Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 2-5)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن طِينٍ } أي ابتدأ خلقكم منه ، فإنه المادة الأولى وأن آدم الذي هو أصل البشر خلق منه ، أو خلق أباكم فحذف المضاف . { ثُمَّ قَضَى أَجَلاً } أجل الموت . { وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ } أجل القيامة . وقيل الأول ما بين الخلق والموت ، والثاني ما بين الموت والبعث ، فإن الأجل كما يطلق لآخر المدة يطلق لجملتها . وقيل الأول النوم والثاني الموت . وقيل الأول لمن مضى والثاني لمن بقي ولمن يأتي ، وأجل نكرة خصصت بالصفة ولذلك استغني عن تقديم الخبر والاستئناف به لتعظيمه ولذلك نكر ووصف بأنه مسمى أي مثبت معين لا يقبل التغيير ، وأخبر عنه بأنه عند الله لا مدخل لغيره فيه يعلم ولا قدرة ولأنه المقصود بيانه . { ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ } استبعاد لامترائهم بعد ما ثبت أنه خالقهم وخالق أصولهم ومحييهم إلى آجالهم ، فإن من قدر على خلق المواد وجمعها وإيداع الحياة فيها وإبقائها ما يشاء كان أقدر على جمع تلك المواد وإحيائها ثانياً ، فالآية الأولى دليل التوحيد والثانية دليل البعث ، والامتراء الشك وأصله المري وهو استخراج اللبن من الضرع . { وَهُوَ ٱللَّهُ } الضمير لله سبحانه وتعالى و { ٱللَّهِ } خبره . { فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَفِى ٱلأَرْضِ } متعلق باسم { ٱللَّهِ } والمعنى هو المستحق للعبادة فيهما لا غير ، كقوله سبحانه وتعالى : { وَهُوَ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّماء إِلَـٰهٌ وَفِي ٱلأَرْضِ إِلَـٰهٌ } [ الزخرف : 84 ] أو بقوله : { يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ } والجملة خبر ثان ، أو هي الخبر و { ٱللَّهِ } بدل ، ويكفي لصحة الظرفية كون المعلوم فيهما كقولك رميت الصيد في الحرم إذا كنت خارجه والصيد فيه أو ظرف مستقر وقع خبراً ، بمعنى أنه سبحانه وتعالى لكمال علمه بما فيهما كأنه فيهما ، ويعلم سركم وجهركم بيان وتقرير له وليس متعلقاً بالمصدر لأن صفته لا تتقدم عليه . { وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ } من خير أو شر فيثيب عليه ويعاقب ، ولعله أريد بالسر والجهر ما يخفى وما يظهر من أحوال الأنفس وبالمكتسب أعمال الجوارح . { وَمَا تَأْتِيهِم مّنْ ءايَةٍ مّنْ ءايَـٰتِ رَبّهِمْ } { مِنْ } الأولى مزيدة للاستغراق والثانية للتبعيض ، أي : ما يظهر لهم دليل قط من الأدلة أو معجزة من المعجزات أو آية من آيات القرآن . { إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } تاركين للنظر فيه غير ملتفتين إليه . { فَقَدْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقّ لَمَّا جَاءهُمْ } يعني القرآن وهو كاللازم ما قبله كأنه قيل : إنهم لما كانوا معرضين عن الآيات كلها كذبوا به لما جاءهم ، أو كدليل عليه على معنى أنهم لما أعرضوا عن القرآن وكذبوا به وهو أعظم الآيات فكيف لا يعرضون عن غيره ، ولذلك رتب عليه بالفاء . { فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاء مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } أي سيظهر لهم ما كانوا به يستهزئون عند نزول العذاب بهم في الدنيا والآخرة ، أو عند ظهور الإِسلام وارتفاع أمره .