Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 57, Ayat: 26-29)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرٰهِيمَ وَجَعَلْنَا فِى ذُرّيَّتِهِمَا ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلْكِتَـٰبَ } بأن استنبأناهم وأوحينا إليهم الكتب . وقيل المراد بالكتب الخط . { فَمِنْهُمْ } فمن الذرية أو من المرسل إليهم وقد دل عليهم { أَرْسَلْنَا } . { مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مّنْهُمْ فَـٰسِقُونَ } خارجون عن الطريق المستقيم والعدول عن السنن القابلة للمبالغة في الذم والدلالة على أن الغلبة للضلال . { ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَىٰ ءَاثَـٰرِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ } أي أرسلنا رسولاً بعد رسول حتى انتهى إلى عيسى عليه السلام ، والضمير لنوح وإبراهيم ومن أرسلا إليهم ، أو من عاصرهما من الرسل لا للذرية ، فإن الرسل الملقى بهم من الذرية . { وَآتيْنَاهُ الإِنْجِيلَ } وقرىء بفتح الهمزة وأمره أهون من أمر البرطيل لأنه أعجمي . { وَجَعَلْنَا فِى قُلُوبِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ رَأْفَةً } وقرىء « رآفة » على فعالة . { وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ٱبتَدَعُوهَا } أي وابتدعوا رهبانية ابتدعوها ، أو رهبانية مبتدعة على أنها من المجعولات وهي المبالغة في العبادة والرياضة والانقطاع عن الناس ، منسوبة إلى الرهبان وهو المبالغ في الخوف من رهب كالخشيان من خشي ، وقرئت بالضم كأنها منسوبة إلى الرهبان وهو جمع راهب كراكب وركبان . { مَا كَتَبْنَـٰهَا عَلَيْهِمْ } ما فرضناها عليهم . { إِلاَّ ٱبْتِغَاءَ رِضْوٰنِ ٱللَّهِ } استثناء منقطع أي ولكنهم ابتدعوها { ٱبْتِغَاء رِضْوٰنِ ٱللَّهِ } . وقيل متصل فإن { مَا كَتَبْنَـٰهَا عَلَيْهِمْ } بمعنى ما تعبدناهم بها وهو كما ينفي الإِيجاب المقصود منه دفع العقاب ينفي الندب المقصود منه مجرد حصول مرضاة الله ، وهو يخالف قوله { ٱبتَدَعُوهَا } إلا أن يقال { ٱبتَدَعُوهَا } ثم ندبوا إليها ، أو { ٱبتَدَعُوهَا } بمعنى استحدثوها وأتوا بها ، أو لأنهم اخترعوها من تلقاء أنفسهم . { فَمَا رَعَوْهَا } أي فما رعوها جميعاً . { حَقَّ رِعَايَتِهَا } بضم التثليث والقول بالاتحاد وقصد السمعة والكفر بمحمد عليه الصلاة والسلام ونحوها إليها . { فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا } أتوا بالإِيمان الصحيح ومن ذلك الإِيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وحافظوا حقوقها . { مِنْهُمْ } من المتسمين باتباعه . { أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مّنْهُمْ فَـٰسِقُونَ } خارجون عن حال الاتباع . { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } بالرسل المتقدمة . { ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } فيما نهاكم عنه . { وَآمِنُوا بِرَسُولِه } محمد عليه الصلاة والسلام . { يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ } نصيبين . { مّن رَّحْمَتِهِ } لإيمانكم بمحمد صلى الله عليه وسلم إيمانكم بمن قبله ، ولا يبعد أن يثابوا على دينهم السابق وإن كان منسوخاً ببركة الإِسلام ، وقيل الخطاب للنصارى الذين كانوا في عصره صلى الله عليه وسلم . { وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ } يريد المذكور في قوله : { يَسْعَىٰ نُورُهُم } أو الهدى الذي يسلك به إلى جناب القدس . { وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } . { لّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ ٱلْكِتَـٰبِ } أي ليعلموا و « لا » مزيدة ويؤيده أنه قرىء « ليعلم » و « لكي يعلم » و « لأن يعلم » بادغام النون في الياء . { أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَىْء مّن فَضْلِ ٱللَّهِ } أن هي المخففة والمعنى : أنه لا ينالون شيئاً مما ذكر من فضله ولا يتمكنون من نيله لأنهم لم يؤمنوا برسوله وهو مشروط بالإِيمان به ، أو لا يقدرون على شيء من فضله فضلاً عن أن يتصرفوا في أعظمه وهو النبوة فيخصوها بمن أرادوا ويؤيده قوله : { وَأَنَّ ٱلْفَضْلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ } وقيل « لا » غير مزيدة ، والمعنى لئلا يعتقد أهل الكتاب أنه لا يقدر النبي والمؤمنون به على شيء من فضل الله ولا ينالونه ، فيكون { وَأَنَّ ٱلْفَضْلَ } عطفاً على { لّئَلاَّ يَعْلَمَ } ، وقرىء « ليلا يعلم » ووجهه أن الهمزة حذفت وأدغمت النون في اللام ثم أبدلت ياء . وقرىء « ليلا » على أن الأصل في الحروف المفردة الفتح . عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة الحديد كتب من الذين آمنوا بالله ورسله أجمعين " .