Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 1-1)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَالأَرْضَ } أخبر بأنه سبحانه وتعالى حقيق بالحمد ، ونبه على أنه المستحق له على هذه النعم الجسام حمد أو لم يحمد ، ليكون حجة على الذين هم بربهم يعدلون ، وجمع السموات دون الأرض وهي مثلهن لأن طبقاتها مختلفة بالذات متفاوتة الآثار والحركات ، وقدمها لشرفها وعلو مكانها وتقدم وجودها . { وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَـٰتِ وَٱلنُّورَ } أنشأهما ، والفرق بين خلق وجعل الذي له مفعول واحد أن الخلق فيه معنى التقدير والجعل فيه معنى التضمن . ولذلك عبر عن إحداث النور والظلمة بالجعل تنبيهاً على أنهما لا يقومان بأنفسهما كما زعمت الثنوية ، وجمع الظلمات لكثرة أسبابها والأجرام الحاملة لها ، أو لأن المراد بالظلمة الضلال ، وبالنور الهدى والهدى واحد والضلال متعدد ، وتقديمها لتقدم الإِعدام على الملكات . ومن زعم أن الظلمة عرض يضاد النور احتج بهذه الآية ولم يعلم أن عدم الملكة كالعمى ليس صرف العدم حتى لا يتعلق به الجعل . { ثْمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ يَعْدِلُونَ } عطف على قوله الحمد لله على معنى أن الله سبحانه وتعالى حقيق بالحمد على ما خلقه نعمة على العباد ، ثم الذين كفروا به يعدلون فيكفرون نعمته ، ويكون بربهم تنبيهاً على أنه خلق هذه الأشياء أسباباً لتكونهم وتعيشهم ، فمن حقه أن يحمد عليها ولا يكفر ، أو على قوله خلق على معنى أنه سبحانه وتعالى خلق ما لا يقدر عليه أحد سواه ، ثم هم يعدلون به ما لا يقدر على شيء منه . ومعنى ثم : استبعاد عدولهم بعد هذا البيان ، والباء على الأول متعلقة بكفروا وصلة يعدلون محذوفة أي يعدلون عنه ليقع الإِنكار على نفس الفعل ، وعلى الثاني متعلقة بـ { يَعْدِلُونَ } والمعنى أن الكفار يعدلون بربهم الأوثان أي يسوونها به سبحانه وتعالى .