Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 76, Ayat: 9-18)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ ٱللَّهِ } على إرادة القول بلسان الحال أو المقال إزاحة لتوهم المن وتوقع المكافأة المنقصة للأجر . وعن عائشة رضي الله تعالى عنها : أنها كانت تبعث بالصدقة إلى أهل بيت ثم تسأل المبعوث ما قالوا ، فإن ذكر دعاء دعت لهم بمثله ليبقى ثواب الصدقة لها خالصاً عند الله . { لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُوراً } أي شكراً . { إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبّنَا } فلذلك نحسن إليكم أو لا نطلب المكافأة منكم . { يَوْماً } عذاب يوم . { عَبُوساً } تعبس فيه الوجوه أو يشبه الأسد العبوس في ضراوته . { قَمْطَرِيراً } شديد العبوس كالذي يجمع ما بين عينيه من اقمطرت الناقة إذا رفعت ذنبها وجمعت قرطيها أو مشتق من القطر والميم مزيدة . { فَوَقَـٰهُمُ ٱللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ ٱلْيَومِ } بسبب خوفهم وتحفظهم عنه . { وَلَقَّـٰهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً } بدل عبوس الفجار وخزنهم . { وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُواْ } بصبرهم على أداء الواجبات واجتناب المحرمات وإيثار الأموال . { جَنَّةُ } بستاناً يأكلون منه . { وَحَرِيراً } يلبسونه . وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أن الحسن والحسين رضي الله عنهما مرضا فعادهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس فقالوا : يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك ، فنذر علي وفاطمة رضي الله تعالى عنهما وفضة جارية لهما صوم ثلاث إن برئا ، فشفيا وما معهم شيء ، فاستقرض علي من شمعون الخيبري ثلاثة أصوع من شعير فطحنت فاطمة صاعاً واختبزت خمسة أقراص فوضعوها بين أيديهم ليفطروا ، فوقف عليهم مسكين فآثروه وباتوا ولم يذوقوا إلا الماء وأصبحوا صياماً ، فلما أمسوا ووضعوا الطعام وقف عليهم يتيم فآثروه ، ثم وقف عليهم في الثالثة أسير ففعلوا مثل ذلك ، فنزل جبريل عليه السلام بهذه السورة وقال خذها يا محمد هناك الله في أهل بيتك . { مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَىٰ ٱلأَرَائِكِ } حال من هم في { جزاهم } أو صفة لـ { جَنَّةُ } . { لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً } يحتملهما وأن يكون حالاً من المستكن في { متئكين } ، والمعنى أنه يمر عليهم فيها هواء معتدل لا حار محم ولا بارد مؤذ ، وقيل الزمهرير القمر في لغة طيء قال راجزهم : @ وَلَيْلَةٌ ظَلاَمُهَا قَدِ اعْتَكَر قَطَعْتُهَا وَالزَّمْهَرِيرُ مَا زَهَرْ @@ والمعنى أن هواءها مضيء بذاته لا يحتاج إلى شمس وقمر . { وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَـٰلُهَا } حال أو صفة أخرى معطوفة على ما قبلها ، أو عطف على { جَنَّةُ } أي وجنة أخرى دانية على أنهم وعدوا جنتين كقوله : { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ جَنَّتَانِ } [ الرحمن : 46 ] وقرئت بالرفع على أنها خبر { ظِلَـٰلُهَا } والجملة حال أو صفة . { وَذُلّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً } معطوف على ما قبله أو حال من دانية ، وتذليل القطوف ان تجعل سهلة التناول لا تمتنع على قطافها كيف شاءوا . { وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِـئَانِيَةٍ مّن فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ } وأباريق بلا عروة . { كَانَتْ قَوَارِيرَاْ } . { قَوارِيرَ مِن فِضَّةٍ } أي تكونت جامعة بين صفاء الزجاجة وشفيفها وبياض الفضة ولينها ، وقد نون { قَوارِيرَ } من نون « سلاسلاً » وابن كثير الأولى لأنها رأس الآية ، وقرىء { قَوارِيرَ مِن فِضَّةٍ } على هي { قَوارِيرَ } . { قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً } أي قدروها في أنفسهم فجاءت مقاديرها وأشكالها كما تمنوه ، أو قدروها بأعمالهم الصالحة فجاءت على حسبها ، أو قدر الطائفون بها المدلول عليهم بقوله يطاف شرابها على قدر اشتهائهم ، وقرىء { قَدَّرُوهَا } أي جعلوا قادرين لها كما شاءوا من قدر منقولاً من قدرت الشيء . { وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً } ما يشبه الزنجبيل في الطعم وكانت العرب يستلذون الشراب الممزوج به { عَيْناً فِيهَا تُسَمَّىٰ سَلْسَبِيلاً } لسلاسة انحدارها في الحلق وسهولة مساغها ، يقال شراب سلسل وسلسال وسلسبيل ، ولذلك حكم بزيادة الباء والمراد به أن ينفي عنها لذع الزنجيل ويصفها بنقيضه ، وقيل أصله سل سبيلا فسميت به كتأبط شراً لأنه لا يشرب منها إلا من سأل إليها سبيلاً بالعمل الصالح .