Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 74, Ayat: 1-10)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
مكية ، وآيها خمس وخمسون آية بسم الله الرحمن الرحيم { يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثّرُ } أي المتدثر وهو لابس الدثار . " روي أنه عليه الصلاة والسلام قال « كنت بحراء فنوديت فنظرت عن يميني وشمالي فلم أر شيئاً ، فنظرت فوقي فإذا هو على عرش بين السماء والأرض يعني الملك الذي ناداه فرعبت فرجعت إلى خديجة فقلت : دثروني ، فنزل جبريل " وقال : { يأَيُّهَا ٱلْمُدَّثّرُ } ولذلك قيل هي أول سورة نزلت . وقيل تأذى من قريش فتغطى بثوبه مفكراً ، أو كان نائماً مدثراً فنزلت ، وقيل المراد بالمدثر المتدثر بالنبوة والكمالات النفسانية ، أو المختفي فإنه كان بحراء كالمختفي فيه على سبيل الاستعارة ، وقرىء { ٱلْمُدَّثّرُ } أي الذي دثر هذا الأمر وعصب به . { قُمِ } من مضجعك أو قم قيام عزم وجد . { فَأَنذِرْ } مطلق للتعميم أو مقدر بمفعول دل عليه قوله : { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } [ الشعراء : 214 ] أو قوله : { وَمَا أَرْسَلْنَـٰكَ إِلاَّ كَافَّةً لّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً } [ سبأ : 28 ] { وَرَبَّكَ فَكَبّرْ } وخصص ربك بالتكبير وهو وصفه بالكبرياء عقداً وقولاً " روي أنه لما نزل كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأيقن أنه الوحي " وذلك لأن الشيطان لا يأمر بذلك والفاء فيه وفيما بعده لإِفادة معنى الشرط وكأنه قال : وما يكن فكبر ربك ، أو الدلالة على أن المقصود الأول من الأمر بالقيام أن يكبر ربه عن الشرك والتشبيه ، فإن أول ما يجب معرفة الصانع وأول ما يجب بعد العلم بوجوده تنزيهه ، والقوم كانوا مقرين به . { وَثِيَابَكَ فَطَهّرْ } من النجاسات فإن التطهير واجب في الصلوات محبوب في غيرها ، وذلك بغسلها أو بحفظها عن النجاسة بتقصيرها مخافة جر الذيول فيها ، وهو أول ما أمر به من رفض العادات المذمومة ، أو طهر نفسك من الأخلاق الذميمة والأفعال الدنيئة ، فيكون أمراً باستكمال القوة العملية بعد أمره باستكمال القّوة النظرية والدعاء إليه ، أو فطهر دثار النبوة عما يدنسه من الحقد والضجر وقلة الصبر . { وَٱلرُّجْزَ فَٱهْجُرْ } فاهجر العذاب بالثبات على هجر ما يؤدي إليه من الشرك وغيره من القبائح ، وقرأ يعقوب وحفص « وَٱلرُّجْزَ » بالضم وهو لغة كالذكر . { وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ } أي لا تعط مستكثراً ، نهى عن الاستفزاز وهو أن يهب شيئاً طامعاً في عوض أكثر ، نهي تنزيه أو نهياً خاصاً به لقوله عليه الصلاة والسلام " المستفزز يثاب من هبته " والموجب له ما فيه من الحرص والضنة ، أو { لا تَمْنُن } على الله تعالى بعبادتك مستكثراً إياها ، أو على الناس بالتبليغ مستكثراً به الأجر منهم أو مستكثراً إياه ، وقرىء { تَسْتَكْثِرُ } بالسكون للوقف أو الإبدال من تمنن على أنه من بكذا ، أو { تَسْتَكْثِرُ } بمعنى تجده كثيراً وبالنصب على إضمار أن ، وقد قرىء بها وعلى هذا يجوز أن يكون الرفع بحذفها وإبطال عملها ، كما روي : أحضر الوغى . بالرفع . { وَلِرَبّكَ } لوجهه أو أمره . { فَٱصْبِرْ } فاستعمل الصبر ، أو فاصبر على مشاق التكاليف وأذى المشكرين . { فَإِذَا نُقِرَ } نفخ . { فِى ٱلنَّاقُورِ } في الصور فاعول من النقر بمعنى التصويت وأصله القرع الذي هو سبب الصوت ، والفاء للسببية كأنه قال : اصبر على زمان صعب تلقى فيه عاقبة صبرك وأعداؤك عاقبة ضرهم ، و « إذا » ظرف لما دل عليه قوله : { فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ } لأن معناه عسر الأمر على الكافرين ، وذلك إشارة إلى وقت النقر ، وهو مبتدأ خبره { يَوْمٌ عَسِيرٌ } و { يَوْمَئِذٍ } بدل أو ظرف لخبره إذ التقدير : فذلك الوقت وقت وقوع { يَوْمٌ عَسِيرٌ } . { غَيْرُ يَسِيرٍ } تأكيد يمنع أن يكون عسيراً عليهم من وجه ويشعر بيسره على المؤمنين .