Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 53, Ayat: 1-15)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

مكية وآيها إحدى أو اثنتان وستون آية بسم الله الرحمن الرحيم { وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ } أقسم بجنس النجوم أو الثريا فإنه غلب فيها إذا غرب أو انتثر يوم القيامة أو انقض أو طلع فإنه يقال : هوى هوياً بالفتح إذا سقط وغرب ، وهويا بالضم إذا علا وصعد ، أو بالنجم من نجوم القرآن إذا نزل أو النبات إذا سقط على الأرض ، أو إذا نما وارتفع على قوله : { مَا ضَلَّ صَـٰحِبُكُمْ } ما عدل محمد صلى الله عليه وسلم عن الطريق المستقيم ، والخطاب لقريش . { وَمَا غَوَىٰ } وما اعتقد باطلاً والخطاب لقريش ، والمراد نفي ما ينسبون إليه . { وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } وما يصدر نطقه بالقرآن عن الهوى . { إِنْ هُوَ } ما القرآن أو الذي ينطق به . { إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَىٰ } أي إلا وحي يوحيه الله إليه ، واحتج به من لم ير الاجتهاد له . وأجيب عنه بأنه إذا أوحي إليه بأن يجتهد كان اجتهاده وما يستند إليه وحياً ، وفيه نظر لأن ذلك حينئذ يكون بالوحي لا الوحي . { عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ } ملك شديد قواه وهو جبريل عليه السلام فإنه الواسطة في إبداء الخوارق ، روي أنه قلع قرى قوم لوط ورفعها إلى السماء ثم قلبها وصاح صيحة بثمود فأصبحوا جاثمين . { ذُو مِرَّةٍ } حصافة في عقله ورأيه . { فَٱسْتَوَىٰ } فاستقام على صورته الحقيقية التي خلقه الله تعالى عليها . قيل ما رآه أحد من الأنبياء في صورته غير محمد عليه الصلاة والسلام مرتين ، مرة في السماء ومرة في الأرض ، وقيل استوى بقوته على ما جعل له من الأمر . { وَهُوَ بِٱلأَفُقِ ٱلاْعْلَىٰ } في أفق السماء والضمير لجبريل عليه السلام . { ثُمَّ دَنَا } من النبي عليه الصلاة والسلام . { فَتَدَلَّىٰ } فتعلق به وهو تمثيل لعروجه بالرسول صلى الله عليه وسلم . وقيل ثم تدلى من الأفق الأعلى فدنا فيكون من الرسول إشعاراً بأنه عرج به غير منفصل عن محله تقريراً لشدة قوته ، فإن التدلي استرسال مع تعلق كتدلي الثمرة ، ويقال دلى رجليه من السرير وأدلى دلوه ، والدوالي الثمر المعلق . { فَكَانَ } جبريل عليه السلام كقولك : هو مني معقد إزار ، أو المسافة بينهما . { قَابَ قَوْسَيْنِ } مقدارهما . { أَوْ أَدْنَىٰ } على تقديركم كقوله أو يزيدون ، والمقصود تمثيل ملكة الاتصال وتحقيق استماعه لما أوحي إليه بنفي البعد الملبس . { فَأَوْحَىٰ } جبريل عليه السلام . { إِلَىٰ عَبْدِهِ } عبد الله واضماره قبل الذكر لكونه معلوماً كقوله : { عَلَىٰ ظَهْرِهَا } [ فاطر : 45 ] { مَا أَوْحَىٰ } جبريل عليه السلام وفيه تفخيم للموحى به أو الله إليه ، وقيل الضمائر كلها لله تعالى وهو المعني بشديد القوى كما في قوله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلْقُوَّةِ ٱلْمَتِينُ } [ الذاريات : 58 ] ودنوه منه برفع مكانته وتدليه جذبه بشراشره إلى جناب القدس . { مَا كَذَبَ ٱلْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ } ما رأى ببصره من صورة جبريل عليه السلام أو الله تعالى ، أي ما كذب بصره بما حكاه له فإن الأمور القدسية تدرك أولاً بالقلب ثم تنتقل منه إلى البصر ، أو ما قال فؤاده لما رآه لم أعرفك ولو قال ذلك كان كاذباً لأنه عرفه بقلبه كما رآه ببصره ، أو ما رآه بقلبه والمعنى أنه لم يكن تخيلاً كاذباً . ويدل عليه " أنه عليه الصلاة والسلام سئل هل رأيت ربك ؟ فقال رأيته بفؤادي " . وقرأ هشام ما كذب أي صدقه ولم يشك فيه . { أَفَتُمَـٰرُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ } أفتجادلونه عليه ، من المراء وهو المجادلة واشتقاقه من مرى الناقة كأن كلا من المتجادلين يمري ما عند صاحبه . وقرأ حمزة والكسائي وخلف ويعقوب « أفتمرونه » أي أفتغلبونه في المراء من ماريته فمريته ، أو أفتجحدونه من مراه حقه إذا جحده وعلى لتضمين الفعل معنى الغلبة فإن المماري والجاحد يقصدان بفعلهما غلبة الخصم . { وَلَقَدْ رَءاهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ } مرة أخرى فعلة من النزول أقيمت مقام المرة ونصبت نصبها إشعاراً بأن الرؤية في هذه المرة كانت أيضاً بنزول ودنو والكلام في المرئي والدنو ما سبق . وقيل تقديره ولقد رآه نازلاً نزلة أخرى ، ونصبها على المصدر والمراد به نفي الريبة عن المرة الأخيرة . { عِندَ سِدْرَةِ ٱلْمُنتَهَىٰ } التي ينتهي إليها أعمال الخلائق وعلمهم ، أو ما ينزل من فوقها ويصعد من تحتها ، ولعلها شبهت بالسدرة وهي شجرة النبق لأنهم يجتمعون في ظلها . وروي مرفوعاً أنها في السماء السابعة . { عِندَهَا جَنَّةُ ٱلْمَأْوَىٰ } الجنة التي يأوي إليها المتقون أو أرواح الشهداء .