Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 54, Ayat: 1-10)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
مكية وآيها خمس وخمسون آية بسم الله الرحمن الرحيم { ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ } روي أن الكفار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم آية فانشق القمر . وقيل معناه سينشق يوم القيامة ويؤيد الأول أنه قرىء « وقد انشق القمر » أي اقتربت الساعة وقد حصل من آيات اقترابها انشقاق القمر ، وقوله : { وَإِن يَرَوْاْ ءايَةً يُعْرِضُواْ } عن تأملها والإِيمان بها . { وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ } مطرد وهو يدل على أنهم رأوا قبله آيات أخر مترادفة ومعجزات متتابعة حتى قالوا ذلك ، أو محكم من المرة يقال أمررته فاستمر إذا أحكمته فاستحكم ، أو مستبشع من استمر الشيء إذا اشتدت مرارته أو مار ذاهب لا يبقى . { وَكَذَّبُواْ وَٱتَّبَعُواْ أَهْوَاءَهُمْ } وهو ما زين لهم الشيطان من رد الحق بعد ظهوره ، وذكرهما بلفظ الماضي للإِشعار بأنهما من عادتهم القديمة . { وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ } منته إلى غاية من خذلان أو نصر في الدنيا وشقاؤه ، أو سعادة في الآخرة فإن الشيء إذا انتهى إلى غايته ثبت واستقر ، وقرىء بالفتح أي ذو مستقر بمعنى استقرار وبالكسر والجر على أنه صفة أمر ، وكل معطوف على الساعة . { وَلَقَدْ جَاءَهُمْ } في القرآن { مّنَ ٱلأَنبَاء } أنباء القرون الخالية أو أنباء الآخرة . { مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ } ازدجار من تعذيب أو وعيد ، وتاء الافتعال تقلب دالاً مع الذال والدال والزاي للتناسب ، وقرىء « مزجر » بقلبها زايا وإدغامها . { حِكْمَةٌ بَـٰلِغَةٌ } غايتها لا خلل فيها وهي بدل من ما أو خبر لمحذوف ، وقرىء بالنصب حالاً من ما فإنها موصولة أو مخصوصة بالصفة نصب الحال عنها . { فَمَا تُغْنِـى ٱلنُّذُرُ } نفي أو استفهام إنكار ، أي فأي غناء تغني النذر وهو جمع نذير بمعنى المنذر ، أو المنذر منه أو مصدر بمعنى الإِنذار . { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ } لعلمك بأن الإِنذار لا يغني فيهم . { يَوْمَ يَدْعُ ٱلدَّاعِ } إسرافيل ، ويجوز أن يكون الدعاء فيه كالأمر في قوله : { كُنْ فَيَكُونُ } [ البقرة : 117 ] وإسقاط الياء اكتفاء بالكسرة للتخفيف وانتصاب { يَوْمٍ } بـ { يُخْرِجُونَ } أو بإضمار اذكر . { إِلَىٰ شَىْءٍ نُّكُرٍ } فظيع تنكره النفوس لأنها لم تعهد مثله وهو هول يوم القيامة ، وقرأ ابن كثير بالتخفيف ، وقرىء « نكراً » بمعنى أنكر . { خُشَّعاً أَبْصَـٰرُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ } أي يخرجون من قبورهم خاشعاً ذليلاً أبصارهم من الهول ، وإفراده وتذكيره لأن فاعله ظاهر غير حقيقي التأنيث ، وقرىء « خاشعة » على الأصل ، وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم { خُشَّعاً } ، وإنما حسن ذلك ولم يحسن مررت برجال قائمين غلمانهم لأنه ليس على صيغة تشبه الفعل ، وقرىء « خشع أبصارهم » على الابتداء والخبر فتكون الجملة حالاً . { كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ } في الكثرة والتموج والانتشار في الأمكنة . { مُّهْطِعِينَ إِلَى ٱلدَّاعِ } مسرعين مادي أعناقهم إليه ، أو ناظرين إليه . { يَقُولُ ٱلْكَـٰفِرُونَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ } صعب . { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ } قبل قومك . { فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا } نوحاً عليه السلام وهو تفصيل بعد إجمال ، وقيل معناه كذبوه تكذيباً على عقب تكذيب كلما خلا منهم قرن مكذب تبعه قرن مكذب ، أو كذبوه بعدما كذبوا الرسل . { وَقَالُواْ مَجْنُونٌ } هو مجنون . { وَٱزْدُجِرَ } وزجر عن التبليغ بأنواع الأذية ، وقيل إنه من جملة قيلهم أي هو مجنون وقد ازدجرته الجن وتخبطته . { فَدَعَا رَبَّهُ أَنّى } بأني وقرىء بالكسر على إرادة القول . { مَغْلُوبٌ } غَلبني قومي . { فَٱنتَصِرْ } فانتقم لي منهم وذلك بعد يأسه منهم . فقد روي أن الواحد منهم كان يلقاه فيخنقه حتى يخر مغشياً عليه فيفيق ويقول : " اللَّهُم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " .