Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 69, Ayat: 11-19)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّا لَمَّا طَغَىٰ ٱلْمَاءُ } جاوز حده المعتاد ، أو طغى على خزانه وذلك في الطوفان وهو يؤيد من قبله . { حَمَلْنَـٰكُمْ } أي آباءكم وأنتم في أصلابهم . { فِى ٱلْجَارِيَةِ } في سفينة نوح عليه الصلاة والسلام . { لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ } لنجعل الفعلة وهي إنجاء المؤمنين وإغراق الكافرين . { تَذْكِرَةً } عبرة ودلالة على قدرة الصانع وحكمته وكمال قهره ورحمته . { وَتَعِيَهَا } وتحفظها ، وعن ابن كثير « تَعْيهَا » بسكون العين تشبيهاً بكتف ، والوعي أن تحفظ الشيء في نفسك والإِيعاء أن تحفظه في غيرك . « وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وٰعِيَةٌ » من شأنها أن تحفظ ما يجب حفظه بتذكره وإشاعته والتفكر فيه والعمل بموجبه ، والتنكير للدلالة على قلتها وأن من هذا شأنه مع قلته تسبب لانجاء الجم الغفير وإدامة نسلهم . وقرأ نافع « أَذِنَ » بالتخفيف . { فَإِذَا نُفِخَ فِى ٱلصُّورِ نَفْخَةٌ وٰحِدَةٌ } لما بالغ في تهويل القيامة وذكر مآل المكذبين بها تفخيماً لشأنها وتنبيهاً على مكانها عاد إلى شرحها ، وإنما حسن إسناد الفعل إلى المصدر لتقيده وحسن تذكيره للفصل ، وقرىء { نَفْخَةً } بالنصب على إسناد الفعل إلى الجار والمجرور والمراد بها النفخة الأولى التي عندها خراب العالم . { وَحُمِلَتِ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ } رفعت من أماكنها بمجرد القدرة الكاملة ، أو بتوسط زلزلة أو ريح عاصفة . { فَدُكَّتَا دَكَّةً وٰحِدَةً } فضربت الجملتان بعضها ببعض ضربة واحدة فيصير الكل هباء ، أو فبسطتا بسطة واحدة فصارتا أرضاً لا عوج فيها ولا أمتا لأن الدك سبب للتسوية ، ولذلك قيل ناقة دكاء للتي لا سنام لها ، وأرض دكاء للمتسعة المستوية . { فَيَوْمَئِذٍ } فحينئذ . { وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ } قامت القيامة . { وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَاءُ } لنزول الملائكة . { فَهِىَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ } ضعيفة مسترخية . { وَٱلْمَلَكُ } والجنس المتعارف بالملك . { عَلَىٰ أَرْجَائِهَا } جوانبها جمع رجا بالقصر ، ولعله تمثيل لخراب السماء بخراب البنيان وانضواء أهلها إلى أطرافها وحواليها ، وإن كان على ظاهره فلعل هلاك الملائكة أثر ذلك . { وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبّكَ فَوْقَهُمْ } فوق الملائكة الذين هم على الأرجاء ، أو فوق الثمانية لأنها في نية التقديم . { يَوْمَئِذٍ ثَمَـٰنِيَةٌ } ثمانية أملاك ، لما روي مرفوعاً " أنهم اليوم أربعة فإذا كان يوم القيامة أمدهم الله بأربعة آخرين " وقيل ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم عدتهم إلا الله ، ولعله أيضاً تمثيل لعظمته بما يشاهد من أحوال السلاطين يوم خروجهم على الناس للقضاء العام وعلى هذا قال : { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ } تشبيهاً للمحاسبة بعرض السلطان العسكر لتعرف أحوالهم ، وهذا وإن كان بعد النفخة الثانية لكن لما كان اليوم اسماً لزمان متسع تقع فيه النفختان والصعقة والنشور والحساب وإدخال أهل الجنة الجنة وأهل النار النار صح ظرفاً للكل . { لاَ تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ } سريرة على الله تعالى حتى يكون العرض للاطلاع عليها ، وإنما المراد منه إفشاء الحال والمبالغة في العدل ، أو على الناس كما قال الله تعالى : { يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَائِرُ } [ الطارق : 9 ] وقرأ حمزة والكسائي بالياء للفصل . { فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ } تفصيل للعرض . { فَيَقُولُ } تبجحاً . { هَاؤُمُ ٱقْرَؤُاْ كِتَـٰبيَهْ } هاء اسم لخذ ، وفيه لغات أجودها هاء يا رجل وهاء يا امرأة وهاؤ ما يا رجلان أو امرأتان ، وهاؤم يا رجال وهاؤن يا نسوة ، ومفعوله محذوف و { كِتَـٰبيَهْ } مفعول { اقرؤوا } لأنه أقرب العاملين ، ولأنه لو كان مفعول { هَاؤُمُ } لقيل اقرؤوه إذ الأولى اضماره حيث أمكن ، والهاء فيه وفي { حِسَابِيَهْ } و { مَالِيَهْ } و { سُلْطَـٰنِيَهْ } للسكت تثبت في الوقف وتسقط في الوصل واستحب الوقف لثباتها في الإِمام ولذلك قرىء بإثباتها في الوصل .