Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 60, Ayat: 5-10)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لّلَّذِينَ كَفَرُواْ } بأن تسلطهم علينا فيفتنونا بعذاب لا نتحمله . { وَٱغْفِرْ لَنَا } ما فرط منا { رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } ومن كان كذلك كان حقيقاً بأن يجير المتوكل ويجيب الداعي . { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } تكرير لمزيد الحث على التأسي بإبراهيم ولذلك صدر بالقسم وأبدل قوله : { لّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ } من { لَكُمْ } فإنه يدل على أنه لا ينبغي لمؤمن أن يترك التأسي بهم ، وإن تركه مؤذن بسوء العقيدة ولذلك عقبه بقوله : { وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِىُّ ٱلْحَمِيدُ } فإنه جدير بأن يوعد به الكفرة . { عَسَى ٱللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ عَادَيْتُم مّنْهُم مَّوَدَّةً } لما نزل { لاَ تَتَّخِذُواْ } [ آل عمرآن : 118 ] عادى المؤمنون أقاربهم المشركين وتبرؤوا عنهم ، فوعدهم الله بذلك وأنجز إذ أسلم أكثرهم وصاروا لهم أولياء . { وَٱللَّهُ قَدِيرٌ } على ذلك . { وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } لما فرط منكم في موالاتهم من قبل ولما بقي في قلوبكم من ميل الرحم . { لاَّ يَنْهَـٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُقَـٰتِلُوكُمْ فِى ٱلدّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مّن دِيَـٰرِكُمْ } أي لا ينهاكم عن مبرَّة هؤلاء لأن قوله : { أَن تَبَرُّوهُمْ } بدل من { ٱلَّذِينَ } . { وَتُقْسِطُواْ إِلَيْهِمْ } وتفضوا إليهم بالقسط أي العدل . { إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ } العادلين ، روي أن قتيلة بنت عبد العزى قدمت مشركة على بنتها أسماء بنت أبي بكر بهدايا ، فلم تقبلها ولم تأذن لها بالدخول فنزلت . { إِنَّمَا يَنْهَـٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ قَـٰتَلُوكُمْ فِى ٱلدّينِ وَأَخْرَجُوكُم مّن دِيَـٰرِكُمْ وَظَـٰهَرُواْ عَلَىٰ إِخْرٰجِكُمْ } كمشركي مكة فإن بعضهم سعوا في إخراج المؤمنين وبعضهم أعانوا المخرجين . { أَن تَوَلَّوْهُمْ } بدل من { ٱلَّذِينَ } بدل الاشتمال . { وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } لوضعهم الولاية في غير موضعها . { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا جَاءكُمُ ٱلْمُؤْمِنَـٰتُ مُهَـٰجِرٰتٍ فَٱمْتَحِنُوهُنَّ } فاختبروهن بما يغلب على ظنكم موافقة قلوبهم لسانهم في الإِيمان . { ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَـٰنِهِنَّ } فإنه المطلع على ما في قلوبهم . { فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَـٰتٍ } العلم الذي يمكنكم تحصيله وهو الظن الغالب بالحلف وظهور الأمارات ، وإنما سماه علماً إيذاناً بأنه كالعلم في وجوب العمل به . { فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلْكُفَّارِ } أي إلى أزواجهن الكفرة لقوله : { لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ } والتكرير للمطابقة والمبالغة ، أو الأولى لحصول الفرقة والثانية للمنع عن الاستئناف . { وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا } ما دفعوا إليهن من المهور ، وذلك لأن صلح الحديبية جرى : على أن من جاءنا منكم رددناه . فلما تعذر عليه ردهن لورود النهي عنه لزمه رد مهورهن . " إذ روي أنه عليه الصلاة والسلام كان بعد الحديبية إذ جاءته سبيعة بنت الحارث الأسلمية مسلمة فأقبل زوجها مسافر المخزومي طالباً لها فنزلت . فاستحلفها رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلفت فأعطى زوجها ما أنفق وتزوجها عمر رضي الله تعالى عنه " { وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ } فإن الإِسلام حال بينهن وبين أزواجهن الكفار . { إِذَا آتيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } شرط إيتاء المهر في نكاحهن إيذاناً بأن ما أعطى أزواجهن لا يقوم مقام المهر . { وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ ٱلْكَوَافِرِ } بما يعتصم به الكافرات من عقد وسبب جمع عصمة ، والمراد نهي المؤمنين عن المقام على نكاح المشركات ، وقرأ البصريان « وَلاَ تُمْسِكُواْ » بالتشديد . { وَاسْـئَلُواْ مَا أَنفَقْتُمْ } من مهور نسائكم اللاحقات بالكفار . { وَلْيَسْـئَلُواْ مَا أَنفَقُواْ } من مهور أزواجهم المهاجرات . { ذَلِكُمْ حُكْمُ ٱللَّهِ } يعني جميع ما ذكر في الآية . { يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ } استئناف أو حال من الحكم على حذف الضمير ، أو جعل الحكم حاكماً على المبالغة . { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } يشرع ما تقتضيه حكمته .