Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 55, Ayat: 1-12)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
مكية او مدنية او متبعضة وآيها ثمان وسبعون آية بسم الله الرحمن الرحيم { ٱلرَّحْمَـٰنُ عَلَّمَ ٱلْقُرْءانَ } لما كانت السورة مقصورة على تعداد النعم الدنيوية والآخروية صدرها بـ { ٱلرَّحْمَـٰنُ } ، وقدم ما هو أصل النعم الدينية وأجلها وهو إنعامه بالقرآن وتنزيله وتعليمه ، فإنه أساس الدين ومنشأ الشرع وأعظم الوعي وأعز الكتب ، إذ هو بإعجازه واشتماله على خلاصتها مصدق لنفسه ومصداق لها ، ثم اتبعه قوله : { خَلَقَ ٱلإِنسَـٰنَ عَلَّمَهُ ٱلبَيَانَ } إيماء بأن خلق البشر وما يميز به عن سائر الحيوان من البيان ، وهو التعبير عما في الضمير وإفهام الغير لما أدركه لتلقي الوحي وتعرف الحق وتعلم الشرع ، وإخلاء الجمل الثلاث التي هي أخبار مترادفة لـ { ٱلرَّحْمَـٰنُ } عن العاطف لمجيئها على نهج التعديد . { ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ } يجريان بحساب معلوم مقدر في بروجهما ومنازلهما ، وتتسق بذلك أمور الكائنات السفلية وتختلف الفصول والأوقات ، ويعلم السنون والحساب . { وَٱلنَّجْمِ } والنبات الذي ينجم أي يطلع من الأرض ولا ساق له . { وَٱلشَّجَرُ } الذي له ساق . { يَسْجُدَانِ } ينقادان لله تعالى فيما يريد بهما طبعاً انقياد الساجد من المكلفين طوعاً ، وكان حق النظم في الجملتين أن يقال : وجرى الشمس والقمر ، وأسجد النجم والشجر . أو { ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ } ، والنجم والشجر يسجدان له ، ليطابقا ما قبلهما وما بعدهما في اتصالهما بـ { ٱلرَّحْمَـٰنُ } ، لكنهما جردتا عما يدل على الاتصال إشعاراً بأن وضوحه يغنيه عن البيان ، وإدخال العاطف بينهما لاشتراكهما في الدلالة على أن ما يحس به من تغيرات أحوال الأجرام العلوية والسفلية بتقديره وتدبيره . { وَٱلسَّمَاءَ رَفَعَهَا } خلقها مرفوعة محلاً ومرتبة ، فإنها منشأ أقضيته ومتنزل أحكامه ومحل ملائكته ، وقرىء بالرفع على الابتداء . { وَوَضَعَ ٱلْمِيزَانَ } العدل بأن وفر على كل مستعد مستحقه ، ووفى كل ذي حق حقه حتى انتظم أمر العالم واستقام كما قال عليه السلام " بالعدل قامت السموات والأرض " أو ما يعرف به مقادير الأشياء من ميزان ومكيال ونحوهما ، كأنه لما وصف السماء بالرفعة من حيث إنها مصدر القضايا والإقرار أراد وصف الأرض بما فيها مما يظهر به التفاوت ويعرف به المقدار ويسوى به الحقوق والمواجب . { أَلاَّ تَطْغَوْاْ فِى ٱلْمِيزَانِ } لئلا تطغوا فيه أي لا تعتدوا ولا تجاوزوا الانصاف ، وقرىء « لا تطغوا » على إرادة القول . { وَأَقِيمُواْ ٱلْوَزْنَ بِٱلْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُواْ ٱلْمِيزَانَ } ولا تنقصوه فإن من حقه أن يسوى لأنه المقصود من وضعه ، وتكريره مبالغة في التوصية به وزيادة حث على استعماله ، وقرىء « وَلاَ تُخْسِرُواْ » بفتح التاء وضم السين وكسرها ، و « تُخْسِرُواْ » بفتحها على أن الأصل { وَلاَ تُخْسِرُواْ } في { ٱلْمِيزَانَ } فحذف الجار وأوصل الفعل . { وَٱلأَرْضَ وَضَعَهَا } خفضها مدحوة . { لِلأَنَامِ } للخلق . وقيل الأنام كل ذي روح . { فِيهَا فَـٰكِهَةٌ } ضروب مما يتفكه به . { وَٱلنَّخْلُ ذَاتُ ٱلاْكْمَامِ } أوعية التمر جمع كم ، أو كل ما يكم أي يغطى من ليف وسعف وكفري فإنه ينتفع به كالمكموم كالجذع والجمار والتمر . { وَٱلْحَبُّ ذُو ٱلْعَصْفِ } كالحنطة والشعير وسائر ما يتغذى به ، و { ٱلْعَصْفِ } ورق النبات اليابس كالتين . { وَٱلرَّيْحَانُ } يعني المشموم ، أو الرزق من قولهم : خرجت أطلب ريحان الله ، وقرأ ابن عامر « والحب ذا العصف والريحان » أي وخلق الحب والريحان أو وأخص ، ويجوز أن يراد وذا الريحان فحذف المضاف ، وقرأ حمزة والكسائي « والريحان » بالخفض ما عدا ذلك بالرفع ، وهو فيعلان من الروح فقلبت الواو ياء وأدغم ثم خفف ، وقيل « روحان » فقلبت واوه ياء للتخفيف .