Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 53, Ayat: 16-25)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِذْ يَغْشَىٰ ٱلسّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ } تعظيم وتكثير لما يغشاها بحيث لا يكتنهها نعت ولا يحصيها عد ، وقيل يغشاها الجم الغفير من الملائكة يعبدون الله عندها . { مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ } ما مال بصر رسول الله صلى الله عليه وسلم عما رآه . { وَمَا طَغَىٰ } وما تجاوزه بل أثبته إثباتاً صحيحاً مستيقناً ، أو ما عدل عن رؤية العجائب التي أمر برؤيتها وما جاوزها . { لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ ءايَـٰتِ رَبّهِ ٱلْكُبْرَىٰ } أي والله لقد رأى من آياته وعجائبه الملكية والملكوتية ليلة المعراج وقد قيل إنها المعنية بما { رَأَىٰ } . ويجوز أن تكون { ٱلْكُبْرَىٰ } صفة للـ { ءايَـٰتُ } على أن المفعول محذوف أي شيئاً من آيات ربه أو { مِنْ } مزيدة . { أَفَرَءيْتُمُ ٱللَّـٰتَ وَٱلْعُزَّىٰ وَمَنَوٰةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلأَخْرَىٰ } هي أصنام كانت لهم ، فاللات كانت لثقيف بالطائف أو لقريش بنخلة وهي فعلة من لوى لأنهم كانوا يلوون عليها أي يطوفون . وقرأ هبة الله عن البزي ورويس عن يعقوب « ٱللَّـٰتَ » بالتشديد على أنه سمي به لأنه صورة رجل كان يلت السويق بالسمن ويطعم الحاج . { وَٱلْعُزَّىٰ } بالتشديد سمرة لغطفان كانوا يعبدونها فبعث إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد فقطعها ، وأصلها تأنيث الأعز { وَمَنَوٰةَ } صخرة كانت لهذيل وخزاعة أو لثقيف وهي فعلة من مناه إذا قطعه فإنهم كانوا يذبحون عندها القرابين ومنه منى . وقرأ ابن كثير { مناة } وهي مفعلة من النوء فإنهم كانوا يستمطرون الأنواء عندها تبركاً بها ، وقوله { ٱلثَّالِثَةَ ٱلأَخْرَىٰ } صفتان للتأكيد كقوله تعالى : { يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ } [ الأنعام : 38 ] أو { ٱلأَخْرَىٰ } من التأخر في الرتبة . { أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلأُنثَىٰ } إنكار لقولهم الملائكة بنات الله ، وهذه الأصنام استوطنها جنيات هن بناته ، أو هياكل الملائكة وهو المفعول الثاني لقوله { أَفَرَءيْتُمُ } . { تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ } جائرة حيث جعلتم له ما تستنكفون منه وهي فعلى من الضيز وهو الجور ، لكنه كسر فاؤه لتسلم الياء كما فعل في بيض فإن فعلى بالكسر لم تأت وصفاً . وقرأ ابن كثير بالهمز من ضأزه إذا ظلمه على أنه مصدر نعت به . { إِنْ هِىَ إِلاَّ أَسْمَاء } الضمير للأصنام أي ما هي باعتبار الألوهية إلا أسماء تطلقونها عليها لأنهم يقولون أنها آلهة وليس فيها شيء من معنى الألوهية ، أو للصفة التي تصفونها بها من كونها آلهة وبنات وشفعاء ، أو للأسماء المذكورة فإنهم كانوا يطلقون اللات عليها باعتبار استحقاقها للعكوف على عبادتها ، والعزى لعزتها ومناة لاعتقادهم أنها تستحق أن يتقرب إليها بالقرابين . { سَمَّيْتُمُوهَا } سميتم بها . { أَنتُمْ وَءابَاؤُكُمُ } بهواكم . { مَّا أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَـٰنٍ } برهان تتعلقون به . { إِن يَتَّبِعُونَ } وقرىء بالتاء . { إِلاَّ ٱلظَّنَّ } إلا توهم أن ما هم عليه حق تقليداً وتوهماً باطلاً . { وَمَا تَهْوَى ٱلأَنفُسُ } وما تشتهيه أنفسهم . { وَلَقَدْ جَاءهُم مّن رَّبّهِمُ ٱلْهُدَىٰ } الرسول أو الكتاب فتركوه . { أَمْ لِلإنسَـٰنِ مَا تَمَنَّىٰ } { أَمْ } منقطعة ومعنى الهمزة فيها الإِنكار ، والمعنى ليس له كل ما يتمناه والمراد نفي طمعهم في شفاعة الآلهة وقولهم : { لَئِنْ رُّجّعْتُ إِلَىٰ رَبّى إِنَّ لِى عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ } [ فصلت : 50 ] وقوله : { لَوْلاَ نُزّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْءانُ عَلَىٰ رَجُلٍ مّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } [ الزخرف : 31 ] ونحوهما . { فَلِلَّهِ ٱلأخِرَةُ وٱلأُولَىٰ } يعطي منهما ما يشاء لمن يريد وليس لأحد أن يتحكم عليه في شيء منهما .