Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 76, Ayat: 1-8)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
مكية وآيها إِحدى وثلاثون آية بسم الله الرحمن الرحيم { هَلْ أَتَىٰ عَلَى ٱلإِنسَـٰنِ } استفهام تقرير وتقريب ولذلك فسر بقد وأصله أهل كقوله : @ أهل رَأَوْنَا بِسَفْحِ القَاعِ ذِي الأَكم @@ { حِينٌ مّنَ ٱلدَّهْرِ } طائفة محدودة من الزمان الممتد الغير المحدود . { لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً } بل كان شيئاً منسياً غير مذكور بالإِنسانية كالعنصر والنطفة ، والجملة حال من { ٱلإِنسَـٰنَ } أو وصف لـ { حِينٍ } بحذف الراجع والمراد بالإِنسان الجنس لقوله : { إِنَّا خَلَقْنَا ٱلإِنسَـٰنَ مِن نُّطْفَةٍ } أو آدم بين أولاً خلقه ثم ذكر خلقه بنيه . { أَمْشَاجٍ } أخلاط جمع مشج أو مشج أو مشيج من مشجت الشيء إذا خلطته ، وجمع النطفة به لأن المراد بها مجموع مني الرجل والمرأة وكل منهما مختلف الأجزاء في الرقة والقوام والخواص ، ولذلك يصير كل جزء منهما مادة عضو . وقيل مفرد كأعشار وأكباش . وقيل ألوان فإن ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر فإذا اختلطا اخضرا ، أو أطوار فإن النطفة تصير علقة ثم مضغة إلى تمام الخلقة . { نَّبْتَلِيهِ } في موضع الحال أي مبتلين له بمعنى مريدين اختباره أو ناقلين له من حال إلى حال فاستعير له الابتلاء . { فَجَعَلْنَـٰهُ سَمِيعاً بَصِيراً } ليتمكن من مشاهدة الدلائل واستماع الآيات ، فهو كالمسبب عن الابتلاء ولذلك عطف بالفاء على الفعل المقيد به ورتب عليه قوله : { إِنَّا هَدَيْنَـٰهُ ٱلسَّبِيلَ } أي بنصب الدلائل وإنزال الآيات . { إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً } حالان من الهاء ، و { أَمَّا } للتفصيل أو التقسيم أي { هَدَيْنَـٰهُ } في حاليه جميعاً أو مقسوماً إليهما بعضهم { شَـٰكِراً } بالاهتداء والأخذ فيه ، وبعضهم كفور بالإِعراض عنه ، أو من { ٱلسَّبِيلِ } ووصفه بالشكر والكفر مجاز . وقرىء { أَمَّا } بالفتح على حذف الجواب ولعله لم يقل كافراً ليطابق قسيمه محافظة على الفواصل ، وإشعاراً بأن الإِنسان لا يخلو عن كفران غالباً وإنما المؤاخذ به التوغل فيه . { إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَـٰفِرِينَ سَلَـٰسِلَ } بها يقادون . { وَأَغْلَـٰلاً } بها يقيدون . { وَسَعِيراً } بها يحرقون ، وتقديم وعيدهم وقد تأخر ذكرهم لأن الإِنذار أهم وأنفع ، وتصدير الكلام وختمه بذكر المؤمنين أحسن ، وقرأ نافع والكسائي وأبو بكر « سلاسلا » للمناسبة . { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ } جمع بر كأرباب أو بار كأشهاد . { يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ } من خمر وهي في الأصل القدح تكون فيه . { كَانَ مِزَاجُهَا } ما يمزج بها . { كَـٰفُوراً } لبرده وعذوبته وطيب عرفه وقيل اسم ماء في الجنة يشبه الكافور في رائحته وبياضه . وقيل يخلق فيها كيفيات الكافور فتكون كالممزوجة به . { عَيْناً } بدل من { كَـٰفُوراً } إن جعل اسم ماء أو من محل { مِن كَأْسٍ } على تقدير مضاف ، أي ماء عين أو خمرها أو نصب على الاختصاص أو بفعل يفسره ما بعدها . { يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ } أي ملتذاً بها أو ممزوجاً بها ، وقيل الباء مزيدة أو بمعنى من لأن الشرب مبتدأ منها كما هو . { يُفَجّرُونَهَا تَفْجِيراً } يجرونها حيث شاءوا إجراء سهلاً . { يُوفُونَ بِٱلنَّذْرِ } استئناف ببيان ما رزقوه لأجله كأنه سئل عنه فأجيب بذلك ، وهو أبلغ في وصفهم بالتوفر على أداء الواجبات لأن من وفى بما أوَجَبه على نفسه لله تعالى كان أوفى بما أوجبه الله تعالى عليه . { وَيَخَـٰفُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ } شدائده . { مُسْتَطِيراً } فاشياً غاية الانتشار من استطار الحريق والفجر ، وهو أبلغ من طار ، وفيه إشعار بحسن عقيدتهم واجتنابهم عن المعاصي . { وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبّهِ } حب الله تعالى أو الطعام أو الإِطعام . { مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً } يعني أسراء الكفار فإنه صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالأسير فيدفعه إلى بعض المسلمين فيقول " أحسن إليه " أو الأسير المؤمن ويدخل فيه المملوك والمسجون ، وفي الحديث " غريمك أسير فأحسن إلى أسيرك " .