Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 76, Ayat: 19-25)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدٰنٌ مُّخَلَّدُونَ } دائمون . { إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً } من صفاء ألوانهم وانبثاثهم في مجالسهم وانعكاس شعاع بعضهم إلى بعض . { وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ } ليس له مفعول ملفوظ ولا مقدر لأنه عام معناه أن بصرك أينما وقع . { رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً } واسعاً ، وفي الحديث " أدنى أهل الجنة منزلة ينظر في ملكه مسيرة ألف عام يرى أقصاه كما يرى أدناه " هذا وللعارف أكبر من ذلك وهو أن تنتقش نفسه بجلايا الملك وخفايا الملكوت ، فيستضيء بأنوار قدس الجبروت . { عَـٰلِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ } يعلوهم ثياب الحرير الخضر ما رق منها وما غلظ ، ونصبه على الحال من هم في عليهم أو { حَسِبْتَهُمْ } ، أو { مَلَكًا } على تقدير مضاف أي وأهل ملك كبير عاليهم ، وقرأ نافع { عَـٰلِيَهُمْ } وحمزة بالرفع على أنه خبر { ثِيَابُ } . وقرأ ابن كثير وأبو بكر « خُضْرٍ » بالجر حملاً على { سُندُسٍ } بالمعنى فإنه اسم جنس ، { وَإِسْتَبْرَقٍ } بالرفع عطفاً على { ثِيَابُ } ، وقرأهما حفص وحمزة والكسائي بالرفع ، وقرىء « وَإِسْتَبْرَقٍ » بوصل الهمزة والفتح على أنه استفعل من البريق جعل علماً لهذا النوع من الثياب . { وَحُلُّواْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ } عطف على { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ } ولا يخالفه قوله { أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ } لإمكان الجمع والمعاقبة والتبعيض ، فإن حلي أهل الجنة تختلف باختلاف أعمالهم ، فلعله تعالى يفيض عليهم جزاء لما عملوه بأيديهم حلياً وأنواراً تتفاوت الذهب والفضة ، أو حال من الضمير في { عَـٰلِيَهُمْ } بإضمار قد ، وعلى هذا يجوز أن يكون هذا للخدم وذلك للمخدومين . { وَسَقَـٰهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً } يريد به نوعاً آخر يفوق على النوعين المتقدمين ولذلك أسند سقيه إلى الله عز وجل ، ووصفه بالطهورية فإنه يطهر شاربه عن الميل إلى اللذات الحسية والركون إلى ما سوى الحق ، فيتجرد لمطالعة جماله ملتذاً بلقائه باقياً ببقائه ، وهي منتهى درجات الصديقين ولذلك ختم بها ثواب الأبرار . { إِنَّ هَـٰذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً } على إضمار القول والإِشارة إلى ما عد من ثوابهم . { وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً } مجازى عليه غير مضيع . { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْءانَ تَنزِيلاً } مفرقاً منجماً لحكمةٍ اقتضته ، وتكرير الضمير مع أن مزيد لاختصاص التنزيل به . { فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبّكَ } بتأخير نصرك على كفار مكة وغيرهم . { وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ ءاثِماً أَوْ كَفُوراً } أي كل واحدُ من مرتكب الإِثم الداعي لك إليه ومن الغالي في الكفر الداعي لك إليه ، وأو للدلالة على أنهما سيان في استحقاق العصيان والاستقلال به والقسم باعتبار ما يدعونه إليه ، فإن ترتب النهي على الوصفين مشعر أنه لهما وذلك يستدعي أن تكون المطاوعة في الإِثم والكفر . فإن مطاوعتهما فيما ليس بإثم ولا كفر غير محظور . { وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } ودَاوم على ذكره أو دم على صلاة الفجر والظهر والعصر فإن الأصيل يتناول وقتيهما .