Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 55, Ayat: 25-36)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَبِأَىّ ءَالاءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } من خلق مواد السفن والإِرشاد إلى أخذها وكيفية تركيبها وإجرائها في البحر بأسباب لا يقدر على خلقها وجمعها غيره . { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا } من على الأرض من الحيوانات أو المركبات و { مِنْ } للتغليب ، أو من الثقلين . { فَانٍ وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبّكَ } ذاته ولو استقريت جهات الموجودات وتفحصت وجوهها وجدتها بأسرها فانية في حد ذاتها إلا وجه الله أي الوجه الذي يلي جهته . { ذُو ٱلْجَلْـٰلِ وَٱلإكْرَامِ } ذو الاستغناء المطلق والفضل العام . { فَبِأَىّ ءَالاءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } أي مما ذكرنا قبل من بقاء الرب وإبقاء ما لا يحصى مما هو على صدد الفناء رحمة وفضلاً ، أو مما يترتب على فناء الكل من الإِعادة والحياة الدائمة والنعيم المقيم . { يَسْأَلُهُ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ } فَإِنَهم مفتقرون إليه في ذواتهم وصفاتهم وسائر ما يهمهم ، ويعن لهم المراد بالسؤال ما يدل على الحاجة إلى تحصيل الشيء في ذواتهم وصفاتهم نطقاً كان أو غيره . { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِى شَأْنٍ } كل وقت يحدث أشخاصاً ويحدد أحوالاً على ما سبق به قضاؤه ، وفي الحديث " من شأنه أن يغفر ذنباً ويفرج كرباً ويرفع قوماً ويضع آخرين " وهو رد لقول اليهود إن الله لا يقضي يوم السبت شيئاً . { فَبِأَىّ ءَالاءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } أي مما يسعف به سؤالكما وما يخرج لكما من مكمن العدم حيناً فحيناً . { سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلثَّقَلاَنِ } آي سنتجرد لحسابكم وجزائكم وذلك يوم القيامة ، فإنه تعالى لا يفعل فيه غيره وقيل تهديد مستعار من قولك لمن تهدده سأفرغ لك ، فإن المتجرد للشيء كان أقوى عليه وأجد فيه ، وقرأ حمزة والكسائي بالياء وقريء « سنفرغ إليكم » أي سنقصد إليكم . و { ٱلثَّقَلاَنِ } الإِنس والجن سميا بذلك لثقلهما على الأرض أو لرزانة رأيهما وقدرهما ، أو لأنهما مثقلان بالتكليف . { فَبِأَىّ ءَالاءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ يَا مَعْشَرَ الجنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ } إن قدرتم أن تخرجوا من جوانب السموات والأرض هاربين من الله فارين من قضائه . { فَٱنفُذُواْ } فاخرجوا . { لاَ تَنفُذُونَ } لا تقدرون على النفوذ . { إِلاَّ بِسُلْطَـٰنٍ } إلا بقوة وقهر وأنى لكم ذلك ، أو إن قدرتم أن تنفذوا لتعلموا ما في السموات والأرض { فَٱنفُذُواْ } لتعلموا لكن { لاَ تَنفُذُونَ } ولا تعلمون إلا ببينة نصبها الله تعالى فتعرجون عليها بأفكاركم . { فَبِأَىّ ءَالاءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } أي من التنبيه والتحذير والمساهلة والعفو مع كمال القدرة ، أو مما نصب من المصاعد العقلية والمعارج النقلية فتنفذون بها إلى ما فوق السموات العلا . { يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ } لهب . { مّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ } ودخان قال : @ تُضِيءُ كَضَوْءِ السِرَاجِ السَّلِيـ ـطِ لَمْ يَجْعَلِ الله فِيهِ نُحَاساً @@ أو صفر مذاب يصب على رؤوسهم ، وقرأ ابن كثير « شوَاظٌ » بالكسر وهو لغة « وَنُحَاس » بالجر عطفاً على { نَّارٍ } ، ووافقه فيه أبو عمرو ويعقوب في رواية ، وقرىء « ونحس » وهو جمع كلحف . { فَلاَ تَنتَصِرَانِ } فلا تمتنعان . { فَبِأَىّ ءَالاءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } فإن التهديد لطف والتمييز بين المطيع والعاصي بالجزاء والانتقام من الكفار في عداد الآلاء .