وقرىء « عهد » وقرأ حفص { عَلَيْهِ } بضم الهاء وابن كثير ونافع وابن عامر وروح « فسنؤتيه » بالنون . والآية نزلت في بيعة الرضوان .