Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 24-30)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ٱنظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ } أي بنفي الشرك عنها ، وحمله على كذبهم في الدنيا تعسف يخل بالنظم ونظير ذلك قوله : { يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهِ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ } [ المجادله : 18 ] وقرأ حمزة والكسائي ربنا بالنصب على النداء أو المدح . { وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } من الشركاء . { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ } حين تتلو القرآن ، والمراد أبو سفيان والوليد والنضر وعتبة وشيبة وأبو جهل وأضرابهم ، اجتمعوا فسمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن فقالوا للنضر ما يقول ، فقال ؛ والذي جعلها بيته ما أدري ما يقول إلا أنه يحرك لسانه ويقول أساطير الأولين مثل ما حدثتكم عن القرون الماضية ، فقال أبو سفيان إني لأرى حقاً فقال أبو جهل كلا . { وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً } أغطية جمع كنان وهو ما يستر الشيء . { أَن يَفْقَهُوهُ } كراهة أن يفقهوه . { وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً } يمنع من استماعه ، وقد مر تحقيق ذلك في أول « البقرة » . { وَإِنْ يَرَوا كُلَّ آيَةٍ لاَ يُؤْمِنُوا بِهَا } لفرط عنادهم واستحكام التقليد فيهم . { حَتَّىٰ إِذَا جَاؤُكَ يُجَـٰدِلُونَكَ } أي بلغ تكذيبهم الآيات إلى أنهم جاؤو يجادلونك ، وحتى هي التي تقع بعدها الجمل لا عمل لها ، والجملة إذا وجوابه وهو { يَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ أَسَـٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } فإن جعل أصدق الحديث خرافات الأولين غاية التكذيب ، ويجادلونك حال لمجيئهم ، ويجوز أن تكون الجارة وإذا جاؤوك في موضع الجر ويجادلونك حال ويقول تفسير له ، والأساطير الأباطيل جمع أسطورة أو اسطارة أو أسطار جمع سطر ، وأصله السطر بمعنى الخط . { وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ } أي ينهون الناس عن القرآن ، أو الرسول صلى الله عليه وسلم والإِيمان به . { وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ } بأنفسهم أو ينهون عن التعرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم وينأون عنه فلا يؤمنون به كأبي طالب . { وَإِن يُهْلِكُونَ } وما يهلكون بذلك . { إلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ } أن ضرره لا يتعداهم إلى غيرهم . { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ } جوابه محذوف أي : لو تراهم حين يوقعون على النار حتى يعاينوها ، أو يطلعون عليها ، أو يدخلونها فيعرفون مقدار عذابها لرأيت أمراً شنيعاً . وقرىء { وُقِفُواْ } على البناء للفاعل من وقف عليها وقوفاً . { فَقَالُواْ يٰلَيْتَنَا نُرَدُّ } تمنياً للرجوع إلى الدنيا . { وَلاَ نُكَذّبَ بِـئَايَـٰتِ رَبّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } استئناف كلام منهم على وجه الإِثبات كقولهم : دعني ولا أعود ، أي وأنا لا أعود تركتني ، أو لم تتركني أو عطف على نرد أو حال من الضمير فيه فيكون في حكم التمني ، وقوله : { وَإِنَّهُمْ لَكَـٰذِبُونَ } [ الأنعام : 28 ] راجع إلى ما تضمنه التمني من الوعد ، ونصبهما حمزة ويعقوب وحفص على الجواب بإضمار أن بعد الواو إجراء لها مجرى الفاء . وقرأ ابن عامر برفع الأول على العطف ونصب الثاني على الجواب . { بَلْ بَدَا لَهُمْ مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ } الإِضراب عن إرادة الإِيمان المفهومة من التمني ، والمعنى أنه ظهر لهم ما كانوا يخفون من نفاقهم ، أو قبائح أعمالهم فتمنوا ذلك ضجراً لا عزماً على أنهم لو ردوا لآمنوا . { وَلَوْ رُدُّواْ } أي إلى الدنيا بعد الوقوف والظهور . { لَعَـٰدُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ } من الكفر والمعاصي . { وَإِنَّهُمْ لَكَـٰذِبُونَ } فيما وعدوا به من أنفسهم . { وَقَالُواْ } عطف على لعادوا ، أو على إنهم لكاذبون أو على نهوا ، أو استئناف بذكر ما قالوه في الدنيا . { إِنْ هِىَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا } الضمير للحياة { وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } . { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَىٰ رَبّهِمْ } مجاز عن الحبس للسؤال والتوبيخ ، وقيل معناه وقفوا على قضاء ربهم أو جزائه ، أو عرفوه حق التعريف . { قَالَ أَلَيْسَ هَـٰذَا بِٱلْحَقّ } كأنه جواب قائل قال : ماذا قال ربهم حينئذ ؟ والهمزة للتقريع على التكذيب ، والإِشارة إلى البعث وما يتبعه من الثواب والعقاب . { قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبّنَا } إقرار مؤكد باليمين لانجلاء الأمر غاية الجلاء . { قَالَ فَذُوقُواْ ٱلعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ } بسبب كفركم أو ببدله .