Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 60, Ayat: 1-4)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ مدنية وآيها ثلاث عشرة آية بسم الله الرحمن الرحيم يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ } نزلت في حاطب بن أبي بلتعة ، فإنه لما علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو أهل مكة كتب إليهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدكم فخذوا حذركم ، " وأرسل كتابه مع سارة مولاة بني المطلب ، فنزل جبريل عليه السلام فأعلم رسول الله ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً وعماراً وطلحة والزبير والمقداد وأبا مرثد وقال : انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب حاطب إلى أهل مكة ، فخذوه منها وخلوها فإن أبت فاضربوا عنقها ، فأدركوها ثمة فجحدت فهموا بالرجوع ، فسل علي رضي الله تعالى عنه السيف فأخرجته من عقاصها ، فاستحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطباً وقال : ما حملك عليه ؟ فقال : يا رسول الله ما كفرت منذ أسلمت ولا غششتك منذ نصحتك ولكني كنت امرأ ملصقاً في قريش وليس لي فيهم من يحمي أهلي ، فأردت أن آخذ عندهم يداً وقد علمت أن كتابي لا يغني عنهم شيئاً ، فصدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعذره " { تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّةِ } تفضون إليهم المودة بالمكاتبة ، والباء مزيدة أو إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب المودة ، والجملة حال من فاعل { لاَ تَتَّخِذُواْ } أو صفة لأولياء جرت على غير من هي له ، ولا حاجة فيها إلى إبراز الضمير لأنه مشروط في الاسم دون الفعل . { وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَاءكُمْ مّنَ ٱلْحَقّ } حال من فاعل أحد الفعلين . { يُخْرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِيَّـٰكُمْ } أي من مكة وهو حال من { كَفَرُواْ } أو استئناف لبيانه . { أَن تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ رَبّكُمْ } بأن تؤمنوا به وفيه تغليب المخاطب والالتفات من التكلم إلى الغيبة للدلالة على ما يوجب الإِيمان . { إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ } عن أوطانكم . { جِهَاداً فِى سَبِيلِى وَٱبْتِغَاء مَرْضَاتِى } علة للخروج وعمدة للتعليق وجواب الشرط محذوف دل عليه { لاَ تَتَّخِذُواْ } . { تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّةِ } بدل من { تُلْقُونَ } أو استئناف معناه : أي طائل لكم في أسرار المودة أو الإخبار بسبب المودة . { وَأَنَاْ أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ } أي منكم . وقيل { أَعْلَمُ } مضارع والباء مزيدة و « ما » موصولة أو مصدرية . { وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ } أي من يفعل الاتخاذ . { فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء ٱلسَّبِيلِ } أخطأه . { إِن يَثْقَفُوكُمْ } يظفروا بكم . { يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَاءً } ولا ينفعكم إلقاء المودة إليهم . { وَيَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِٱلسُّوءِ } ما يسوؤكم كالقتل والشتم . { وَوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ } وتمنوا ارتدادكم ، ومجيء { وَدُّواْ } وحده بلفظ الماضي للإِشعار بأنهم { وَدُّواْ } قبل كل شيء ، وأن ودادتهم حاصلة وإن لم يثقفوكم . { لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَـٰمُكُمْ } قراباتكم . { وَلاَ أَوْلَـٰدُكُمْ } الذين توالون المشركين لأجلهم . { يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ } يفرق بينكم بما عراكم من الهول فيفر بعضكم من بعض فما لكم ترفضون اليوم حق الله لمن يفر منكم غداً ، وقرأ حمزة والكسائي بكسر الصاد والتشديد وفتح الفاء ، وقرأ ابن عامر « يُفَصّلُ » على البناء للمفعول وهو { بَيْنِكُمْ } ، وقرأ عاصم { يُفَصّلُ } . { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } فيجازيكم عليه . { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } قدوة . اسم لما يؤتسى به . { فِى إِبْرٰهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ } صفة ثانية أو خبر كان و { لَكُمْ } لغو أو حال من المستكن في { حَسَنَةٌ } أو صلة لها لا لـ { أُسْوَةٌ } لأنها وصفت . { إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ } ظرف لخبر كان . { إِنَّا بُرَاءُ مّنكُمْ } جمع بريء كظريف وظرفاء . { وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ } أي بدينكم أو بمعبودكم ، أو بكم وبه فلا نعتد بشأنكم وآلهتكم . { وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةُ وَٱلْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّىٰ تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحْدَهُ } فتنقلب العداوة والبغضاء ألفة ومحبة . { إِلاَّ قَوْلَ إِبْرٰهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ } استثناء من قوله { أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } فإن استغفاره إبراهيم عليه السلام لأبيه الكافر ليس مما ينبغي أن يأتسوا به ، فإنه كان قبل النهي أو لموعدة وعدها إياه . { وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن شَىْء } من تمام قوله المستثنى ولا يلزم من استثناء المجموع استثناء جميع أجزائه . { رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِيرُ } متصل بما قبل الاستثناء أو أمر من الله للمؤمنين بأن يقولوه تتميماً لما وصاهم به من قطع العلائق بينهم وبين الكفار .