Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 102-105)
Tafsir: al-Waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ما تتلوا الشياطين } أَيْ : ما كانت الشَّياطين تُحدِّث وتقصُّ من السِّحر { على ملك سليمان } في عهده وزمان مُلْكه ، وذلك أنَّ سليمان عليه السَّلام لما نُزع ملكه دفنت الشَّياطين في خزانته سحراً ونيرنجات ، فلمَّأ مات سليمان دلَّت الشياطين عليها النَّاس حتى استخرجوها ، وقالوا للنَّاس : إنَّما مَلَكَكُم سليمان بهذا فتعلَّموه ، فأقبل بنو إسرائيل على تعلُّمها ، ورفضوا كتب أنبيائهم ، فبرَّأ الله سليمان عليه السَّلام فقال : { وما كفر سليمان } أَيْ : لم يكن كافراً ساحراً يسحر { ولكنَّ الشياطين كفروا } بالله { يعلمون الناس السحر } يريد : ما كتب لهم الشَّياطين من كُتب السِّحر { وما أنزل على الملكين } أَيْ : ويُعلِّمونهم ما أُنزل عليهما ، أَيْ : ما عُلِّما وأُلْهِمَا ، وقُذِف في قلوبهما من علم التَّفرقة ، وهو رقيةٌ وليس بسحرٍ ، وقوله : { وما يعلِّمان } يعني : المَلَكَيْن السِّحر { من أحدٍ } أحداً { حتى يقولا إنما نحن فتنة } ابتلاءٌ واختبارٌ { فلا تكفر } وذلك أنَّ الله عزَّ وجلَّ امتحن النَّاس بالملكين في ذلك الوقت ، وجعل المحنة في الكفر والإيمان أن يقبل القابلُ تعلُّم السِّحر ، فيكفر بتعلُّمه ويؤمن بتركه ، ولله تعالى أن يمتحن عباده بما شاء ، وهذا معنى قوله : { إنما نحن فتنة فلا تكفر } أَيْ : محنةٌ من الله نخبرك أنَّ عمل السِّحر كفرٌ بالله ، وننهاك عنه ، فإنْ أطعتنا نجوت وإن عصيتنا هلكت ، وقوله تعالى { فيتعلمون } أَيْ : فيأتون فيتعلَّمون من الملكين { ما يفرّقون به بين المرء وزوجه } وهو أن يؤخذ كلُّ واحدٍ منهما عن صاحبه ويُبغَّض كلُّ واحدٍ منهما إلى الآخر { وما هم } أَيْ : السَّحَرة الذين يتعلَّمون السِّحر { بضارين به } بالسِّحر { من أحدٍ } أحداً { إلاَّ بإذن الله } بإرادته كون ذلك ، أَيْ : لا يضرُّون بالسِّحر إلاَّ مَنْ أراد الله أن يلحقه ذلك الضَّرر { ويتعلمون ما يضرُّهم } في الآخرة { ولا ينفعهم } [ في الدُّنيا ] { ولقد علموا } يعني : اليهود { لمن اشتراه } من اختار السِّحر { ما له في الآخرة من خلاقٍ } من نصيب [ في الجنة ] ، ثمَّ ذمَّ صنيعهم فقال : { ولبئس ما شروا به أنفسهم } أَيْ : بئس شيءٌ باعوا به حظَّ أنفسهم حيث اختاروا السِّحر ونبذوا كتاب الله { لو كانوا يعلمون } كُنه ما يصير إليه مَنْ يخسر الآخرة من العقاب . { ولو أنَّهم آمنوا } بمحمَّدٍ عليه السَّلام والقرآن { واتقوا } اليهوديَّة والسِّحر ، لأثيبوا ما هو خيرٌ لهم من الكسب بالسِّحر ، وهو قوله تعالى : { لمثوبةٌ من عند الله خيرٌ لو كانوا يعلمون } . { يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا } كان المسلمون يقولون للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم : راعنا سمعك ، وكان هذا بلسان اليهوديَّة سبَّاً قبيحاً ، فلمَّا سمعوا هذه الكلمة يقولونها لرسول الله صلى الله عليه وسلم أعجبتهم ، فكانوا يأتونه ويقولون ذلك ويضحكون فيما بينهم ، فنهى الله تعالى المؤمنين عن ذلك ، وأنزل هذه الآية ، وأمرهم أن يقولوا بدل راعنا { انظرنا } أَيْ : انظر إلينا حتى نُفهمك ما نقول { واسمعوا } أيْ : أطيعوا واتركوا هذه الكلمة ؛ لأنَّ الطَّاعة تجب بالسَّمع { ما يودُّ الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خيرٍ من ربكم } أَيْ : خيرٌ من عند ربكم . { والله يختص برحمته } يخصُّ بنبوَّته { مَنْ يشاء والله ذو الفضل العظيم } .