Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 75, Ayat: 21-40)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَتَذَرُونَ ٱلآخِرَةَ } تعميم للخطاب إشعاراً بأن بني آدم مطبوعون على الاستعجال وإن كان الخطاب للإِنسان ، والمراد به الجنس فجمع الضمير للمعنى ويؤيده قراءة ابن كثير وابن عامر والبصريين بالياء فيهما . { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ } بهية متهللة . { إِلَىٰ رَبّهَا نَاظِرَةٌ } تراه مستغرقة في مطالعة جماله بحيث تغفل عما سواه ولذلك قدم المفعول ، وليس هذا في كل الأحوال حتى ينافيه نظرها إلى غيره ، وقيل منتظرة إنعامه ورد بأن الانتظار لا يسند إلى الوجه وتفسيره بالجملة خلاف الظاهر ، وأن المستعمل بمعناه لا يتعدى بإلى وقول الشاعر : @ وَإِذَا نَظَرْتُ إِلَيْكَ مِن مَلكٍ وَالبَحْرُ دُونَك زِدْتَني نِعَماً @@ بمعنى السؤال فإن الانتظار لا يستعقب العطاء . { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ } شديدة العبوس والباسل أبلغ من الباسر لكنه غلب في الشجاع إذا اشتد كلوحه . { تَظُنُّ } تتوقع أربابها . { أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ } داهية تكسر الفقار . { كَلاَّ } ردع عن إيثار الدنيا على الآخرة . { إِذَا بَلَغَتِ ٱلتَّرَاقِىَ } إذا بلغت النفس أعالي الصدر وإضمارها من غير ذكر لدلالة الكلام عليها . { وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ } وقال حاضر وصاحبها من يرقيه مما به من الرقية ، أو قال ملائكة الموت أيكم يرقى بروحه ملائكة الرحمة ، أو ملائكة العذاب من الرقي . { وَظَنَّ أَنَّهُ ٱلْفِرَاقُ } وظن المحتضر أن الذي نزل به فراق الدنيا ومحابها . { وَٱلْتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ } والتوت ساقه بساقه فلا يقدر على تحريكهما ، أو شدة فراق الدنيا بشدة خوف الآخرة . { إِلَىٰ رَبّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمَسَاقُ } سوقه إلى الله تعالى وحكمه . { فَلاَ صَدَّقَ } ما يجب تصديقه ، أو فلا صدق ماله أي فلا زكاة . { وَلاَ صَلَّىٰ } ما فرض عليه والضمير فيهما للإنسان المذكور في { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَـٰنُ } . { وَلَـٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } عن الطاعة . { ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ } يتبختر افتحاراً بذلك من المط ، فإن المتبختر يمد خطاه فيكون أصله يتمطط ، أو من المط وهو الظهر فإنه يلويه . { أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ } ويل لك من الولي ، وأصله أولاك الله ما تكرهه واللام مزيدة كما في { رَدِفَ لَكُم } [ النمل : 72 ] أو { أَوْلَىٰ لَكَ } الهلاك . وقيل أفعل من الويل بعد القلب أدنى من أدون ، أو فعلى من آل يؤول بمعنى عقباك النار . { ثُمَّ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ } أي يتكرر ذلك عليه مرة بعد أخرى . { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَـٰنُ أَن يُتْرَكَ سُدًى } مهملاً لا يكلف ولا يجازى ، وهو يتضمن تكرير إنكاره للحشر والدلالة عليه من حيث إن الحكمة تقتضي الأمر بالمحاسن والنهي عن القبائح ، والتكليف لا يتحقق إلا بالمجازاة وهي قد لا تكون في الدنيا فتكون في الآخرة . { أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مّن مَّنِىّ يُمْنَىٰ ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ } فقدره فعدله . { فَجَعَلَ مِنْهُ ٱلزَّوْجَيْنِ } للصنفين { ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } وهو استدلال آخر بالإِبداء على الإِعادة على ما مر تقريره مراراً ولذلك رتب عليه قوله : { أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَـٰدِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِىَ ٱلْمَوْتَىٰ } . عن النبي صلى الله عليه وسلم " أنه كان إذا قرأها قال سبحانك بلى " وعنه صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة القيامة شهدت له أنا وجبريل يوم القيامة أنه كان مؤمناً به " .